يستعد 4006 مرشح فردي و1136 آخرين عبر 8 قوائم انتخابية للتنافس على 568 مقعدا في برلمان 2021 الذي ارتسمت أجزاء كبيرة من ملامحه قبل الوصول إلى صناديق الاقتراع. 

وأعطت الهيئة الوطنية للانتخابات الضوء الأخضر لجميع المتنافسين من أجل بدء حملاتهم الانتخابية بشكل رسمي، تمهيدا لإجراء الانتخابات داخل مصر في المرحلة الأولى في 14 محافظة، وهي محافظات صعيد مصر وغرب الدلتا، يومي 24 و 25 أكتوبر، أما المرحلة الثانية فتجري يومي السابع والثامن من نوفمبر في القاهرة وباقي محافظات مصر.

المشهد الانتخابي بدا اعتياديا، ولم يكن مفاجئا للمراقبين، فالإصرار على القائمة المغلقة التي تجرى بها الانتخابات بنسبة 50% للفردي و50 % للقائمة، للمرة الثانية على التوالي بعد برلمان 2015 منحنا مؤشرات مسبقة أن التركيبة الحالية لن تتغير وإن اختلفت بعض الأسماء، ما جعل كثيرين يترقبون ما سيحدث فقط في المنافسة على بعض المقاعد الفردية من أصل 284 مقعد فردي.

 

“من أجل مصر”.. من أجل 100%

تخوض القائمة التي شكلها حزب مستقبل وطن بمعاونة 11 حزبا وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين جولة النواب بهدف الفوز بـ284 مقعدا ليس أقل، فلا مجال للتفكير في خسارة قائمة واحدة من الأربعة المشاركة على مستوى الجمهورية، خصوصا أن المنافس “المجهول” لا يمتلك أي حظوظ في إحداث مفاجأة في أي من الدوائر.

ربما تختلف بعض الوجوه هذه المرة عن ممن شكلوا ائتلاف دعم مصر صاحب الأكثرية البرلمانية، لكن طريقة التشكيل ليست بعيدة، باستثناء خروج بعض الأنصار مثل المصريين الأحرار الحاصل على 65 مقعدا في الانتخابات الماضية قبل سحب البساط منه وانضمام كوارده تباعا إلى مستقبل وطن، والحركة الوطنية، والغد، والمحافظين، الذين جرى استبدالهم بآخرين من التيار المعارض مثل: المصري الديمقراطي الاجتماعي والعدل والإصلاح والتنمية، بعدما فضلوا “استثمار الفرصة” عوضا عن انتظارها في مقاعد المتفرجين.

تشكيل القائمة لم يكن بالسلاسة المتوقعة لدى صانع القرار، إذ صاحب إجراء المحاصصة استقالات من بعض قيادات مستقبل وطن احتجاجا على عدم ضمهم للقائمة، في الوقت الذي أعلن نائب رئيس الحزب محمد أبو العنين ترشحه مستقلا في دائرة الجيزة أمام نائبين حاليين هما أحمد مرتضى منصور وعبدالرحيم علي، بعد خلافات رفض الكشف عنها لوسائل الإعلام.

كما تسببت المحاصصة في انقسام عنيف داخل حزب الوفد الذي انقسم إلى هيئتين واحدة داعمة للقائمة الوطنية بقيادة الرئيس بهاء أبو شقة وأخرى رافضة تقودها الهيئة العليا بسبب عدم الحصول على موافقتهم بخصوص الأسماء المرشحة.

وغابت عن القائمة أسماء بارزة مثل محمد السويدي، الذي قاد ائتلاف الاغلبية عقب وفاة مؤسس القائمة سامح سيف اليزل، والقيادي العمالي جبالي المراغي، والنائبة مارجريت عازر، ورؤساء لجان نوعية في البرلمان الذي يسدل ستائره.

اللافت أيضا أن القائمة خصصت كوتة لتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين التي يترشح عنها محمود بدر وطارق الخولي ومحمد عبد العزيز ضمن 26 مرشحا وقع عليهم الاختيار، بعد نجاح 5 آخرين من أعضاء التنسيقية التي تشكلت في 2018 ضمن القائمة الوطنية في انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة.

 

3 تحالفات “تكميلية”

السرية التي ترافق طريقة تشكيل القائمة الأساسية في كل ماراثون انتخابي، انتقلت أيضا إلى القوائم الانتخابية المنافسة، حيث فوجئ كثيرون بتشكيل 3 قوائم على نار سريعة للغاية، على الرغم من عدم ترشح أي قائمة ضد القائمة الوطنية في انتخابات مجلس الشيوخ، واحدة منهم تحمل اسم “تحالف المستقلين” تنافس على 100 مقعد في القاهرة وجنوب وسط الدلتا، لكنها تخلو من الأسماء المعروفة ولا يعدون أنفسهم “ديكور سياسي”.

أما القائمة الثانية التي تنافس في قطاع شرق الدلتا، قبلت الهيئة الوطنية للانتخابات أوراق ” أبناء مصر” التي يتصدرها محمد المصري الملقب بصائد الدبابات في حرب أكتوبر.

أما الثالثة التي تخوض المنافسة في قطاعي غرب الدلتا وشمال جنوب الصعيد هي قائمة حزب نداء مصر الذي يتزعمه طارق زيدان، المؤسس السابق لحزب الثورة المصرية، الذي يكرر محاولاته المستمرة للتواجد في الحياة السياسية.

وسبق أن انسحب “نداء مصر” من انتخابات 2015 لأسباب عزوها إلى التدخلات واستخدام المال السياسي، وتوقفت الأنشطة تقريبا داخل الحزب حتى فوجئنا بعودته للماراثون الانتخابي في 2020.

 

30/25.. فرصة المعارضة الأخيرة

يراهن التيار المعارض على الفرص الضئيلة المتاحة أمام نواب تحالف 25 /30، وبعض الأحزاب التي تتبنى توجهات مختلفة عن التيار السائد في تحقيق انتصار رمزي لتمثيل المعارضة تحت القبة، خصوصا بعدما فشلت الحركة المدنية الديمقراطية في تشكيل قائمة موحدة مع حزب المحافظين الذي يترأسه البرلماني أكمل قرطام، لأسباب عزوها إلى رغبتهم في الحفاظ على وثيقتهم السياسية وعدم قدرتهم المادية على مقارعة قوائم المؤيدين.

ويترشح عن ائتلاف 30/25 الذي مثل المعارضة في البرلمان الحالي: 9 نواب فقط أبرزهم: أحمد طنطاوي وضياء الدين داوود، الذي أعاده القضاء للمنافسة من جديد بعد استبعاده من قبل لجنة الانتخابات في محافظة دمياط، وهيثم الحريري، ومحمد الغني، وطلعت خليل، بينما آثر أخرون عدم الترشح من بينهم خالد يوسف، المقيم حاليا خارج البلاد، والنائبة نادية هنري التي انضمت إلى الائتلاف قادمة حزب المصريين الأحرار.

وبرز دور الائتلاف الصغير خلال البرلمان في قضايا ترسيم الحدود البحرية مع المملكة السعودية العربية الخاص بجزيرتي تيران وصنافير، ورفض التعديلات الدستورية التي منحت الرئيس حق الترشح لولاية ثالثة وزيادة مدة الولاية الثانية إلى 6 سنوات بدلا من 4 فقط، إلى جانب مواقفهم في رفض سياسات الحكومة في العديد من القضايا الخدمية.

وفقدت المعارضة فرصة المنافسة على القوائم، بعدما استبعدت الهيئة الوطنية للانتخابات قائمة “الاختيار” التي شكلها حزب المحافظين والاتحاد في قطاع غرب الدلتا، لعدم استيفاء الشروط، لكن الأول مازال يملك الفرصة في زيادة عدد نواب المعارضة تحت القبة حيث دفع بـ27 مرشحا من بينهم رئيس الحزب أكمل قرطام في دائرة البساتين ودار السلام.

 

لا مكان للشيوخ تحت القبة

الانتخابات الحالية تشهد أيضا استمرار خفوت نجم حزب النور السلفي، فبعدما حل ثانيا في مجلس 2011 خلف الحرية والعدالة بـ123 مقعدا في الانتخابات التشريعية التي تلت ثورة 25 يناير، حصل على 10 مقاعد فقط في برلمان 2015 في معاقل الدعوة السلفية بغرب الدلتا، ليبدأ مسلسل الانسحاب السلفي من الشارع السياسي في وقت تزامن مع حملة استعادة الدولة، ممثلة في وزارة الأوقاف، لمنابرها من قبضة شيوخ السلفية.

وبدا أن الكتلة السلفية فقدت قدرتها على الحشد في معاقلها الأساسية في محافظات الإسكندرية والبحيرة ومطروح، إذ خسر 12 مرشحا دفع بهم الحزب في انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة التي سيطر عليها نواب مستقبل وطن، ما يعني أن الخطاب السلفي لم يعد قادرا على جذب أصوات مناطق سيطرته التي عرفت عنه في الاستحقاقات التي تلت ثورة 25 يناير.

الخسائر السلفية مرشحة للاستمرار بشدة إذا لم ينجح أحد من المرشحين الأربعة الذين دفع بهم الحزب في الظفر بأي مقعد، حيث سيكتب معها شهادة وفاة حزب النور سياسيا بعد قرابة عقد كامل من ممارسة الدعوة السلفية للسياسة.