خلال العام الماضي عانى الجميع من ارتفاع الأسعار التي سيطرت على جميع القطاعات، ما استلزم تدخلًا حكوميًا مباشرًا، وتم البدء في إعداد خطط بديلة لتوفير السلع في محاولة للضغط على التجار نحو التراجع عن رفعها المبالغ فيه، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، ولكنه أيضًا كان مدعومًا بعدد من الإجراءات والقرارات الهامة، منها إنشاء المناطق اللوجستية وتطوير أسواق الجملة وبورصة السلع.

وأعلنت الحكومة أيضًا عن عزمها على إنشاء سلة طعام مصرية تساهم في توفير السلع المتنوعة وتضاعف مدد الاحتياطي الاستراتيجي منها، ليتجاوز 9 أشهر وفقًا لبيان وزارة التموين والتجارة الداخلية في هذا الشأن.

تخفيض السلع الأساسية

أعلن وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور علي المصيلحي في نوفمبر 2019 عن تخفيض أربع سلع أساسية للمواطنين وهي: “السكر والزيت والأرز والدقيق المعبأ” على بطاقات التموين.

“المصيلحي” أعلن وقتها أن القرار جاء تلبية لتوجيهات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي حول توفير السلع بأسعار مخفضة للجمهور، بالإضافة إلى تأمين الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية.

ولم يقف وقتها القرار عند حد تخفيض المنتجات الأربع، ولكن وزارة التموين بدورها أكدت انتهاء المرحلة السادسة لمشروع منافذ الشباب وتسليمهم نحو 250 سيارة حمولة 1 طن لطرح السلع في محافظات الصعيد والقرى المتباعدة، فضلًا عن إطلاق سيارات الوزارة في القرى والنجوع أيضًا لتوفير السلع بأسعار تقل عن السوق الخارجي بنحو 15 لـ 25%.

أسواق الجملة

“المصيلحي” كشف أن السبب الحقيقي وراء ارتفاع أسعار السلع، هو تعدد الوسطاء، مشيرًا إلى أن المنتج يمر بأكثر من تاجر، وكل منهم يضيف هامش ربح خاص به وهو ما يرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، معتبرًا القضاء على الحلقات الوسيطة أحد أهم المحاور التي تعمل عليها الحكومة في الفترة الأخيرة.

وأضاف وزير التموين والتجارة الداخلية “أنه يجري الاستعداد لإنشاء أسواق جملة في المحافظات المختلفة، فبدلاً من نقل الخضار من المحافظات المتباعدة على سوق العبور أو أكتوبر يتم النقل الداخلي، وهو ما يوفر تكلفة النقل من جهة ويوفر الهالك من السلع من جهة أخرى، فضلًا عن تقليص الحلقات الوسيطة، وجميعها تساهم في تخفيض الأسعار بشكل كبير”.

البورصات السلعية

تم الإعلان رسميًا عن إنشاء البورصات السلعية في مصر، ومن المقرر أن تضم المحاصيل من صغار المزارعين والمنتجين وتقوم بعرضها وتصنيفها، وهو الأمر الذي يساهم في رفع القدرة التنافسية، ويفتح آفاقًا جديدة من الشفافية في معاملات التجارة الخاصة بالمنتجات السلعية، وأخيرًا يساعد على تخفيض الأسعار.

البورصات السلعية ستضمن توحيد الأسعار في جميع أنحاء الجمهورية ومنع التلاعب، وسيتم وضع السعر وفقًا لآليات السوق المتمثلة في العرض والطلب وهو ما سيحقق التوازن المرجو في الأسعار وفقًا لما أعلنه إبراهيم عشماوي رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية عند الإعلان الرسمي عن إنشاء البورصات السلعية.

وتأسست الشركة المصرية للبورصة السلعية بمشاركة كل من “جهاز تنمية التجارة الداخلية، وهيئة السلع التموينية، والشركة القابضة للصوامع، وشركة مصر للتأمين وشركة مصر للمقاصة، وعدد من البنوك الحكومية والاستثمارية”، برأسمال 91 مليون جنيه..

مستودعات التخزين

تم الإعلان عن إنشاء مستودعات استراتيجية لتخزين السلع على أن يتم البدء في هذا المشروع في 7 محافظات والإعلان عن 4 فرص استثمارية تشاركية في هذا الصدد.

المتحدث الرسمي باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، أحمد كمال، أكد أن مخازن السلع ستزيد من عمر الاحتياطي الاستراتيجي للسلع، كما أنها ستوفر نحو 33%من إجمالي الوظائف الموجودة حاليًا بما يساهم في القضاء على البطالة وتأمين الغذاء المحلي لفترة أطول، مؤكدًا أنها لن تكون قاصرة على الحبوب فقط ولكنها أيضًا ستحتوي على المبردات والمجمدات، وتبلغ تكلفة المشروع الاستثماري نحو 12 مليار جنيه.

المناطق اللوجيستية

بحث رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، سبل تسهيل الإجراءات لإنشاء المناطق اللوجيستية في المحافظات لتوفير احتياجات المواطنين وأعلنت الحكومة أنها تستهدف من المشروع التقليل من حلقات التداول وهو ما يؤدي بالتبعية لتخفيض الأسعار.

وتم التمكن من جذب استثمارات لإنشاء المناطق اللوجيستية بإجمالي استثمارات تقدر بنحو 49 مليار جنيه، بما سيوفر نحو 400 ألف فرصة عمل كما أنها وفقًا لتصريحات الدكتور إبراهيم عشماوي رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية ستقضي تماما على جشع التجار ورفع الأسعار لما سيكون لها من دور في تقليص حلقات تداول السلع.

جني الثمار سريعًا

حاتم نجيب عضو مجلس أمناء سوق العبور، ونائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة في غرفة القاهرة التجارية، أكد أن الأسعار انخفضت بالفعل بفضل ما تقوم به الدولة من مشاريع عملاقة تأتي على رأسها الصوب الزراعية التي ساهمت في ضخ احتياجات المواطنين، وكان لها دور في تخفيض أسعار أغلب أصناف الخضروات والفاكهة خلال الموسم الماضي.

في الطريق الصحيح

وأكد “نجيب” أن استصلاح الأراضي ومشروع المليون ونصف المليون فدان جعل المنتجات أكبر من الاحتياج المحلي وهو ما دفع عجلة التصدير للخارج خاصة في قطاع الخضروات والفاكهة معتبراً أن الحكومة تسير في الطريق الصحيح وأن التجار لن يكونوا سعداء بارتفاع الأسعار فأي زيادة ناتجة عن تكلفة إضافية ولن يتضرر التاجر كثيراً إذا تم تقليل التكلفة الخاصة بالنقل والعمالة وخفض السلع بالتبعية لأنه لن يخسر كثيرًا.

رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية، أكد أن الوضع الراهن كان يتطلب التدخل المباشر لإنقاذ منتجي الدواجن لتأثرهم بحالة الركون وهو ما تم بالفعل مع فتح آفاق التصدير، مؤكدًا أن هناك عدد من التسهيلات والقرارات الأخيرة ساهمت في امتصاص الأزمات في القطاع، وتم الوصول إلى حد الاكتفاء الذاتي من الدواجن، فضلًا عن توجه العديد من القطاعات نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وهو ما يبرهن على فاعلية الخطوات والإجراءات.