يمر اليوم عشرون عاما على الانتفاضة الفلسطينية الثانية “انتفاضة الأقصى” وسط تسارع عمليات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل رعاية أمريكية في إطار صفقة القرن، حيت وقعت كل من الإمارات والبحرين اتفاق سلام مع إسرائيل، وسط تصريحات إسرائيلية وأمريكية بأن 5 دول أخري تستعد لتوقيع اتفاق سلام قبل بدء الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل.

ورغم الرفض الفلسطيني لصفقة القرن باعتبارها تصفية للقضية الفلسطينية غير أن قطار التطبيع يسير بخطى متسارعة، الأمر الذي يعرض القضية الفلسطينية للخطر.

اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية في 28 سبتمبر 2000، عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق “أرئيل شارون”، المسجد الأقصى، برفقة قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي.

وتجول شارون آنذاك في ساحات الأقصى، وقال إنّ “الحرم القدسي” سيبقى منطقة إسرائيلية، مما أثار استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين والجنود الإسرائيليين، وسقط 7 قتلى وجُرح 250 آخرون، كما وأُصيب 13 جنديا إسرائيليا.

وشهدت مدينة القدس مواجهات عنيفة، أسفرت عن إصابة العشرات، وسرعان ما امتدت إلى كافة المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسميت بـ “انتفاضة الأقصى”.

ويعتبر الطفل الفلسطيني “محمد الدرة”، رمزًا للانتفاضة الثانية، فبعد يومين من اقتحام المسجد الأقصى، وأثار إعدام الجيش الإسرائيلي للطفل الدرة، مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، ما دفعهم بالخروج في مظاهرات غاضبة، ووقوع مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات منهم.

وبحسب أرقام فلسطينية وإسرائيلية رسمية، فقد أسفرت الانتفاضة الثانية عن مقتل 4412 فلسطينيًا و48322 جريحًا، فيما قتل 1069 إسرائيليًا وجرح 4500 آخرون.

انتفاضة الحجارة

وكانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى “انتفاضة الحجارة” قد اندلعت في 8 ديسمبر 1987، في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، ثمّ انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيّمات فلسطين. بعدما قام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمّال الفلسطينيّين على حاجز بيت حانون “إيريز” شمال القطاع.

وهدأت الانتفاضة في العام 1991، وتوقفت نهائياً مع توقيع اتفاقية “أوسلو” بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.

ردود الفعل العربية

وتفاعل الشارع العربي مع انتفاضة الأقصى، وخرجت المظاهرات في دول لم تكن تسمح بالتظاهر مثل مثل دول الخليج، وهو ما أحرج الأنظمة العربية التي عقدت بعد ما يقرب من شهر على اندلاع الانتفاضة القمة العربية الطارئة في القاهرة. وأحيت الانتفاضة جوانب منسية في المجتمع العربي، فعادت من جديد الدعوة إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية.

لكن بيان القمة رغم دعمه وإعطاء صبغة شرعية أعمق لانتفاضة الأقصى، غير أنه لم يرتق لأمال الشعب العربي، وبالمثل تحرك الشارع الإسلامي في مظاهرات حاشدة ودفع نحو تسمية مؤتمر الدوحة الإسلامي المنعقد في نوفمبر بقمة الأقصى وخرج بيان القمة لأول مرة منتقدا الموقف الأميركي المتسامح مع القمع الإسرائيلي.

المجتمع الدولي

وخرج المجتمع الدولي خرج عن صمته وأدان الاعتداءات الإسرائيلية والاستخدام غير المتوازن للقوة العسكرية وصدرت العديد من القرارات والمقترحات الدولية التي تعتبر وثائق إدانة للجانب الإسرائيلي.

ومن أبرز أحداث الانتفاضة الثانية، كان اغتيال وزير السياحة في الحكومة الإسرائيلية آنذاك (رحبعام زئيفي) على يد مقاومين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وعمل شارون على اغتيال أكبر عدد من قيادات الصف الأول في الأحزاب السياسية والعسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة الفلسطينية، ولإضعاف فصائل المقاومة وارباكها، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين.

وشهدت الانتفاضة الثانية، تطورًا في أدوات المقاومة الفلسطينية، مقارنة بالانتفاضة الأولى، التي كان أبرز أدواتها “الحجارة” و”الزجاجات الحارقة”.

وعملت فصائل المقاومة خلال الانتفاضة الثانية، على توسعة أجنحتها العسكرية، وقامت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بتطوير سلاحها في الانتفاضة الثانية، وتمكنت من تصنيع “صواريخ” لضرب المدن والبلدات الإسرائيلية. وتوقفت انتفاضة الأقصى في الثامن من فبراير لعام 2005 بعد اتفاق هدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة “شرم الشيخ”.