أطلقت العديد من المنظمات الحقوقية، ومن بينهم المفوضية المصرية للحقوق الشخصية، حملة للمطالبة بوقف تنفيذ أحكام الإعدام، سواء في الجرائم السياسية أو الجنائية.
وترى منظمة العفو الدولية، أن عقوبة الإعدام انتهاكًا لحقوق الإنسان، ومنها: الحق في الحياة، و عدم التعرض للتعذيب، أو العقوبة القاسية.
نحو 170 دولة أبطلت عقوبة الإعدام أو أوقفت تنفيذها سواء بالقانون أو الممارسة.. منظمة العفو الدولية
العقوبة البديلة
ذكرت منظمة العفو الدولية في بيانات عدة لها، أن عقوبة الإعدام ليست وسيلة لردع المتهمين عن ارتكاب الجرائم الكبرى، ويمكن استبدالها بالسجن مدى الحياة، موضحةً أنه ليس هناك أدلة موثوقة على أن الإعدام أكثر فعالية من السجن كعقوبة رادعة للجريمة، فأعداد الجرائم الواردة من البلدان التي حظرت تلك العقوبة لم ترتفع بعد الحظر، بل وانخفضت فعليًا في بعض الحالات، ففي كندا، كان معدل جرائم القتل في عام 2008 أقل من نصف معدل عام 1976 الذي حُظِرَت فيه عقوبة الإعدام هناك.
وقالت المنظمة، إن مصر تحتل المرتبة الخامسة في قائمة الدول التي لجأت لعقوبة الإعدام خلال عام 2019، وأتى ترتيب مصر عقب إيران، والسعودية، والعراق.
محكمة النقض قضت في مطلع الأسبوع الجاري، لها في حكم نهائي بات تأييد عقوبة الإعدام بحق 6 متهمين والمؤبد لـ13 آخرين، وخففت أحكام سجن أخرى على 7 آخرين؛ بعد إدانتهم في القضية المعروفة إعلاميًا بلجنة المقاومة الشعبية في كرداسة بالجيزة، والتي تعود أحداثها لعام 2013، بتهم قيادة والانضمام لجماعة محظورة، وارتكاب أعمال عنف أدت لمقتل 3 أشخاص بينهم أمين شرطة، وحيازة أسلحة وذخائر بالمخالفة للقانون.
ما يقرب من 100 جريمة يمكن أن تصل العقوبة بهم للإعدام، بينهم ما يقرب من 41 قضية خاصة بالقضاء العسكري
المباردة المصرية للحقوق الشخصية، رصدت في ورقة عمل لها أن مصر نفَّذت عقوبة الإعدام بحق 22 متهمًا خلال أغسطس الماضي، بموجب أحكام صادرة عن محاكم الجنايات.
وأشارت المبادرة إلى أن رأي المفتي عند توقيع عقوبة الإعدام في محاكم الجنايات أو القضاء العسكري غير مُلزمٍ لقضاتهما، إذ يمكن لهم الأخذ به أو تركه، كما أن هذا المعدل يعدل المعدل الشهري لحالات الإعدام في السنوات الثلاث الأخيرة، كما أن هناك شهورًا تشهد قفزات، كما حدث في فبراير الماضي، وأحيل 88 شخصًا للمفتي في 33 قضية واحدة.
100 جريمة عقوبتها الإعدام
قال أحد المحامين، الذي فضل عدم نشر اسمه، إنه في السنوات الأخيرة، وتحديدًا قبل عام 2016، أصبحت محكمة النقض تؤيد أحكام الإعدام بصورة كبيرة وملحوظة، مشيرًا إلى أن عقوبة الإعدام ليست فقط في جرائم القتل، ولكن هناك ما يقرب من 100 جريمة يمكن أن تصل العقوبة بهم للإعدام، بينهم ما يقرب من 41 قضية خاصة بالقضاء العسكري.
نحو 170 دولة أبطلت عقوبة الإعدام أو أوقفت تنفيذها سواء بالقانون أو الممارسة، وفقًا لمنظمة العفو الدولية، أو علقت تطبيقها لمدة 10 سنوات، ويوجد 193 دولة في الأمم المتحدة، مما يعني ضمنيًا أن 23 دولة نفذت حكمًا واحدًا على الأقل، للإعدام خلال السنوات العشر الأخيرة.
وذكرت المنظمة الدولية أن 142 دولة إما أبطلت عقوبة الإعدام بالقانون أو الممارسة، وخلال السنوات الخمس الماضية نفذت 33 دولة عقوبة الإعدام مرة واحدة على الأقل، موضحةً أنها حصلت على الأرقام الخاصة بها من التقارير الإعلامية والمعلومات التي أمدها بها الأفراد المحكوم عليهم وعائلاتهم وممثلوهم.
وتعد الصين الدولة الأولى في العالم من حيث عدد أحكام الإعدام التي يتم تنفيذها، ويؤكد حقوقيون أن الأعداد الرسمية لحالات الإعدام في بكين غير معلنة، والتي تطبق في جرائم المخدرات والقتل، وتنفذ عقوبة الإعدام في الصين من خلال الرمي بالرصاص، أو الحقن القاتلة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد فعالية عقوبة الإعدام في ردع تجار المخدرات، مشيرًا إلى أن الدول التي تطبق هذه العقوبة حققت نتائج جيدة في مكافحة هذه الآفة التي تحصد الأرواح.
الجرائم التي يعاقب عليها القانون المصري بالإعدام هي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وجنحه الشهادة الزور إذا أدت إلى الإعدام
وعلى الجانب الآخر، ألغت الحكومة الماليزية عقوبة الإعدام، وترى منظمة الأمم المتحدة أن عقوبة الإعدام تمارس على الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.
وذكرت في بيان لها “غالبًا ما تلجأ الحكومات إلى فرض عقوبة الإعدام في أعقاب الهجمات العنيفة، لإثبات أنهم يفعلون شيئًا لحماية الأمن الوطني، ومن غير المرجح أن يمنع التهديد بالإعدام الرجال والنساء المستعدين للموت من أجل معتقداتهم، مثل: المفجرين الانتحاريين عن المضي قدمًا فيما يفعلون. ومن المرجح بالقدر نفسه أن يصنع الإعدام شهداءً تصبح ذكراهم راية تلتف منظماتهم خلفها”.
عقوبة الإعدام في مصر
الجرائم التي يعاقب عليها القانون المصري بالإعدام هي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وجنحه الشهادة الزور إذا أدت إلى الإعدام، وذلك في حالة ما إذا ترتب على هذه الشهادة الحكم على المتهم المشهود عليه بعقوبة الإعدام ونفذت هذه العقوبة عليه، وفقًا للمادة 295 من قانون العقوبات المصري.
وأيضًا يقر القانون المصري عقوبة الإعدام لبعض الجرائم كالجنايات المضرة بأمن الدولة، وخطف أنثى بالتحايل أو الإكراه المقترن بجناية اغتصاب، والقتل العمد باستعمال السم، وأيضًا قتل جريح الحرب وتعريض وسائل النقل للخطر إذا نشأ عنها موت إنسان، و البلطجة المقترنة بالقتل العمد.
كما يعاقب القانون المصري بالإعدام على عدد من الجرائم المنصوص عليها بقانون الأحكام العسكرية، وهي: الجرائم المرتبطة بالعدو، وجريمة عدم الإخبار عن إحدى الجرائم المنصوص عليها في الباب الأول من قانون الأحكام العسكرية، وجريمة دخول العدو إلى موقع حربي، أو إلى مركز عسكري أو مؤسسة عسكرية، وجرائم الأسر وإساءة معاملة الجرحى، وجرائم الفتنة والعصيان وجرائم مخالفة واجبات الخدمة والحراسة، و جرائم النهب، والافتقاد، والإتلاف، وجرائم إساءة استعمال السلطة، بالإضافة لجريمة عدم إطاعة الأوامر، وجرائم الهروب والغياب.
ويرى علماء الدين الإسلامي أن عقوبة الإعدام يبيحها الإسلام ولا يحرمها في حالة القصاص، ولكن للضحية أو أسرته الحق في العفو
وقرر القانون عقوبة الإعدام أيضًا بقانون مكافحة المخدرات لجريمة جلب وتصدير المواد المخدرة، وجريمة إنتاج واستخراج الجواهر المخدرة، وجريمة زراعة النباتات المخدرة، وأيضًا جريمة حيازة أو إحراز جوهر مخدر أو التعامل أو الوساطة فيه بقصد الاتجار، وجريمة استعمال جوهر مخدر في غير الغرض المصرح باستعمالها، وجريمة إدارة أو تهيئة مكان لتعاطي المخدرات بمقابل، وجريمة الدفع لتعاطي الكوكايين أو الهيروين، وجريمة التعدي على أحد الموظفين القائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات إذا نتج عنها موت المجني عليه وجريمة القتل العمد لأحد الموظفين القائمين على تنفيذ أحكام قانون مكافحة المخدرات.
وتقررت عقوبة الإعدام بقانون مكافحة الإرهاب لكل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جماعة إرهابية أو تولى زعامة أو قيادة فيها، ولكل من أكره شخصًا على الانضمام إلى الجماعة الإرهابية أو منعه من الانفصال عنها إذا ترتب على الإكراه أو المنع وفاته، ولجريمة تمويل جماعة إرهابية أو عمل إرهابي، وجريمة السعي أو التخابر لدى دولة أجنبية، أو أية جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة.
كما تقررت عقوبة الإعدام لكل من استولى أو هاجم أو دخل بالقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع أحد المقر الرئاسية، أو مقارالمجالس النيابية أو مجلس الوزراء أو الوزارات أو المحافظات أو القوات المسلحة أو المحاكم أو النيابات أو مديريات الأمن.
الإعدام في الإسلام والمسيحية
ويرى علماء الدين الإسلامي أن عقوبة الإعدام يبيحها الإسلام ولا يحرمها في حالة القصاص، ولكن للضحية أو أسرته الحق في العفو.
وفي 2018، أصدر الفاتيكان مرسومًا بإلغاء عقوبة الإعدام من التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية الخاص بعقوبة الإعدام، وتعد قرارات الفاتيكان ملزمة للكنائس الكاثوليكية التابعة لها، ومن بينها الكنيسة القبطية الكاثوليكية في مصر.
النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، أعلن رفضه للدعوات التي أطلقتها بعض المنظمات الحقوقية لإلغاء عقوبة الإعدام بمصر، مؤكدًا أنها عقوبة ملائمة لسافكي الدماء، وتطبق وفقًا للشريعة.
ونصت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية، على أنه لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها
وقال خالد حماد، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن عقوبة الإعدام هي عقوبة طبيعية للمتطرفين والمتورطين في: جرائم القتل، وإلغائها سيخالف الشريعة المستمد منها الدستور، كما أن إلغاؤها لن يؤدي لقلة عدد الجرائم، بل سيحدث العكس ويجب وجود عقاب رادع للجرائم الكبرى تمنع الآخرين من ارتكابها،
وأوضح كلا من النائبين أن السجن حتى لو كان مدى الحياة لن يكون عقوبة رادعة للجرائم الكبرى التي تصل عقوبتها للإعدام.
الخبير القانوني محمد علوان، قال إنه هناك العديد من الحوادث يحكم فيها بالإعدام، وبعد ذلك يتبين أن الإجراءات كانت غير سليمة، والحكم الصادر غير صحيح، وهنا يجب التأكد جيدًا من التحقيقات والإجراءات لعدم إزهاق أرواح أبرياء، مضيفًا أنه وفقًا للتعريفات والتشريعات الدولية فإن عقوبة الإعدام تندرج تحت بند المعاملة اللاإنسانية والقاسية.
ونصت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية، على أنه لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية، ويجب إرسال أوراق القضية إليه، فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال 10 أيام تالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى، وفي حالة خلو وظيفة المفتي أو غيابه أو قيام مانع لديه يندب وزير العدل بقرار منه من يقوم مقامه.