لا تطرقوا الأبواب المغلقة، لا تبحثوا وراء الأسباب، عيشوا كما رباكم آباؤكم، وعاش أجدادكم، قفوا مكتوفي الأيدي متوقفي العقول لا تفكروا، لا تحبوا ولا تسألوا، فإن أكثر ما يثير حنق مجتمعنا هو السؤال الذي يدعو للتفكير ويجعلك مطالب بأن تكون لديك إجابة، عيشي أيتها الفتاة ويا أيها الشاب كي تتزوج في النهاية وتنجب أطفالاً يبدأوا حياتهم وينهوها، مثل: أجدادكم، وكما تربيتم، لا تسألوا عن كيفية أن تكون الحياة في طريقها سعيدة، وكيف تطرقوا أبواب خدش الحياء حتى وإن كانت حلال وشرعية وأساسية لاستمرار الحياة؟.

من الأسئلة الشرعية التي طرحتها بعض الأعمال الفنية والتي لم يفتح المجتمع الباب أمامها لكي يسألها أبناء الأسرة الواحدة بينهم وبين بعضهم البعض، هي كيف يمكن أن يعيش زوجان حياة جنسية سعيدة بعدما تعرضوا له من انتهاكات مجتمعية سواء للذكور أو للإناث؟، يظن البعض أن هذه المشكلة هي نتاج عدم البوح للفتاة عن أسرار الحياة الجنسية بعد الزواج ولكن أيضًا بسبب العادات الخاطئة التي يتم إشباع الرجال بها واعتبارها هي الحق المطلق الذي لا مواربة فيه.

حاولت السينما في سبعيناتها الماضية أن تفتح الأبواب المغلقة وتضرب في صميم المجتمع وعاداته السيئة وتناقش مثل هذه القضايا الشائكة دون أن تظهر لها أبواقًا رقابية تمنعها من ذلك، ودون أن يأتي أبناء المجتمع رافضين فضح مشكلاتهم ووضعها على السطح، كما هو الوضع حاليًا الذي أصبح سلطويًا أكثر من أي سلطة واقعة عليه وأبوي أكثر من الأبوية ذاتها.

كيف يمكننا أن نقدم عملاً فنيًا يناقش المشاكل لجنسية الزوجية، في مجتمع منغلق؟.. الناقد الفني رامي المتولي

يرفض المجتمع والرقابة الفنية حاليًا عرض قضية، مثل:المشكلات الجنسية الزوجية على الشاشة بالرغم من الذهاب إلى الأعمال الأجنبية التي تناقش ذات القضايا، وتحقيقها أعلى نسب من المشاهدة في الدول العربية المحتمشة التي تمنع عرض مثل هذه القضايا على شاشتها.

نجيب محفوظ أول متطرق لباب مشكلات الرجل الزوجية

يعد الروائي العالمي نجيب محفوظ أول من تطرق للمشكلات الجنسية للرجل في حياته الزوجية من خلال فيلم “السراب” الذي قام ببطولته نور الشريف، وماجدة صباحي، و عقيلة راتب، وتحية كاريوكا، ومن إخراج أنور الشناوي، وكان الفيلم كاشف لكيفية تربية الرجل في المجتمع الشرقي المغلق، لكي يعتمد على ما يحصل عليه من معلومات خارجية، وأن الحياة الاجتماعية لها تأثيرًا كبيرًا على الرجل فتربية “كامل” بطل العمل إلى جانب والدته، جعلة منه شخصًا خجولاً ومنطويًا، وبعد أن تزوج لم يستطع أن يكون شخصًا طبيعيًا، بل أنه عاجز جنسيًا؛ ليلجأ إلى فتيات الليل ليقمن بحل مشكلته.

أين عقلي؟ .. صراع الشرق والغرب

عام 1977 حاول إحسان عبد القدوس، بالاشتراك مع رأفت الميهي في تقديم صراع الإنسان بين عاداته الشرقية وما تعلمه في الغرب من خلال فيلم: “أين عقلي؟”، الذي حاول به البطل محمود ياسين، أن يعيش حياته بشكل طبيعي سواء على مستوى الجنس أو غيره بعد أن تقبل زوجته بعلاقاتها السابقة، ليذهب إلى المشردات ويحاول إقامة علاقات جنسية معهن، وتحدث مشكلات بينه وبين زوجته.

ليكشف هذا الجيل من المبدعين الفنيين عن إمكانية تقديم أي نوع من المشكلات التي تخص المجتمع والأسرة المصرية على الشاشة دون الخجل من المحتوى، كما يفعل البعض حاليًا ويتوارى خلف القضبان الذي صنعها لذاته خوفًا من السلطة الأبوية التي فرضها المجتمع على نفسه من أبنائه.

نعامة منتهكة وطاووس ضائع

كان صلاح أبو سيف، مع كونه من أفضل مخرجي عصره إلا أنه أراد أن يُنهي حياته الفنية بعلامة مميزة كما عشنا معه بفن مختلف، فكان آخر ما كتب وأراد أن يره على الشاشة هو فيلم: “النعامة والطاووس”، الذي ضرب المجتمع في صميم عاداته الاجتماعية وموروثاته الخاطئة، من خلال الفيلم الذي ظل سنوات حبيس الأدراج الرقابية متعللين بأنه سيكون حاد عرضه على الشاشات، ليناقش قضية ختان الإناث بشكل واضح وصريح وتأثيرات هذه العملية جنسيًا على الفتاة بعد الزواج، وكذلك يناقش العادات السيئة التي تنتج في ذاكرة الرجل بعدما يحاول إشباع رغبته بطرق خاطئة تجعله يقع في مشكلات مع زوجته بعد الزواج، ليوضح العمل أن المجتمع بحاجة إلى طبيب نفسي كي يستطيع أن يعيش بشكل صحيح، ويتخلص من عاداته الخاطئة التي جعلتهم يعيشون برغبات مكبوتة تؤثر على حياتهم الاجتماعية والمهنية.

وقالت النجمة لبلبة، إنه عندما عرض عليها فيلم “النعامة والطاووس” أمام الفنان مصطفى شعبان، وبسمة، رفضت المشاركة فيه، موضحةً أن السبب الرئيسي للرفض الموضوعات الجنسية الجريئة التي يناقشها العمل.
وأضافت: رفضت العمل 3 مرات، ثم يعود المخرج محمد أيو سيف، لإقناعي بالعمل خاصة أن العمل تطرق لمناطق محرمة في المجتمعات، وهي المشاكل الجنسية بين الزوجين التي تؤثر سلبا في علاقتهما الزوجية.

حاولت السينما في سبعيناتها الماضية أن تفتح الأبواب المغلقة وتضرب في صميم المجتمع وعاداته السيئة

أحاسيس .. المرأة ومشاكلها

بالرغم من مهاجمة النقاد والجمهور لفيلم: “أحساسيس”، الذي اعتبره الكثيرين أنه جرئ ويقدم قضايا شائكة على الشاشة، وأنها لا تصلح أن تقدم على الشاشة كي لا يتم تقديم المجتمع النسائي المصري بهذه الصورة على الشاشة، ولكنه كان كاشفًا لما تعانيه المرأة من مشكلات بعد الزواج.

وقال مخرج الفيلم الراحل هاني جرجس عن هذا الفيلم، تم تسمية الفيلم باسم “أحاسيس”، لأنه يعبر عن الأحاسيس الداخلية للمرأة بطريقة علمية وجديدة من خلال ثلاث سيدات كل منهن تواجه مشكلة خاصة، فالأولى: تضطر إلى خيانة زوجها مع شخص آخر لفشله فى إشباع غريزتها، والثانية: ترفض أن تطيع زوجها أثناء العلاقة الجنسية بسبب ثقافتها، والثالثة: ترى حبيبها الأول أثناء علاقتها الحميمية مع زوجها، مؤكدًا أن معظم هذه المشاكل واقعية وموجودة، لكننا دائمًا نريد أن نعتم عليها لعدم وجود ثقافة جنسية، كما أن المرأة في مجتمعنا ممنوعة من أن تبوح بأسرارها الجنسية.

لم يواجه هذا الفيلم مشكلة مع الرقابة ولكنه واجه إعاقات من العاملين على الفيلم بسبب السلطة الأبوية، فرفض العديد من الفنانين أن استكمال تصوير الفيلم، بسبب جرأته ومناقشته لقضية شائكة وهي مشكلات المرأة الجنسية بعد الزواج.

https://www.youtube.com/watch?v=H0PpfTKBxVA

المجتمع يفرض رأيه على السينما

منتقدًا السلطة المجتمعية، قال الناقد الفني رامي المتولي، كيف يمكننا أن نقدم عملاً فنيًا يناقش المشاكل الجنسية الزوجية، في مجتمع منغلق ورجعي يتم رؤية القبلة على الشاشة هي السبب في انهيار منظومة الأخلاق في مصر، وأنها تؤدي إلى إثارة الغرائز وما شابه ذلك، بخلاف وجود ممثل كان يتفاخر بأنه لن يقوم بملامسة أي من زميلاته حتى لو اقتضت الضرورة الدرامية ذلك، فهل مجتمع بهذه الرجعية يستطيع أن يناقش مثل هذه النوعية من المشكلات؟.. بالطبع لا، سيقوم بإلقاء التراب عليها وردمها.

وأضاف: أن لجوء الجمهور إلى مشاهدة الأفلام الأجنبية عن العربية، لأنهم يستطيعون مهاجمة الفنان المصري، فنحن نعيش حاليًا في مجتمع يتهجم على الفنانات لارتداءهم ملابس يرون أنها جريئة والوسط الثقافي يساعدهم على ذلك، وبالتالي من الصعب تمامًا أن تتحسن حالة السينما والمجتمع بهذا الوضع.