بين حوالي مليون و750 ألف طلب تلقته إدارات الأحياء والمراكز التكنولوجية الملحقة بها  للتصالح على مخالفات البناء في الأشهر الماضية، يقف كثير من المتقدمين عند “نموذج 3” الخاص بإثبات الجدية في التصالح على الوحدات المخالفة، وتبقى كافة الأبواب التالية على هذه العتبة مغلقة أمام أغلبية الراغبين في الاطمئنان على بقاء حيازاتهم السكنية.

يمنحك “نموذج 3” شرعية الاستمرار في طلب التصالح. فالنموذج الصادر عن  اللجنة القانونية التي تبت في طلبات التصالح يفيد بأن المتقدم “جاد في طلبه ودفع حوالي 25 % من رسوم التصالح المطلوبة”. ويحصل المتقدم بموجب “نموذج 3” على ورقة تضمن إثبات ملكيته للعقار وبيانات ذلك العقار والمساحة المطلوب التصالح عليها. وبحسب مصدر حكومي: “البلد كلها في مرحلة نموذج 3 لدفعها جدية التصالح”، وهي مرحلة متقدمة من المفاوضات بين المواطنين والحكومة، لكنها لا تعني أكثر من ذلك. كيف؟

هذه الورقة بحسب المصدر نفسه: “تمنحك الحق في إيقاف الأحكام القضائية الصادرة بحق عقارك أو محلك المخالف، لكنها لا تعطيك الحق في التقدم بطلب استخراج مرافق حكومية إلى وحدتك كعداد كهرباء أو مياه أو غاز، لأنه ليس تصالحا؛ بل مجرد إثبات لصدق نيتك في التصالح، ولن تتعامل معها أي مصلحة حكومية على أنها تصالح كامل.

وأعلن رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، في سبتمبر الماضي، عدم اعتزام الحكومة إزالة أي وحدة يتسلم صاحبها “نموذج 3″، وتجميد الأحكام القضائية الصادرة ضد مالك الوحدة بمجرد تقدمه بطلب التصالح، في إطار التيسير على الراغبين في التصالح”.

يشرح المصدر الحكومي الذي تحدث إلى “مصر 360” شريطة عدم ذكر اسمه، أن خطوات التصالح في البناء المخالف تمر بمراحل عديدة، أولها التقدم بالطلب والمستندات اللازمة من خلال الحي والمراكز التكنولوجية، ثم رفعها إلى اللجنة الفنية المشكلة بالجهة الإدارية، والمختصة بالبت في طلبات التصالح وتقنين الأوضاع. وخلال هذه الفترة التي لا تتجاوز شهرين يسدد الراغب في التصالح 25 % من قيمة التصالح المحددة أو بحد أقصى 250 ألف جنيه للعقار المخالف.

باب مغلق

عقب تسديد الـ25% تصدر لك الجهات المعنية “نموذج 3” الذي يثبت رغبتك في التصالح، لكنه هذا المستند لا يمنحك أكثر مما ذكرناه سابقًا، وتظل في انتظار اجتياز الباب التالي وهو “النموذج 5” التي تحدد إذا كان طلبك تمت الموافقة عليها من اللجنة، أو رُفِض لأن المنشأة أو المحل “ضمن الأماكن المحظور التصالح فيها”.

مراحل

وبحسب كتيب أصدرته وزارة الإسكان يضم بعض الأسئلة الشائعة حول قانون التصالح، تتضمن الحالات التي لا يجوز التصالح فيها: الأعمال المخلة بالسلامة الإنشائية للبناء “كالأدوار المخالفة الزائدة عن حمولة أساسات المبنى، والمخالفات الخاصة بالمباني ذات الطراز المعماري المتميز، وتجاوز قيود الارتفاع المقررة من سلطة الطيران المدني. كما تتضمن أيضا تجاوز متطلبات شؤون الدفاع عن الدولة، والبناء على الأراضي المملوكة للدولة مالم يكن صاحب الشأن قد تقدم بطلبل توفيق أوضاعه وفقًا للقانون، بالإضافة إلى البناء خارج الأحوزة العمرانية المعتمدة.

وفي حالة الموافقة يحصل المتقدم على شهادة رسمية من اللجنة التي تبت في الطلبات بأحقيته في التصالح، ثم يبدأ في سداد القيمة المحددة على مدار 3 سنوات. وفي حالة الرفض يحق له التظلم أو استرجاع النسبة التي سددها للجهات المعنية، وفقا لحديث المصدر.

يقول المصدر: “البلد كلها في مرحلة نموذج 3 لدفعها جدية التصالح، والناس مستجيبة جدا، خصوصًا بعد تخفيض الحكومة لقيمة التصالح”. مؤكدا في الوقت نفسه أن الدولة “وضعت نقطة نظام في هذا الملف” ولن تتراجع أو تتسامح مع أي مخالفات.

وأعلن رئيس الوزراء في 12 سبتمبر الماضي عن تخفيض قيمة التصالح على مخالفات البناء في كل الريف المصري إلى الحد الأدنى الذي نص عليه القانون، وهو خمسين جنيهًا فقط للمتر، بهدف تشجيع مواطني الأقاليم على التقدم بطلبات التصالح.

تخفيض قيمة التصالح ومنح المخالفين مهلة لتسوية أوضاعهم ساهم بشكل كبير في نزع فتيل أزمة عنيفة بين الحكومة والمواطنين، وهو ما ذهب إليه الكاتب الصحفي عماد الدين حسين في حديثه لبرنامج “كلمة أخيرة” في الرابع من أكتوبر الجاري، مفسرا التهدئة من قبل الدولة  بأنها تريد أن تنهى هذا الملف، لأنه يستحيل بدء التخطيط وإصدار التراخيص الجديدة من دون إغلاق الملفات القديمة.

وشرح حسين المعين حديثًا في مجلس الشيوخ خلال تصريحاته التلفزيونية تداعيات الأزمة التي ساهمت في اندلاع احتجاجات في بعض القرى خلال سبتمبر الماضي، قائلا: “لو أن الحكومة كان لديها بيانات تفصيلية عن خريطة المخالفات والمخالفين وأنواعهم وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية، لربما كنا قد وفرنا على أنفسنا كل هذا الصداع المزمن الذى كاد يقود إلى فتنة كبرى لولا ستر الله”.