تزايدت التكهنات حول الدول التي يمكن أن تنضم إلى اتفاق إبراهيم بعد الإمارات والبحرين، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي ترامب أن 5 دول على الأقل ستنضم لاتفاق التطبيع مع إسرائيل. وتوقعت صحيفة إسرائيلية أن تنضم دولتين عربيتين إلى الاتفاق مع إسرائيل، الأسبوع المقبل.
وكشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، أن سلطنة عمان والسودان يسعيان من خلال محادثات مع الجانب الإسرائيلي إلى التوصل إلى اتفاق سلام، على غرار الإمارات والبحرين، لافتة إلى أن الخرطوم ومسقط تجريان اتصالات متقدمة مع إسرائيل لإعلان الاتفاقية الأسبوع المقبل، بدعم من الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات الإسرائيلية العمانية في تطور منذ سنوات، خاصة عندما أوفدت السلطنة ممثلاً دبلوماسيا للمشاركة في جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس عام 2016، تلاها زيارة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التقى فيها بالسلطان الراحل قابوس بن سعيد.
البرهان ونتانياهو
وقالت الصحيفة إن لقاء في الأيام القريبة، سيجمع رئيس مجلس السيادة المؤقت في السودان، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في غينيا.
فيما ذكرت قناة “أي 24” الإسرائيلية أن السودان على استعداد لإعلان التطبيع منذ وقت، ولكن كبار المسؤولين فضلو إبرام الاتفاق بعد استبدال الحكومة المؤقتة بأخرى دائمة، ما أدى إلى تراجع الإعلان حينها، مشيرةً إلى أن الخرطوم تنتظر إزالتها من القائمة السوداء الأميركية للدول التي تدعم الإرهاب.
فيما قال رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إن أمام السودانيين فرصة لرفع اسم بلادهم من قائمة الإرهاب في وقت عرضت واشنطن في السابق بالتعاون مع أبو ظبي وتل أبيب، مساعدات مالية على الخرطوم مقابل تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
وفي كلمته خلال أعمال المؤتمر الاقتصادي القومي الذي انعقد أمس السبت بالخرطوم، شدد البرهان على أهمية اغتنام هذه الفرصة لإصلاح النظام الاقتصادي وخروج البلاد من الأزمات التي تمر بها.
نقاش مجتمعى
من جانبه قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إن مسألة التطبيع مع إسرائيل تتطلب نقاشا وتشاورا مجتمعيا عميقا بشأنها. وذكر حمدوك أنه طلب من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الفصل بين مسار شطب اسم السودان من لائحة الإرهاب ومسار التطبيع مع إسرائيل، كونه يتضمن تعقيدات كثيرة.
مفاوضات غير مباشرة
ونقلت صحيفة أخبار السودان عن مسؤول سوداني رفيع قوله إن مفاوضات غير مباشرة جرت بين الحكومة السودانية ومسؤول إسرائيلي في أبوظبي أثناء المفاوضات بين الوفدين السوداني والأمريكي التي جرت الأسبوع الماضي، فيما تشهد الساحة السياسية السودانية استقطاباً حاداً بين مؤيدي التطبيع مع إسرائيل والرافضين له، داخل التحالف الحاكم في السودان تحت مظلة «قوى إعلان الحرية والتغيير».
وبحث رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان ووفد وزاري مع فريق أمريكي مسألة حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقضية السلام مع إسرائيل، الأسبوع الماضي في دولة الإمارات العربية المتحدة لثلاثة أيام.
وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن التفاوض مع المسؤولين الإسرائيليين، تم عبر الوفد الأمريكي الذي نقل بدوره التفاصيل للجانبين الإسرائيلي والسوداني، وأضاف: «الوفد الوزاري الذي قاد المفاوضات، لم يصل لنتائج نهائية بشأن حذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، وأن النقاش بشأن القضيتين مستمر ولن يتوقف».
وأوضح المصدر أن رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، كان مطلعاً على كل التفاصيل المتعلقة بالتفاوض مع الجانب الأمريكي والحوار مع إسرائيل، وأنه أشرف بنفسه على ترتيب اجتماع سفر الوفد الحكومي بقيادة وزير العدل نصر الدين عبد الباري.
وأصدر مجلس السيادة الانتقالي عقب عودة البرهان، بيانا أكد بحث مستقبل السلام العربي الإسرائيلي، ودور السودان في سبيل تحقيق هذا السلام، وتأكيد السودان على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وفقا لرؤية حل الدولتين. وقال المتحدث باسم الحكومة وزير الإعلام فيصل محمد صالح أثناء انعقاد المشاورات، إن الوفد الوزاري إلى أبوظبي لا يحمل تفويضاً لبحث العلاقة مع إسرائيل، وإن تفويضه يقتصر على التفاوض مع الجانب الأمريكي في إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب.
خلافات داخلية
ومنذ بدء مفاوضات أبوظبي أصبحت قضية التطبيع مع إسرائيل هي الأجندة المتداولة في أروقة السياسة السودانية، بين المؤيدين للتطبيع والمعارضين له، وقال مقرر المجلس المركزي للتحالف الحاكم – الحرية والتغيير – كمال بولاد، إن المجلس سيطلب اجتماعاً ثلاثياً يضم مجلسي السيادة والوزراء، لبحث تفاصيل المفاوضات مع الإدارة الأمريكية، وتفسير ما يتم تداوله على نطاق واسع بخصوص العلاقات مع إسرائيل.
وتمسك “بولاد” بموقف تحالفه والموقف الذي أعلنه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بـ«أن الحكومة الانتقالية غير مفوضة للبت في قضية تطبيع العلاقات مع إسرائيل»، وهو الموقف الذي تم إبلاغ وزير الخارجية الأمريكي به خلال زيارته الخرطوم أغسطس (آب) الماضي.
وحذر “بولاد” السلطة الانتقالية من مغبة المضي قدما في التطبيع دون توافق، ومن إحداث مشكلة تجتاح المشهد السياسي في البلاد، قد تؤدي لاصطفاف جديد للقوى السياسية داخل التحالف الحاكم، فيما ذكرت مصادر قيادية في التحالف الحاكم، تعامل الوفد الحكومي مع الوفد الأمريكي بمنطق «براغماتي نفعي» لا يرتكز على رؤية واضحة للسياسة الخارجية للبلاد.
ترامب والتطبيع
وذكرت مصادر رفيعة، أن المكون العسكري في مجلس السيادة، يواصل التحركات وسط القوى السياسية لإقناعها بمساندته لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وقالت: «لن يتوقف عن تحركاته للإقناع بالتطبيع»، وهو ما أشار إليه القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف بما سماه قنوات «تواصل سرية» بين المكون العسكري في السلطة الانتقالية وإسرائيل، مستمرة منذ لقاء البرهان ونتنياهو في عنتيبي فبراير (شباط) الماضي.
وأوضح “خلف” أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدفع السودان نحو التطبيع، إنفاذا لخطة محددة وبوتيرة متسارعة، وأضاف: «بالنظر لكل الاتفاقيات التي عقدتها إسرائيل مع الدول العربية، لا توجد مصلحة للسودان في تكرار تجارب التطبيع الفاشلة»، وتابع: «القوى السياسية داخل التحالف الحاكم توصلت لموقف توافقي، بأن الحكومة الانتقالية ليست مختصة بإقامة علاقات مع إسرائيل باعتبارها قضية مصيرية، تترك لحكومة منتخبة».
وتوعد خلف الله بأن يعمل حزبه على إجهاض ما سماه «أي مشروع لتصفية القضية الفلسطينية»، وعلى محاصرة قوى التطبيع والاستسلام داخل السلطة والمكون العسكري وفي أوساط النخب التي تعمل على بناء علاقات مع إسرائيل. وحذر خلف الله من حدوث انقسام داخل الحكومة الانتقالية.
حال اتخاذ خطوة باتجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وقال: «أي خطوة تتخذ ستكرس للانقسام داخل السلطة، وتهدد الفترة الانتقالية والاستقرار في البلاد». ولم يقف حزب الأمة القومي بعيداً يشاهد، بل أعلن رفضه للتطبيع مع إسرائيل، وقال رئيس مكتبه السياسي محمد المهدي الحسن، إن نقاشا طويلا دار بشأن التطبيع داخل مؤسسات الحكومة، بما في ذلك مفاوضات أبو ظبي، دون إعلان رأي للرأي العام.
وأشار الحسن إلى قيادات ومجموعات داخل حزبه تدعو لإعادة النظر حول موقف الحزب من التطبيع، بيد أنه تابع: «إلى أن يحدث ذلك، يظل موقف الحزب، ما عبر عنه رئيسه الصادق المهدي برفض التطبيع مع إسرائيل». ولا يوافق الحزب الشيوعي السوداني على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو الموقف الذي أبدته المتحدثة الرسمية باسمه آمال الزين لـ«الشرق الأوسط»، بأن موقف حزبها المبدئي، يقوم على رفضه لقهر الشعوب وقمعها واحتلال أراضيها، وتابعت: «إننا نرفض ما يتم الآن من انسياق خلف سياسات بعض المحاور، من تطبيع مع دولة الكيان الصهيوني، من خلف ظهر الشعب السوداني».
وأضافت الزين: «نرفض صفقة القرن، والتي كانت مقدمتها إشاعة الفوضى في المنطقة وإشعال الحروب، وندعو حكومة الثورة لاتخاذ موقف واضح وصريح مما يقوم به الشق العسكري في مجلس السيادة، واتخاذ سياسة خارجية قائمة على استقلال القرار السياسي، والبعد عن المحاور، وإلاّ تكن ضالعة فيما يجري أو متواطئة معه على الأقل».
جمعية الصداقة الشعبية السودانية الإسرائيلية
وفى الوقت نفسه، اتهمت اللجنة التمهيدية لجمعية الصداقة الشعبية السودانية الإسرائيلية مجلس الوزراء بالتضييق عليها وتندد بالإجراءات التعسفية لوقف مؤتمر صحفي أعدته، وقالت في بيانها سعت جمعية الصداقة السودانية الإسرائيلية منذ خمسة أشهر لتقنين أوضاعها بتقديم طلب تسجيل لدي مجلس الصداقة الشعبية العالمية، الجهة المخولة لتسجيل الصداقة بين الشعوب بالبلاد، وتم استلام الطلب، وأفد المجلس بأنه تم رفع الأمر لمجلس الوزراء لحساسية الأمر، دون رد حتى الآن.
وتنادت جمعية الصداقة السودانية الإسرائيلية خلاله بداية انطلاق العمل الفعلي.. وقبل انطلاق المؤتمر بـ 24 ساعة تم وضع العديد من العراقيل… ونرفض تلك الإجراءات” التعسفية” ونعلن بأننا مستمرون في مد جذور التواصل مع الشعب الإسرائيلي.