عانت السكك الحديدية على مستوى العالم من تداعيات فيروس كورونا المستجد خلال النصف الأول من العام الجاري، لكنها لم تلجأ إلى تعويض خسائرها عبر رفع أسعار خدماتها، تحاشيًا لإلحاق الضرر بالطبقات الفقيرة، كما أن قطاعات عدة تأثرت بتبعات الجائحة الاقتصادية، باستثناء هيئة سكك حديد مصر.
لا خسائر
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كشف أن إيرادات السكك الحديدية بمصر، والتي لم تفرض إغلاقا كليًا، لم تتجاوز خلال يوليو الماضي 181 مليون جنيه، مقابل 234.4 مليون جنيه في الفترة ذاتها عام 2019، لكنها لم تسجل أي خسائر مثل العالم كله.
وتعتبر سكك حديد مصر، وهي ثاني أقدم خط في العالم، من الهيئات الأقل تأثرًا بين نظيراتها عالميًا، لكنها لجأت إلى الخيار الصعب، برفع أسعار التذاكر على كثير من الدرجات، سواء المكيفة أو العادية (المميزة، المطورة(.
آثار الجائحة
في فرنسا، قالت الشركة الوطنية لسكك الحديد (إس إن سي إف)، إنها خسرت ملياري يورو (2.2 مليار دولار) حتى الآن جراء أزمة فيروس كورونا (كوفيد-19)، وتوقعت اللجوء إلى خفض الوظائف والمساعدة الحكومية.
كما خسرت الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية بالجزائر مليار درهم جزائرى. أى ما يقدر بـ50 بالمائة من رقم أعمال الشركة مقارنة بنفس الفترة من 2019.
كما سجلت سكك حديد سويسرا خسائر تقدر بـ528 مليون دولار، كذلك في الصين خسرت السكك الحديد 17 مليار دولار.
عودة لسكك حديد مصر
وتقول هيئة السكك الحديدية بمصر، إنها تتكبد مصاريف تشغيلية تصل إلى 8 مليارات جنيه، بينما لم تزيد إيراداتها عن 47 مليارات، لكن خبراء يقولون إن القياس لا يجب أن يكون على إيرادات التشغيل فقط، ولكن المركز المالي ككل.
تمتلك السكك الحديدية، كنزًا كبيرًا لتعويض خسائرها المرحلة، يتمثل في الخردة التي لا يتم استغلالها بكفاءة، فعلي طول خط “القاهرة ــ الإسكندرية”، تتناثر القضبان الحديدية ظاهرة للعيان، أو مطمورة جزئيًا في الأرض.
وفي محطات الوجه البحري، تحولت تلال من قطع الغيار لأكوام من التراب، بفعل عوامل التعرية والتقادم وعدم الاستخدام، بينما أظهرت توسعات طريق “مصر- الإسكندرية” الزراعي عن مساحات طولية من القضبان مغطاة تحت الأرض منذ سنوات، وتآكلت مع الزمن.
وباعت السكة الحديد 60 طنًا من الخردة في 2019 وحققت نحو 340 مليون جنيه، ويتم تصنيف الخردة لعدة فئات طبقًا لجودتها ما بين 3000 و5500 جنيه للطن.
ويطالب خبراء بأن يشهد ملف “التكهين” في السكك الحديدية الاستعانة بخبراء من خارج الهيئة بسبب الخلط بين الخردة والكهنة، فالأولى تتضمن مكونات قابلة للاستغلال مثل القطع الصغيرة، والثانية لا يجوز الاستفادة منها على الإطلاق بوجهها الحالي من أجل تعزيز الاستفادة من الموارد المتاحة بالهيئة.
شركة لنقل البضائع
كذلك فإن قطاع نقل البضائع يجب أن يشهد اهتماما كبيرًا، فالقطارات كانت تنقل 12 مليون طن سنويًا عام 2000 تراجعت إلى 3 ملايين حاليًا، ويمثل نقل البضائع 21% من الإيرادات رغم أن حصته لا تتجاوز 4% فقط من إجمالي الحركة.
وأعلنت وزارة النقل عن دراسة لإنشاء شركة لنقل البضائع بالسكك الحديدية، تهدف إلى تحويل قطاع نقل البضائع الحالي بالهيئة إلى شركة مستقلة تجاريًا عن السكة الحديد، مع دراسة بدائل ملكية وإدارة الشركة، على أن يتم اختيار البديل الأمثل وفق أسس اقتصادية واضحة، لكن الملف لم يتحرك حتى الآن.
وقررت الهيئة مؤخرًا، استحداث درجة جديدة تسمى “ثانية محسنة” تعادل سعر تذكرتها سعر قطارات الدرجة الثانية المميزة مع إضافة زيادة قدرها 150%.
وزادت أسعار تذاكر الدرجة الأولى في قطارات “VIP” بنسبة 25%، والدرجة الثانية 40%، بينما زادت الدرجة الأولى في القطارات الإسباني والفرنساوي بنسبة 30% والدرجة الثانية بنسبة 83%، أما بالنسبة للقطارات المطورة والمميزة ارتفعت بنسبة 150%.
أعباء متزايدة
ويقول “علاء محمد”، الذي يسافر للقاهرة بصورة شبه يومية، “إنه يدفع تذكرة قطار من المنوفية وبعدها مترو الأنفاق والأعباء تتزايد باستمرار عليه دون تعويضها من الراتب بحجة الخسائر وفي الوقت ذاته يتم زيادة رواتب العاملين بها”.
ويبلغ المتوسط الشهري لمفردات راتب شاغلي الدرجات الفنية في السكة الحديد بما فيهم سائقو القطارات والكمسارية ونظار المحطات بعد استقطاع التأمينات كالتالي: 15.323 ألف جنيه للدرجة الأولى و13.651 للدرجة الثانية و11.013 للدرجة الثالثة و9.418 ألف جنيه للدرجة الرابعة.
زيادة دخل الموظفين
كما اتخذت هيئة السكك الحديدية، أخيرًا، قرارا برفع مرتبات العاملين بشكل غير مباشر، عن طريق رفع نسبة المحصلين (الكمسارية) من غرامات الركوب دون تذكرة أو التدخين داخل القطارات إلى 40% من عائد الغرامة، وأصبحت غرامة التدخين في القطارات 70 جنيًها حال التدخين في القطار، بينما تبلغ غرامة الركوب في القطارات العادية دون تذكرة 20 جنيهًا، والمكيفة 30.
ويشي جدول قطارات السكك الحديدية بغياب التخطيط الجيد، لموعد الرحلات التي تخرج إليها بعض القطارات من الفئة ذاتها والوجهة النهائية نفسها بفارق يصل أحيانًا إلى ربع ساعة فقط، ووجود فجوات زمنية بلا أي رحلات تصل إلى 8 ساعات.