7 أشهر مدة ليست قصيرة، توقفت خلالها حركة السياحة الداخلية والخارجية في مصر بسبب أزمة كورونا، خسائر كبيرة تكبدتها الدولة، وشاركتها فاتورة الخسائر شركات السياحة التي عطلت رحلاتها لأجل غير مسمى، قبل محاولات إعادة الأمور إلى طبيعتها شيئًا فشيئًا، حيث بدأ تفعيل خطة التعايش التدريجي التي وضعتها الدولة، للتعامل مع الأزمة وممارسة الحياة بشكل طبيعي مع توخي الحذر حيال الفيروس.

جاءت خطة التعايش، وبدايات الفتح التدريجي لعودة الحياة مرة أخرى متزامنة مع بدء فصل الخريف، وهي فرصة جيدة لتعويض خسائر الصيف، على القطاع السياحي، وقد اتخذت مناحي الرجوع الاهتمام بأنواع معينة من السياحة، قلما تلتفت إليها الأنظار في الظروف العادية.

السياحة الثقافية

تُعد السياحة الثقافية والأثرية من أكثر أنواع السياحة التي تلقى إقبالاً في مصر، لما تتميز به المحروسة من آثار فرعونية ومتاحف، وتاريخ طويل، جعل منها منبرًا يقصده السائحون من مختلف دول العالم، ولعل أكثر أنواع الآثار التي تجذب السائحين هي الآثار الفرعونية واليونانية والرومانية، وهي التي تقدم السياحة الثقافية في مصر.

نشأت السياحة الثقافية منذ اكتشاف الآثار المصرية القديمة، وفك رموز الحروف الهيروغليفية، وقد استمرت حتى الآن، لم توقفها سوى أزمة كورونا، أما قبلها فلم تنقطع بعثات الآثار والرحالة السائحين ومؤلفي الكتب السياحية عن مصر، حيث صدرت مئات الكتب بلغات مختلفة، وكانت وسيلة لجذب السياح من كل أنحاء العالم لمشاهدة مصر وآثارها وحضاراتها القديمة، من خلال متاحفها القومية والفنية والأثرية.

انتعاش سياحي جديد

فرحة عارمة انتابت القائمين على ملف السياحة منذ عدة أيام، بعد اعتماد الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، ضوابط استئناف السياحة الثقافية في مصر.

لم يترك “العناني” الأمر مفتوحًا أمام شركات السياحة فيما يتعلق بالعودة، لكنه وضع ضوابط ألزم بها جميع الأنشطة السياحية بكافة أنواعها المرتبطة بالسياحة الثقافية بنسبة تشغيل 50% بحد أقصى من طاقتها الاستيعابية.

احتياطات وتحذيرات

ليس هذا فحسب، بل وضعت ضوابط تتعلق بوسائل النقل أيضًا سواء “الأتوبيسات” والسيارات الكهربائية، وذلك بنسب تشغيل 50% كحد أقصى من الطاقة الاستيعابية، مع ترك مقعد شاغر بجوار كل راكب، والتزام الركاب والسائقين بارتداء الكمامة طول الوقت أثناء الرحلة، مع توفير مطهرات ومعقمات الأيدي وإجراءات التنظيف والتعقيم المستمر، والتهوية الجيدة قبل وبعد كل رحلة داخل كافة وسائل النقل السياحي.

ضوابط المنشآت 

الاحتياطات وقواعد الأمان لم تختص بوسائل النقل فقط، بل شملت كذلك الأماكن الأثرية نفسها كما تضمنت التوصيات ما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية خلال توصياتها للوقاية من العدوى، بضرورة تطهير الأسطح المشتركة والأرضيات بالمتاحف ومراكز الزوار بالمناطق الأثرية يوميًا قبل فتحها للزيارة، علاوة على الالتزام بعدم تجاوز عدد المجموعة السياحية عن 25 فردًا أثناء زيارة المتاحف والمواقع الأثرية والتزام المرشدين بارتداء الكمامة أثناء الشرح بالمناطق الأثرية مع الالتزام باستخدام السماعات داخل المتاحف وتعقيم السماعات بعد كل استخدام، وقيام شركات السياحة بتوفير الكمامات للسائحين والمرافقين والسائقين، مع قياس درجة حرارة العاملين يوميًا والزائرين قبل الزيارة بالمتاحف والأماكن المغلقة علاوة على الحفاظ على المسافات الآمنة بين الأشخاص، بالإضافة إلى وضع حد أقصى لعدد الزائرين المتواجدين في نفس الوقت داخل المتاحف والمواقع غير المكشوفة بحيث يكون 100 زائر في الساعة داخل المتحف، باستثناء متحف التحرير 200 زائر، ويتم تحديد من 10 – 15 زائرًا لزيارة أي مقبرة أثرية أو هرم من الداخل حسب المساحة.

قواعد لسياحة الطلاب

في كثير من الأوقات، تنظم المدارس رحلات إلى المنشآت والأماكن الأثرية، لتعريف الطلاب بتاريخهم وجذورهم العريقة، وهو أمر وضعه المسؤولون في اعتباراتهم أيضًا، حيث تقرر إلزام رحلات المدارس والجامعات والجهات الحكومية بإخطار المواقع الأثرية والمتاحف قبل موعد الزيارة بحد أدنى 48 ساعة على ألا يزيد العدد بالرحلة عن 15 فردًا وعدم السماح بأكثر من 5 رحلات في اليوم الواحد للموقع الأثري أو المتحف الواحد، وذلك لتقليل فرص الإصابات أو نقل العدوى بفيروس كورونا.

سياحة فرنسية

من أكثر الجنسيات المحبة لقضاء العطلات في مصر، هم أصحاب الجنسية الفرنسية، فعلى الرغم من أن انتشار السياحة الروسية خلال آخر 10 سنوات، إلا أن السياحة الفرنسية ظلت محتفظة بمكانة خاصة داخل الهرم السياحي في مصر، كما يزداد تواجد السياح الفرنسيين أكثر في القاهرة، على عكس السياح الروس الذين يتردد معظمهم على شرم الشيخ والغردقة.

تسببت جائحة كورونا في تعطيل الرحلات من وإلى فرنسا، ووقف حركة السياحة بين البلدين لمدة تجاوزت 7 أشهر، لكن مع بدء الخريف تستعد مصر لاستقبال سائحين فرنسيين بداية شهر أكتوبر المقبل.

وأعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، أن السفير الفرنسي في القاهرة أبلغ وزير السياحة المصري بأن بلاده ستستأنف رحلاتها السياحية إلى المدن الشاطئية المصرية بداية من الشهر المقبل .

عروض ترويجية

جاءت قرارات الدولة بعودة السياحة لطبيعتها ولو بشكل تدريجي، في صالح شركات السياحة التي بدأت في إعداد خطط الرجوع بأقوى تخفيضات، على عكس ما هو متوقع.

يقول نبيل سعيد (مرشد سياحي)، “إن الجميع كان يتوقع رفع أسعار حجز الفنادق لتعويض الخسائر التي تكبدتها الشركات في الشهور السابقة، إلا أن ما حدث هو العكس، فهناك عروض أعلنت عنها معظم الشركات، بعضها يتعلق بمنح يوم إضافي للنزيل مجانًا، والبعض الآخر بتخفيض أسعار التنقلات للمزارات السياحية، وغيرها من العروض المختلفة، جميعها الهدف منها إحياء سوق السياحة في مصر من جديد” .