في خطوة جديدة نحو سد الفجوة النوعية والمساواة بين الجنسين، أقدمت دولة الإمارات على اتخاذ قرار يعد الأول من نوعه في عالمنا العربي، إذ أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مرسومًا قانونيًا يقضي بالمساواة في الأجور بين الرجل والمرأة في أماكن العمل.
ودخل أمس الجمعة المرسوم بقانون اتحادي رقم 6 لسنة 2020 حيز التنفيذ، والخاص بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي بشأن تنظيم علاقات العمل، و الذي ينص على مساواة أجور النساء بالرجال في القطاع الخاص، ووفقًا للمرسوم فإن المادة المعدلة تدعم هدف تعزيز المساواة بين الجنسين في الأجور والرواتب في القطاع الخاص وتنص على الآتي:” تمنح المرأة الأجر المماثل لأجر الرجل إذا كانت تقوم بذات العمل، أو آخر ذي قيمة متساوية، وتصدر بقرار من مجلس الوزراء -بناءً على اقتراح من وزير الموارد البشرية والتوطين -الإجراءات والضوابط والمعايير اللازمة لتقييم العمل ذي القيمة المتساوية”.
وتعد الفجوة في الأجور بين الرجل والمرأة، من أكثر الملفات الشائكة في الكثير من الدول سواء العربية أو الغربية، إذ أكدت تقارير عدة أن الرجال يحصلون على أجر أعلى من النساء في أماكن العمل بالرغم من التساوي في المهام المطلوبة.
عن المساواة في الأجور
عرفت مساواة الأجور بين النساء والرجال للمرة الأولى عام 1919، إذ أقرته منظمة العمل الدولية في دستورها كركيزة أساسية للعدالة الاجتماعية.
وفي عام 1951 شهد الاتفاقية رقم 100، أول اتفاقية حول المساواة في الأجور اعتُمدت عقب الحرب العالمية الثانية، بعدما تزايد النساء في أماكن العمل وبدأوا يتبوأن مناصب عدة خلال الحرب.
ووقعت على هذه الاتفاقية معظم الدول العربية الأعضاء باستثناء البحرين، والكويت، وعمان، وقطر. أما الاتفاقية الرقم 111 الصادرة عام 1958 فقد “حظرت أي تفريق أو استبعاد أو تفضيل يقوم عل عدة أسس منها الجنس”، و أقرها أكثر من 90% من الدول الأعضاء في المنظمة.
وطبقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الصادر عام 2018- جاءت دول عربية عدة في المؤخرة من حيث الفارق في تولي مناصب إدارية، ومنها: سوريا، ولبنان، والجزائر، ومصر، والمملكة العربية السعودية، واليمن، حيث الفجوة تبلغ 90٪ أو أكثر.
كما أشار تقرير المنتدى أنه وفقًا لمعدل التغيير الحالي، فإن الأمر سوف يستغرق 108 سنوات لسد الفجوة الإجمالية بين الجنسين، و202 عامًا لتحقيق التكافؤ في مكان العمل.
وصنف تقرير الفجوة بين الجنسين العالمي السنوي لعام 2019، وتصدرت الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية من حيث المساواة بين الجنسين، لتليها الكويت، وتونس.
وحلل التقرير 153 دولة في تقدمها نحو المساواة بين الجنسين، إذ ركز على 4 محاور رئيسية هي المشاركة الاقتصادية، والتحصيل التعليمي، والصحة والاستمرارية، والتمكين السياسي.
فجوة الأجور في مصر والبوابات الخلفية
وفقاً لآخر إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، سجلت نسبة الإناث المشتغلات- 15 سنة فأكثر- نحو 18.2% مقابل الذكور 81.8%، بينما بلغت نسبة الإناث اللاتي يعملن عملاً دائمًا 89.3% مقابل 67.1 % للذكور.
وفي الوقت الذي بلغت فيه نسبة البطالة بين الذكور 6.8% من إجمالي قوة العمل، بلغت البطالة بين الإناث 21.4%.
وكان التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين عام 2013 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، أشار إلى أن النساء تتقاضي 77% من راتب الرجال في مصر.
وجاءت مصر في المركز 134 على المستوى العالمي في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2019.
وعن هذا التفاوت، علقت المحامية نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، قائلة: “إن هناك بعض البوابات الخلفية التي يستخدمها أصحاب الشركات فالرواتب الأساسية تصرف كما هي وبالنسبة للرجال تصرف البدلات والمكافآت والعلاوات، وبالتالي يصبح أجر الذكر أكبر من المتفق عليه الأساسي ولكن بطريقة غير أساسية.
يذكر أن المادتين الـ 9 و 53 من الدستور المصري أكدا على تكافؤ الفرص بين المصريين دون تمييز، وأن المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم”.
كما نصت المادة 161 مكرر من قانون العقوبات المصري على أن” يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بعمل أو بالامتناع عن عمل يكون من شأنه أحداث التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو….”.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر والغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تتجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
محاولات لسد الفجوة الأجور في مصر
في 18 سبتمبر الماضي، أعلنت منظمة العمل الدولية، عن تنظيم التحالف الدولي للمساواة في الأجور، لتبادل الأفكار حول كيفية مكافحة التمييز على أساس النوع الاجتماعي، والالتزام بمزيد من الإجراءات لتحقيق المساواة في الأجر عن العمل ذي القيمة المتساوية، وكانت مصر قد انضمت إلى التحالف الدولي للمساواة في الأجور في بداية عام 2020، على أمل الانهاء على التمييز في الأجور بين الجنسين خلال السنوات القادمة.
وفي يوليو من العام الجاري، أطلقت مصر برنامج “محفز سد الفجوة بين الجنسين” لدعم مشاركة المرأة في الاقتصاد وجرى تصميم البرنامج لتحديد الفجوات الاقتصادية الرئيسية بين الجنسين، وتطوير مساهمات القطاعين الحكومي والخاص لتقليص هذه الفجوات، وإلزام الأطراف ذات الصلة من القطاعين الحكومي والخاص بخطة عمل مدتها 3 سنوات.
الأمر الذي رأته رئيس المجلس القومي للمرأة مايا مرسي، بأنه يأتي في إطار التمكين الاقتصادي للمرأة وفقا لاستراتيجية 2030، موضحةً أن إطلاق المحفز سيعمل على تعزيز الفرص الاقتصادية للنساء لتمكينهن من التعافي من جائحة “كوفيد-19”.