أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إصابته بكوفيد-19 في وقتٍ مبكِّرٍ من صباح الجمعة 2 أكتوبر/تشرين الأول. وتم نقله إلى مركز والتر ريد الطبي العسكري الوطني في اليوم نفسه، وهي خطوةٌ قال عنها طبيب البيت الأبيض شون كونلي في وقتٍ لاحق إنها بسبب “الحذر الشديد”.

بعد عشرة أيام على غزو الفيروس للبيت الأبيض، قال الدكتور عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، إن الأدوية التي استخدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لعلاجه من فيروس كورونا ليست جديدة، ولكنها قديمة ويتم استخدامها في مصر.

هذه هي الأدوية الثلاثة التي التي عالجوا بها ترامب

من المؤكد أن ترامب حظى بأكثر الأدوية تقدُّماً، عولِجَ بثلاثة عقاقير على الأقل:

أجسام مضادة تجريبية أحادية النسيلة من شركة Regeneron.

وعقار Remdesivir المضاد للفيروسات.

ودواء ديكساميثازون Dexamethasone.

وعادةً ما تُخصَّص هذه العقاقير الثلاثة للمرض الذين يعانون حالاتٍ شديدة من الإصابة بكوفيد-19، أو الحالات المُهدِّدة للحياة.

لن يتمكَّن الأمريكيون العاديون من الحصول على ذلك العلاج بمزيج الأجسام المضادة من شركة  Regeneron، وبالتأكيد ليس بالجرعة التي أخذها ترامب، والتي كانت أكبر بثلاث مراتٍ مِمَّا جرت دراسته.

ووفقاً لمجلة Science الأمريكية نقلا عن جورج يانكوبولوس، كبير المسؤولين العلميين بشركة Regeneron: “إذا اضطررت إلى علاج مريضٍ واحدٍ، فسوف أعطي جرعةً عالية. لكن من وجهة نظرٍ مجتمعية، ونظراً للحاجة إلى علاج أكبر عددٍ ممكنٍ من الناس، فسوف أعطي جرعةً أقل”.

هل موجودة في السوق الأمريكي أصلا؟

وشهد عقار Remdesivir نقصاً في القدر المعروض منذ شهور، وأصبح متاحاً للمستشفيات فقط للشراء من المُوزِّع، وليس من الحكومة الأمريكية، في اليوم نفسه الذي يُعتَقَد أن ترامب تلقَّى فيه أول اختبارٍ إيجابي لإصابته بكوفيد-19.

أما عقار ديكساميثازون، فعادةً ما يُحجَز فقط للمرضى المصابين بأعراضٍ خطيرة.

واعتبر تقرير لجريدة The Guardian أن هذه الرعاية الخاصة عدم المساواة في النظام الطبي الأمريكي، إذ يتعيَّن على الأشخاص العاديين القفز من خلال الأطواق البيروقراطية وتحمُّل تكاليف باهظة للرعاية الصحية. لكن العلاج الخاص ليس بالضرورة صحياً للمريض الذي يُمنَح إياه.

كيف تعمل هذه الأدوية الثلاثة؟

الإصابة بفيروس كورونا تمر بمرحلتين، في الاولى يكون الفيروس هو المشكلة، أما الثانية وهي المرحلة المميتة، تبدأ حين يزيد نشاط جهاز المناعة ويتسبب في أضرار جانبية للأعضاء الأخرى.

وتقع العلاجات ضمن مجموعتين، إحداها تهاجم الفيروس مباشرة ومن المرجح أن تكون أكثر فعالية خلال المرحلة الأولى، والأخرى تشمل أدوية تهدئ جهاز المناعة، وهي أكثر فعالية على الأرجح في المرحلة الثانية.

الأجسام المضادة الأحادية النسيلة

يتمثل هذا العلاج في تركيبة من الأجسام المضادة Monoclonal antibody تقوم بمحاكاة استجابة جهاز المناعة.

تقوم الأجسام المضادة بالالتصاق فعلياً بفيروس كورونا بحيث لا يستطيع اختراق خلايا الجسم، وتجعله “مرئياً” بصورة أكبر لجهاز المناعة.

هناك آمال كبيرة في هذا العلاج، غير أن أدلة اختباره على المرضى لاتزال محدودة للغاية ولاتزال الأجسام المضادة أحادية النسيلة تُصنف كعلاج تجريبي، حيث تخضع حاليا للتجارب السريرية.

ديكساميثازون

هذا النوع من الأستيرويد ينقذ الأرواح من خلال تهدئة جهاز المناعة، لكن لابد من استخدامه في الوقت الصحيح. إعطاؤه للمريض في وقت مبكر يمكن أن يضعف قدرة الجسم على المقاومة، وتنصح منظمة الصحة العالمية باستخدامه في الحالات “الخطرة والحرجة” فقط.

ريمديسيفير

يعمل عن طريق خداع الفيروس إذ يبدو كيميائياً شبيهاً بالمواد الخام التي يحتاجها الفيروس ليتكاثر. وهو الأمر الذي يؤدي إلى إبطال قدرة الفيروس على انتاج الاف النسخ من نفسه.

وقد أظهرت التجارب السريرية أن العقار يقلل مدة استمرار أعراض الإصابة من 15 يوماً إلى 11 يوما، غير أنه لا يوجد دليل على أن ريمديسيفير أدى لإنقاذ أرواح، ويظهر تأثيره الأكبر في وقت مبكر من حدوث العدوى.

أدوية أخرى استخدمها ترامب 

بالإضافة للأدوية الثلاثة استخدم معالجو ترامب لدعم المناعة معدن الزنك وفيتامين “د”، و” فاموتيدين” الذي يقلل أحماض المعدة، والميلاتونين الذي يساعد على الخلود للنوم، لكن أيا من هذه الأدوية لم يثبت أن تناوله يحسن قدرة المرضى على مواجهة الفيروس.

وهل تعالج مصر ضحايا الفيروس بالأدوية نفسها؟

مطلع يونيو الماضي، رفض عماد محمود، سائق بإحدى الشركات الخاصة، تلقى العلاج بإحدى المستشفيات الخاصة المتعاقد معها محل عمله، بعد إصابته بفيروس كورونا المُستجد “كوفيد-19″، “الشركة طلبوا منّنا نعمل تحليل، واكتشفت إصابتي”.

قرر علاج نفسه داخل المنزل لأنه اعتقد أن “أكثر من توفوا بسبب الفيروس التاجي نتيجة دخولهم المستشفيات، وتدهور حالاتهم الصحية”.

داخل شقة مكونة من 3 حجرات وصالة، عزل “محمود” نفسه واعتمد بادئ الأمر على تلقى الأدوية المُسكنة خافضة الحرارة، والحصول على قسطٍ وافر من الراحة، وشرب السوائل.

بعد 15 يومًا من الإصابة، وجد السائق الخمسيني حالته الصحية لا تتحسن. “قلقت جدًا، وقلت: يمكن أموت!”، استعان بـ”جروبات” عبر مواقع التواصل الاجتماعى تقترح أدوية علاج كورونا.

سأل محمود طبيبا على تلك الجروبات: يا دكتور ممكن أخذ أدوية وأنا قاعد في البيت.

أجابه: بكل تأكيد.

جادله: لكن حتى الآن لم يخترعوا لقاحًا”

وكانت أدوية ديكساميثازون، و ريميديسفير، ومكملات الزنك، وفيتامين سي ضمن الأدوية التى نصح بها الطبيب للسائق المٌصاب بـ”كورونا”.

بعد أسبوعين آخرين، مكثهما الرجل داخل منزله شٌفى تمامًا من “كوفيد-19″، وتأكد من ذلك بعد إجراء مسحتين إحداهما تبع جهة عمله، والثانية: بمستشفى حكومي.

ولم يسمع الرجل عن حديث العلماء حول مكملات الزنك والفيتامين سى، ديكساميثازون، و ريميديسفير، وأنّها قد تكون فعّالة فى علاج “كورونا”، كونها تُقصر نزلات البرد التى تحدث بسبب أنواع من الفيروسات التاجية التى لا علاقة لها بـ”كوفيد-19”.

إذن، الأدوية التي تلقاها ترامب للعلاج من كورونا، هي بالفعل ضمن البروتوكول الخاصة بوزارة الصحة والسكان، كما يقول بيتر وجيه، مدير مستشفى حميات العباسية.

 

وهل يجد مريض الكورونا الأدوية في الصيدليات؟

حين أصيب زوج ابنه “محمود” بكورونا بعد زفافه على عروسه بنحو 3 أيام، اتبّع وصفات محمود، لكنه وجد معاناة فى الحصول على ديسكاميثازون وريميديسفير، وأدوية تقوية المناعة وفيتامين سي.

“كان هناك سوق سوداء”، كما يصف زوج ابنته، لكن تم شفاؤه بعد عثوره على الأدوية.

ونقل تقرير ميداني لموقع BBC عن أحد الصيادلة أن العجز في الأدوية المكونة لبروتوكول وزارة الصحة المصرية، مثل فيتامين سي والزنك وبعض المضادات الحيوية، ظهر في بداية الوباء، لكن “الوضع الحالي اختلف كثيرا، والأدوية أصبحت متوفرة في الصيدليات، وبات في إمكان أي مصاب الحصول على الدواء الموصوف له أو على بديل له في الوقت الحالي”.

وبسبب تزايد الطلب على أدوية البروتوكول، استهلكت الأسواق حجم الدواء الذي كان يغطي عاما كاملا، في 6 أسابيع فقط.

ونقل التقرير عن الصيدلي محمد جمال أن “الهيدروكسي كلوروكوين، الموجود باسم بلاكونيل، غير متوفر على الإطلاق في الصيدليات. وأعتقد أنه سُحب من الأسواق بمعرفة وزارة الصحة بعد أن حقق تقدما في العلاج، وعقب إدراجه في بروتوكول العلاج المصري، ربما لخطورته على مرضى القلب وضرورة تناوله تحت إشراف طبي”.

 

وما هي البدائل العاجلة إذا لم يجد هذه الأدوية بعينها؟

المتاح أمام الصيدلي لعلاج المرضى غالبا ما يكون اقتراح أدوية تقوية المناعة، وخفض درجة حرارة الجسد، وإيقاف الإسهال فى حالة حدوثه، كما يقول الدكتور ثروت حجاج، رئيس لجنة الصيدليات بنقابة الصيادلة. “أدوية كثيرة من المستخدمة والتى يصفها أطباء الصدر للمرضى تعالج الأمراض الجلدية، مثل: الجرب، ولا يُعرف حتى الآن علاقاتها بعلاج كورونا، لكنّها تأت بنتائج جيدة”.

ويرفض حجاج انتقاد أو عقاب الصيدلي الذي يصرف علاجا لمريض كورونا أو عقابه، “لو كان النّاس المُصابة راحت المستشفيات. لوجدنا أعداد كبيرة تؤدي إلى انهيار المنظومة الطبية بأكملها. حتى لو حدث ذلك بدولة متقدمة، مثل: الولايات المتحدة الأمريكية”.

ويحبذ “حجاج” العلاج المنزلي، والاعتماد على بروتوكول وزارة الصحة والسكان، وما يكتبه الأطباء وثبت فعاليته في علاج بعض الحالات المصابة بالفيروس التاجي.