“مش لاقي اللي أصرف بيه على ولادي، وبروح أزرع في غيطان الناس وتعبت وقربت أشحت”.. إحدى الجمل التي يعبر بها محمد عادل عامل بمصنع طوب طفلى بمحافظة الجيزة عن أزمته الأخيرة، مؤكدًا أنه يضطر لقبول بعض الإعانات نتيجة سوء وضع مصنعه شبه المتوقف بسبب عدم وجود طلب على الطوب، وهو ما نتج عنه تشريد آلاف العمال.

قرار وقف البناء

في مايو الماضي، صدر قرار بوقف البناء في جميع أنحاء الجمهورية على أن يستمر الأمر لمدة 6 أشهر متصلة، تقوم الحكومة خلالها بمراجعة كامل التراخيص التي تم صدورها في الفترات السابقة.

وأعلنت الحكومة أنها ستعمل على وضع صيغة جديدة لتراخيص البناء يتم العمل من خلالها، بعد انتهاء مدة التوقف المعلن عنها وعودة البناء مجددًا.

وزير التنمية المحلية اللواء محمود شعراوي بدوره أعطى تعليماته للمحافظين كل في نطاقه، بالامتناع عن إصدار التراخيص أو تعديلها بموجب قرار وزاري صادر في هذا الشأن، بدأ سريانه من يوم 14 مايو ويستمر لمدة 6 أشهر تالية على هذا التاريخ.

نتائج القرار

المتحدث الرسمي عن عمال مصانع طوب بكر أبو غريب، أكد أن القرار الأخير ترتب عليه إغلاق ما يقرب من 70% من إجمالي مصانع الطوب التي تقدر بنحو 2850 مصنعًا.

وأكد أن المصانع بعد غلقها تسببت في تشريد آلاف العمال خاصة في منطقة الصف بمحافظة الجيزة وغيرها من القرى التي تعمل في صناعة الطوب، مشيراً إلى أن الأزمة تكمن في أن هؤلاء العمال يحصلون على أجورهم باليومية، وهو ما أثر معهم بشكل مباشر كما أن عددًا كبيرًا منهم لن يجد فرصاً في أماكن عمل أخرى، بسبب اعتمادهم على الجهد العضلي بشكل أساسي وزيادة معدلات الأمية بينهم.

واعتبر “أبو غريب” أن هناك ما يقرب من 350 ألف عامل تضرروا من القرار بشكل مباشر، مؤكداً أن الأزمة التي يمر بها العاملون في القطاع خلال هذه الفترة هى أصعب معاناة مروا بها طوال فترة عملهم في هذه الصناعة.

“مش لاقيين ناكل”

محمد عادل أحد عمال مصانع الطوب أكد أنه عامل باليومية ولديه أسرة مكونة من 6 أفراد، وهو عائلهم الوحيد نظرا لأن زوجته ربة منزل، وأن الفترة الأخيرة توقف فيها مصنعه أكثر من مرة إلى أن أغلق بشكل كامل، لعدم وجود طلب على شراء الطوب بسبب التوقف عن البناء، وهو ما أوصله إلى المكوث في المنزل دون أن يجد قوت يومه.

“عادل” أضاف أنه لم يجلس عاجزا ولكنه حاول طرق أبواب العمل الشريف في الأراضي الزراعية التي تحيط به، ولكن دون جدوى فالعائد زهيد ولا يكفي أسرته.

سيد سمير أحد عمال مصانع الطوب، أكد أنهم يعملون في مصانع الطوب من عمر عشر سنوات، ولا يعرفون صنعة أخرى يلجأون إليها، وبعد غلق مصانعهم اضطر عدد منهم للهروب من ويلات البطالة والذهاب للعمل في العاصمة الإدارية، ولكن نظام العمل هناك بأجر نصف شهري، وهو ما لم يعتادوا عليه، وبالتالي أصبحوا في أزمة فعلية في منازلهم التي تظل بلا قرش واحد حتى يأتي الأجر مصحوبا بديون تلك الفترة وتصبح النتيجة لا شئ.

وأشار “سمير” إلى أن هذا العمل الشاق الذي لجأوا إليه أيضاً لم يسد فراغ توقف مصانعهم عن العمل، مؤكداً أنهم يمكثون في العاصمة الجديدة طوال الأسبوع وبعضهم يهرب لأسبوعين أو أكثر حتى يعود لأسرته بالنقود.

جدير بالذكر أن تاريخ إنشاء مصانع الطوب يعود لعام 1980 وتعمل بتراخيص، وهي متواجدة بكثرة على أطراف القرى، وعملها لم ينقطع منذ أكثر من 40 عامًا وفقا لما أكده عمالها.

الحلول

محافظ الجيزة اللواء أحمد راشد اجتمع مع ممثلي مصانع الطوب في مركزي الصف وأطفيح، لبحث مشاكل المصانع وما يعانيه العمال خلال الفترة الأخيرة، من أجل الوقوف على حلول مرضية لجميع الأطراف.

وأكد محافظ الجيزة في بيان رسمي، أنه قام رفع أزمات العاملين في صناعة الطوب لمجلس الوزراء، ووجه الدكتور مصطفى مدبولي بالتنسيق مع عدد من الجهات المعنية لتوريد إنتاج مصانع الطوب إليها بصفة دورية، للعمل بها في المشاريع القومية الجاري إنشاؤها لحين انتهاء فترة التوقف وإتمام المعايير اللازمة من أجل إصدار تراخيص جديدة.

ولفت محافظ الجيزة اللواء أحمد راشد إلى أن صناعة الطوب حيوية في المحافظة، وأن أغلب عمال مركز الصف ينحصر نطاق تشغيلهم بين مصانع الطوب والزراعة، ولا توجد أي نوايا لترك عوائق في وجه هذا العمل الحيوي، مشيراً إلى أن المحافظة قامت بالتنسيق مع شركة الكهرباء من أجل ضمان استدامة التيار الكهربي وعدم إيقافها حال تعثر أصحاب المصانع عن السداد، لمنع إيقاف تلك المصانع لحين عودة العمل بشكل كامل مرة أخرى وانتهاء فترة التوقف.

أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء، أكد أن مواد البناء تأثرت في الآونة الأخيرة بأزمة فيروس كورونا، وكانت تعاني من حالة ركود لا نظير له قبل قرار وقف البناء الصادر لمدة 6 أشهر متتالية.

يذكر أن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قد أعلن الاثنين عن رفع جزئي لقرار وقف البناء والسماح باستئناف البناء لمن حصل على ترخيص قبل 14 مايو تاريخ قرار الوقف، وأن يكون المالك قد بدأ في البناء بالفعل قبل قرار الوقف، بشرط ألا يتجاوز الدور الرابع في المبنى قيد الإنشاء.