بعد صراع مع المرض استمر عدة سنوات غاب خلالها عن الجمهور، توفي اليوم الفنان محمود ياسين عن عمر 79 عامًا قضى ما يزيد على نصفها نجمًا مسرحيًا وسينمائيًا وتلفزيونيا حتى آخر أعماله: أوبريت “مصر فوق كل المحن” الذي عرض في 2014.

وأعلن خبر وفاة ياسين صباح اليوم من خلال فيديو نشره ابنه المخرج والسيناريست عمرو محمود ياسين عبر صفحته الشخصية على فيسبوك.

خلال رحلة فنية استمرت حوالي 46 عامًا، قدم محمود ياسين ما يزيد عن 250 عمل فني حاول أن يكون بهم فنانًا متنوعًا، واستطاع تحقيق نجومية جعلته يسيطر على شاشات العرض في القاهرة والعالم العربي لما يزيد على فترة امتدت من نهاية الستينات وحتى منتصف الثمانينات وقف فيها أمام أهم نجمات السينما المصرية على مدار.

شخصيات وألوان

بداية محمود ياسين الفنية كانت كواحد من أبناء الثقافة الجماهيرية، إذ التحق كممل ومخرج بفرقة قصر ثقافة بورسعيد إلى أن اكتشفه المخرج المسرحي الكبير كمال ياسين لينتقل للعاصمة ويقف على خشبة المسرح القومي ليلعب أدوار ناجحة في عدد من المسرحيات التي لفتت إليه انتباه المخرج السينمائي حسين كمال ليعرض عليه دور البطولة في فيلم “نحن لا نزرع الشوك” بعد إصرار من الفنانة شادية عليه.

ومع بداية السبعينات صار اسم محمود ياسين هو الأعلى سطوعًا في سماء السينما بعدد أعمال يصل إلى 10 أفلامم في السنة، تنقل خلالها بين أدوار متنوعة ارتدى فيها الشخصية الارستقراطية وشخصية الشاب العصامي والمكافح والرجل اللعوب وابن البلد، ويمكننا أن نرى ذلك جليًا من خلال أفلام “الخيط الرفيع” و”حب وكبرياء” و”أنف وثلاثة عيون” و”العاطفة والجسد” و”حبيبتي” وغيرها من الأعمال السينمائية التي استطاع أن يتسيد من خلالها نجومية الشباك والحصول على النصيب الأكبر من كعكة الايرادات في سينما السبعينات.

باب النجومية

بدلة الارستقراطية التي ارتداها محمود ياسين وكونه “الجان” الأبرز في سينما السبعينات جعلته محط أنظار نجمات السينما اللائي احتجن إلى جان شاب يقاسمهن البطولة فوقف أمام فاتن حمامة في “الخيط الرفيع” و”أفواه وأرانب”، ومع شادية في “نحن لا نزرع الشوك” وسعاد حسني في “أين عقلي” وماجدة الصباحي في “أنف وثلاث عيون”، وهؤلاء النجمات كان لهن من الجماهيرية ما جعل من محمود ياسين نجم شباك رغم صغر سنه. ولكن وقوفه أمامهن حقق له شعبية ونجومية كبيرة، جعلته يتفوق على غيره من الفنانين.

 

سينما الانتصار

توافق لمعان نجم محمود ياسين مع انتصار أكتوبر، ليخوض الراحل رحلة أفلام الحرب منفردًا ويحقق بها نجاح من نوع آخر ليصبح هو صاحب أفلام الحرب الأول، والتي كان منها” الرصاصة لا تزال في جيبي” و”الوفاء العظيم”، “بدور” و”أغنية على الممر” وغيرها من الأفلام، التي حققت نجاح مختلف لدى الجمهور، عزز من مكانته وجعله يحلق أعلى في سماء الإيرادت، خاصة وأن الجمهور كان متأثرًا بنجاحات الحرب.

خارج عباءة الرومانسية

مع حلول الثمانينيات قرر محمود ياسين أن يجاري أرض الواقع ويخرج من عباءة الجان التي ارتداها لـ10 سنوات متتالية وحقق بها نجوميته، ليقرر أن ينزل إلى أرض الحرافيش من خلال عدد من الأفلام بعد أن صارت أفلام “أولاد البلد” هي الأكثر جاذبية للجمهور. قدم ياسين في الثمانينيات أفلام “دندش”، “وكالة البلح”، “العربجي”، “أسوار المدابغ” و”مدافن مفروشة للإيجار”، “الحرافيش”، وغيرها من الأفلام التي استطاع أن يقترب بها من التفضيلات الجديدة لشرائح جديدة من جمهور السينما.

 

لماذا تفوق محمود ياسين على غيره

يقول الناقد طارق الشناوي إن تألق الفنان الراحل جاء نتيجة تنوع الرؤية الفنية لمن عمل معهم من المخرجين، سواء من كبار مخرجي الفترة الذهبية للسينما المصرية أو شباب المخرجين من أبناء الموجة الجديدة الذين ظهروا بين سنوات الحرب. كما جاء من رغبة المخرجين والمنتجين في ملء فراغ بطولة الأعمال الرومانسية بعد ظهور السن على كبار جانات السينما المصرية مثل شكري سرحان وأحمد مظهر وكمال الشناوي في فترة السبعينات.

وأضاف الشناوي، أن محمود ياسين كان “ممن يعلمون من أين تؤكل الكتف مع الجمهور” فكان رجل الحرب فنيًا، فكسب الجمهور والإيرادات والنقاد في السبعينات، وسبق هذه الخطوة باستحواذه على الأدوار الرومانسية وجميلات الفن فكسب الجمهور أيضًا من خلال هذا الباب، وبعدها مع الثمانينات حاول أن يتماشى مع غيره من الفنانين والسوق وانتشار أفلام الحرافيش فحقق أيضًا نجاحًا بها وكان له تجارب جيدة، وبالتالي أصبحت تجربة محمود ياسين هي التجربة التي يجب أن تكون مُعلمًا للفنانين بمجاراة السوق وكسب الجمهور وتقديم أعمال مميزة وجيدة.