أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس الأحد، أن حركة أمل وحزب الله سبب تعثر تشكيل الحكومة اللبنانية، مؤكدا أن لا حزب الله ولا حركة أمل يريدان التسوية في لبنان.

واعتبر ماكرون أنه على حزب الله “ألا يعتقد أنه أقوى مما هو”، وفي كلمة بشأن الوضع في لبنان، قال إن حزب الله لا يمكن أن يستمر كميليشيات مسلحة وحزب سياسي، مشيرا إلى أن حزب الله يجب أن ينهي دوره العسكري في سوريا. وأكد الرئيس الفرنسي أن ميليشيات حزب الله هي من تقرر كل شيء في لبنان.

واتهم الرئيس الفرنسي الطبقة السياسية اللبنانية بأنها “قررت خيانة” تعهداتها بتشكيل حكومة جديدة، وتخلت عن التزاماتها من أجل مصالحها الشخصية.

وكانت الحكومة اللبنانية السابقة استقالت عقب الانفجار الذي وقع في ميناء بيروت في 4 أغسطس/آب الماضي، وأودى بحياة أكثر من 190 شخصا وأدى إلى جرح الآلاف ودمر مناطق بأكملها في العاصمة.

وكان مصطفى أديب قد كلف بتشكيل الحكومة بعد الانفجار، وكان يحاول تشكيل حكومة للتعامل مع الأزمة المالية الخانقة التي يعيشها لبنان.

واعتذر “أديب”، أول أمس السبت، عن مهمته في تشكيل حكومة جديدة بعد أن قضى أسابيع في محاولة إقناع الأطراف السياسية بالموافقة على اختياراته وسط المطالبات الشعبية بتحقيق إصلاحات سياسية.

ومنذ تكليف أديب تشكيل الحكومة، سعى إلى تشكيل حكومة اختصاصيين قادرة على إقرار الإصلاحات الضرورية. واصطدمت جهوده خصوصا بإصرار الثنائي الشيعي ممثلا بحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، على تسمية وزرائهما والتمسّك بحقيبة المال.

ووصل تشكيل الحكومة إلى طريق مسدود بسبب مطالبة الجماعتين الشيعيين الرئيسيتين، حركة أمل وحزب الله، بتسمية عدد من المناصب في الحكومة منها حقيبة المالية، وهو منصب كان يشغله شيعي.

وعقد أديب عدة اجتماعات مع سياسيين شيعة بارزين لكنه أخفق في التوصل لتوافق حول كيفية اختيار وزير المالية. وقال سياسيون إن القيادات الشيعية خشيت من التهميش مع سعي أديب لإحداث تغيير في التعيينات الوزارية، والتي ظل بعضها حكرا على نفس الطائفة لسنوات.

تفكيك التركيبة السياسية

ويحاول “ماكرون” تفكيك التركيبة السياسية التي كونها اتفاق الطائف في الثمانينيات القائم على الطائفية والعودة إلى المواطنة لتشكيل حكومة جديدة في لبنان الذي يعاني من العديد من الأزمات الاقتصادية منذ فترة والتي أدت إل استقالة أكثر من حكومة لعجزها عن إدارة شئون البلاد، مما أدى إلى توقف المساعدات والمنح الأجنبية إلى لبنان، وسحب البنك الدولي تمويل بعض المشروعات، كما يشترط صندوق النقد الدولي معالجة الفساد والعديد من الاشتراطات للموافقة على قرض جديد لبدء عملية إصلاح اقتصادي في لبنان ، وسط ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في الدولة المعتمدة على السياحة وتحويلات العاملين في الخارج.

ماكرون قال في المؤتمر الصحفي أن فرض عقوبات على من عرقلوا تشكيل الحكومة في لبنان لن تكون مجدية، مضيفاً “العقوبات لا تبدو أداة جيدة على الأرجح في هذه المرحلة لكننا لا نستثنيها في المشاورات مع الآخرين في مرحلة ما”.

وقال إن “المرحلة الجديدة التي ندخلها ليست خطيرة بالنسبة للبنان فقط ولكن لبقية المنطقة”، مبيناً “ضاع شهر والمخاطر تزعزع استقرار المنطقة حاليا” مطالباً بإعلان نتيجة التحقيق في أسباب انفجار مرفأ بيروت. وتابع: “الحريري كان مخطئا بإضافة عنصر طائفي إلى تشكيل الحكومة”.

كما قال أيضاً “أراد البعض تعزيز قوة معسكرهم وليس قوة لبنان بجعل تشكيل الحكومة قضية طائفية”. وأوضح أن خارطة الطريق الفرنسية هي الخيار الوحيد المتاح ولا تزال مطروحة، مضيفاً “سننظم بنهاية أكتوبر مع الأمم المتحدة مؤتمرا جديدا لحشد الدعم للبنان”.

“خلال 20 يوما سنعقد اجتماعا مع مجموعة الاتصال الدولية للبنان لبحث الخطوات التالية”، مؤكدا أن فرنسا لن تتخلى عن الشعب اللبناني.

وقال ماكرون أنه لا دليل على أن إيران لعبت دورا في منع تشكيل الحكومة اللبنانية، مؤكدا ضرورة توضيح حزب الله لموقفه لأنه “لا يسعه أن يكون ميليشيا وقوة سياسية” في نفس الوقت.

وقال إنه “يخجل” مما يقوم به القادة اللبنانيون بعد فشلهم في تشكيل حكومة مهمة في إطار مبادرة أطلقها رغم أنهم تعهدوا القيام بذلك في أول أيلول/سبتمبر. وندد ماكرون بـ “نظام من الفساد يتمسك فيه الجميع لأن الجميع يستفيدون منه”، مضيفا: “اليوم، يقوم بضع عشرات من الأشخاص بإسقاط بلاد”.

وقال ماكرون إن “خارطة الطريق التي أعلنت في الأول من أيلول/سبتمبر باقية، وإنها المبادرة الوحيدة التي اتخذت على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، ولم يتم سحبها من الطاولة ولكن على المسؤولين اللبنانيين أن ينتهزوا هم هذه الفرصة الأخيرة”.

ووفقا للدستور، يتعين على الرئيس اللبناني إجراء مشاورات برلمانية ملزمة جديدة، لتكليف رئيس وزراء جديد من أجل تشكيل الحكومة. لكن هذه العملية مهددة مرة أخرى بالتأجيل والتأخير وربما الفشل مُجددا.