أن يعاني طفلك من مرض عقلي ربما يكون بإمكانك التعامل مع ذلك، لكنّ أن يكون مصابًا بالتخلف العقلي ومعرض للجوع لساعات طوال هذا ما يمكن وصفه بـ”العقاب الأبدي”، وهو ما ينطبق على مرضى “التمثيل الغذائي”، أو ما يٌعرف بمرضى “P.K.U”، فما هو ذلك المرض الذى أنهك عائلات بعض الأطفال المصريين.

مرض التمثيل الغذائي

يطلق عليه “P.K.U” وهو اختصار لكلمة Phenylketonuria أي المرض المتعلق بالتمثيل الغذائي، وهو أحد الأمراض الوراثية العضوية، والإصابة به نادرة عالميًا.

يحتوي الجسم الطبيعي على إنزيمات تعمل على تكسير البروتينات التي تدخل الجسم، ومن ثم تحتفظ للجسم بالجزء النافع منها وتطرد ما هو ضار، إلا أن في حالة المريض يعاني من قلة أو انعدام تلك الإنزيمات، وبالتالي فإن الجسم يحتفظ بالبروتينات النافعة والضارة ما يؤثر على الشخص فيجعله مصاب بفرط الحركة وتشتت نتباه، ومن ثم فإنه يصاب بالتأخر والتشوه العقلي.

يطلق عليه “P.K.U” وهو اختصار لكلمة Phenylketonuria أي المرض المتعلق بالتمثيل الغذائي، وهو أحد الأمراض الوراثية العضوية، والإصابة به نادرة عالميًا.

والتشخيص المرضي لمصابين بهذا الداء يعتبر عجز الجسم عن تكسير البروتينات والاستفادة منها والتي تعد الأهم لبناء أجساد الأطفال لتقوية بنيانهم وإمدادهم بالطاقة، إذ تتكون البروتينات من عدة مواد أبرزها “P.K.U”، و”التايروسين”، وتنخفض نسبة الأولى وترتفع الثانية، ما يجعل الجسد أنشط وقادر على الاستعياب.

لكن عند الإصابة بالمرض يحدث العكس ترتفع المواد الأولى بالجسم وتنخفض الثانية، ما يحدث خللًا في الجهاز الحركي للأطفال ويؤثر على وظائف المخ ومن ثم التاخر العقلي، ويتطور الأمر لتؤدي تلك البروتينات لإنهاء حياة المصاب.

مرضي الـpku

أسبابه

تراوح شد المرض من ضعيفة إلى متوسطة أو شديدة الخطورة، بحسب نسبة الإنزيم في الجسد فكلما قلت زاد خاطر المرض وأصبح فتاكًا، وعادة ما ينتج عن زواج الأقرباء، لذلك ينصح الأطباء العائلات التي يكون أحد أبناءها مصاب بنقص هذا النوع من الإنزيمات بتجنب الزواج من نفس العائلة إلا عقب إجراء فحوصات دقيقة، لضمان عدم توريث الأطفال ذلك المرض.

وفي بعض الحالات تصاب الأجنه بسبب إصابة الأم أو الأب وهو ما يطلق عليه علميًا بـ”الجين الوراثي المتنحي”، وقد ينقل المرض للطفل دون أن تبدو أي أعراض على والديه، ولكنهما يكونا حاملين للمرض دون علم، وهنا تكون نسبة إصابة الطفل 25%.

الأعراض المصاحبة للمرض

تتنوع الفئات المصابة بالمرض لثلاث درجات بسيطة ومتوسط وشديدة، وتعد الفئة الأخيرة هي الأعلى والأكثر انتشارًا ويصاب بها ما يقرب من 7 آلاف شخص سنويًا، وقد تزيد إلى 7500 شخص.
وتظهر أعراض المرض في سنّ مبكرة، لذلك تقوم الدول المتقدمة بفحص دموي في كعب الأطفال المولودين حديثًا، للتأكد من صحة المولود وعدم إصابته بهذا النوع من المرض، مع مراعاة رضاعة الطفل من الام للتأكيد خلوه من الأعراض، ليكتشفوا إصابته قبل تدهور الحالة وظهور المستوى الأعلى من الأعراض عليه.

مرضي الـpku

وتشير الدراسات إلى أعراض المرض تبدأ بالظهور بعد بلوغ الطفل 14 يومًا.

المعاناة الحقيقة للعائلة تبدأ عندما يتأخر اكتشاف المرض فتظهر التشنجات على الأطفال لدرجة عدم القدرة على السيطرة عليهم وكذلك صغر حجم رأس الطفل وفرط الحركة وتأخر الكلام، ما يؤدي في نهاية المطاف لتأخر النمو العقلي وضعف القدرات الذهنية، ألمح الباحثون إلى صعوبة القضاء على هذا المرض إلا بالقضاء على زواج الأقرباء، وهو ما يعد أمرًا مستحيًلا.

 

 

 

يتميز المصابين بهذا المرض هؤلاء بلون البشرة والشعر الفاتح، وكذلك وجود رائحة معينة لجلودهم نتيجة لتراكم كميات كبيرة من حمض “الفينايل-الانين”، بسبب نقص بعض أنواع الأصباغ.

 

ندرة العلاج

رغم التقدم الطبي والعلمي لم يتسطع الخبراء الوصول لعلاج جذري يغير من حالة المريض كليًا، إلا أنهم وجدوا بعض الطرق التي من شأنها تقليل نسبة مخاطر هذا المرض وعدم وصولها لمستويات متقدمة، وتجنيب الأطفال الإصابة بالتخلف العقلي ومن ثم الإعاقة الجسدية والعقلية، ولهذا فإن الحمية الغذائية التي تتضمن تركيبات غذائية خاصة هي الأمل الأوحد لنجدة هؤلاء المرضى رغم ندرتها.

يمنع عن مرضي الـ PKU تناول اللحوم والخبز والبيض والمعجنات بأنواعها وجميع البقوليات والحلوى، لمنع زيادة نسبة البروتين في أجسادهم، إلا أن ما يمكنهم تناوله هو نوع وحيد من القمح والحليب الخالي من حمض “الفينيل-الأنيين”.

يقول الخبراء: لا يمكن للأدوية التي يتناولها المريض إن يتوقف عنها ولا يمكنها في الوقت ذاته أن تعالجه كليًا، ولكنها تمنع تأخر حالته وتعجله شخص أقرب للأسوياء مع الحفاظ على تناول حميته الغذائية دون غيرها، وإن خالف المريض تلك الإجراءات العلاجية الصارمة فإنه يكون عرضه للإصابات بالتشنجات التي لا يمكن السيطرة عليها.

المرضى في مصر

رغم الجهود الحكومية المصرية، لا تزال عائلات الأطفال المصابين بـPKU  بحاجة إلى دعم كبير إذ تعاني الأسواق المصرية ندرة نوع القمح والألبان المناسبة لهؤلاء الاطفال وارتفاع سعرها، وهي الغذاء الوحيد الذي يمكنهم تناوله.

مخبز بقنا مخصص لمرضى الـpku

وتعمل الحكومة على صرف كميات من الألبان والقمح للمرضى، حتى لا يصبهم تدور حالتهم الصحية في الوقت الذي تتوافر فيه ما يقرب من 10 مخابز فقط، يمكنها إنتاج هذا النوع من القمح على مستوى الجمهورية.

وبهذا الصدد وقعت مديرات الصحة والتموين والتضامن بروتوكلاً موسعًا مع المكتب الفني بمديرية الصحة وعضوية لجنة الرقابة والمتابعة، ونخبة من الأطباء لتوفير كميات مناسبة من القمح والألبان للأطفال بمحافظة قنا التي تضم نحو 250 مصابًا، في الوقت الذي تشير فيه الإحصاءات لزيادة عدد المصابين، حسبما ذكر مركز الإرشاد الوراثي.

في مصر يوجد ما يقرب من 10 مخابز فقط لإنتاج الخبز الذي يتغذى عليه مرضى الـPKU

وتعمل منظمات المجتمع المدني ووزارة الصحة والسكان بالتعاون مع عائلات المصابين على توفير أكبر قدر ممكن من الأقماح بأسعار زهيدة، ما أسفر عن افتتاح مخبز قنا الذي يخدم أقليم الصعيد بأكمله، بهدف خلق أطفال أسوياء، لتجنب وصول هؤلاء الأطفال لمرحلة التأخر العقلي.