العالم الذي يعاني في حربه على فيروس كوفيد 19 لم يتوقف كثيرا أمام الخبر الخطير: الإمارات تجيز استخدام  اللقاح غير النشط المضاد لفيروس كورونا، بالتعاون مع شركة صينية.

الإعلان الإماراتي في منتصف شهر سبتمبر الحالي لم يشغل الإعلام العالمي، رغم الحملة الإعلامية المصاحبة له، وصور المسئولين وهم يحصلون على الحقنة المنظرة.

اللقاح من إنتاج شركة الأدوية الصينية “سينوفارم” وقد أخضعته الإمارات، منذ منتصف شهر تموز/ يوليو الماضي، لتجارب أظهرت أنه “آمن وفعال ونتجت عنه استجابة قوية”. وسمحت باستخدامه للطواقم الطبية أولا.

ماذا يقول الإعلان الإماراتي عن نجاح اللقاح؟

قال وزير الصحة الإماراتي إن نتائج الدراسات خلال المراحل النهائية من التجارب أظهرت أن اللقاح آمن وفعال ونتجت عنه استجابة قوية، وتوليد أجسام مضادة للفيروس. وذكر أنه تمت مراجعة الدراسات المتعلقة بسلامة التطعيم، تحت إشراف صارم من فريق طبي لإدارة الدراسة، وبتطبيق كافة إجراءات مراقبة الجودة والأمان والفعالية للقاح.

الإعلان الرسمي أشار إلى مشاركة 31 ألف متطوع من 125 جنسية، والوصول إلى استجابة قوية من خلال انتاج أجسام مضادة لدي المتطوعين التجريبيين.

اللقاح سيكون متاحا للخطوط الأمامية فى الامارات، وهي فئات بعينها منها الشرطة والجيش والأطباء والمدرسون، وستكون تكلفة الحصول عليه 90 دولار بعد طرحه لعامة المواطنين.

كيف كانت خطوات “التجربة الإماراتية”؟

كانت التجارب السريرية التي أعلنت عنها الامارات قد بدأت فى منتصف يوليو الماضي، بشراكة مع مجموعة بيوتيك الصينية التابعة لشركة سينوفارم وشركة جي 42 الاماراتية.

المصادر الإماراتية أكدت خلال الإعلان عن تفاصيل التجربة أن المتطوعين الإمارتيين خضعوا للإشراف الطبي لمدة 90 يوما بعد الحصول على جرعات اللقاح، بما يتماس مع التجارب التي تجري فى روسيا وأماكن أخري على مستوي العالم.

وقبل أسبوع أكد كيريل ديميتريف الرئيس التنفيذى لصندوق الاستثمار الروسي أن الامارات اتبعت أحد أكبر الاساليب تقدما فى العالم لمكافحة الكورونا من خلال تجاربها، وأنه سيتم دمج النتائج بنتائج  روسيا فى تجربة اللقاح الذى أعلنت منذ فترة عن نجاحه قبل نهاية نوفمبر القادم.

ما هي مراحل تجربة اختبارات اللقاح على المتطوعين؟

تبدأ التجربة على عدد بسيط من المتطوعين وهي المرحلة الآمنة.

المرحلة الثانية هي التجربة على عدد أكبر وهي ما يطلق عليها التجارب السريرية، وتتم عبر حقن المتطوع باللقاح على مرتين ثم مراقبة تاثيره، ومتابعته عبر مدة زمنية بعينها، لمعرفة رد فعل  الجسم على اللقاح والفعل المناعي والأجسام المضادة. وهي المرحلة التي أعلنت مصر والأردن عن البدء فيها مؤخرا.

تحتاج التجربة الى متطوعين ذوى  صحة جيدة، لا يعانون من أمراض مزمنة.

المرحلة الثالثة التي يتم فيها حصول المواطنين على اللقاح كمصل مؤثر ضد الكورونا.

فى الوقت نفسه كشف مصدر طبي مصري رفض ذكر اسمه مشارك فى التجارب السريرية الحالية فى مصر، أن الإمارات لم تنتظر لحين الانتهاء من تجربة اللقاح المشتركة بينها وبين الدول التي تعمل على نفس اللقاح الصيني، وفضلت أن تعلن عن اكتفائها بما أجرته من تجارب تخصها طالما أنها أثبتت فاعلية ليحصل مواطنوها على اللقاح.

وما هو تقييم التجربة الإماراتية علميا؟

فكرة اللقاح فى  الأساس أعلنت عنها شركة صينية هي SINOPHARM أنشأته باسم BBIBP-GORV ثبت أنه آمن واثار استجابات مناعية فى اختبار مجتمعي فى المرحلة المبكرة والمتوسطة على البشر.

فى نفس الوقت أعلنت  9 شركات أدوية معروفة عالميا فى بدايات سبتمبر الماضي عن تكامل انتاج عمليات اللقاحات، ولكنها تؤكد أنها لن تنتج أيا منها إلا بعد إجراء تجارب سريرية واسعة تثبت أمان تلك اللقاحات.

قالت دكتورة ايناس عبد الرحيم علي مدرس الصحة العامة والطب الوقائى بكلية الطب جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا لـ “مصر 360” تعليقا على تجربة اللقاح الاماراتية ، أنها “قد تكون لم تنته بشكل حقيقي بعد، ولو أن العدد المعلن عن تجربته من خلالهم 31 ألف متطوعا هو عدد كبير بالفعل، لكن يظل فى تقديرها ان هذه الإعلان هو مجرد دعاية”.

لماذا لم يهتم العالم بنتائج التجربة الإماراتية؟

السبب هو أنه شأن داخلى بالدولة.

هكذا يعلق مصدر طبي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، مضيفا أنه “ليس إعلانا عالميا لشركة، كما ان اللقاح موجود بالأساس فى شركة سينوفارم الصينية ويتم تجربته نفسه فى مصر والأردن والبحرين ودول أخري”.

وأضاف المصدر الطبي فى تصريحات خاصة لـ “مصر 360″ أن  ما حدث فى الامارات استثناء للقاعدة المتفق عليها خلال التجربة القائمة على الإعلان الجمعي بين الدول المشاركة  ” الإمارات، البحرين، مصر، الأردن” لكنه استثناء يجوز طبيا فى حالات الوباء كما أنها لن تتاجر فيه دوليا.

وقال أن مراحل الاعلان المفترضة ستكون من خلال تجميع المعلومات الخاصة بتجربة اللقاح فى الدول المشاركة، فى إطار التعاون مع الحكومة الصينية وشركة G42الاماراتية للرعاية الصحية المستهدف منها إجراء تجارب على 45 ألف مبحوث على مستوي العالم، مصر تشارك بـ 6 آلاف مبحوث فقط ، لمعرفة مدي الفاعلية وتأثيره على أجسام المتطوعين وارسالها الى الشركة الصينية المنتجة للقاح لبدء إنتاجه ارسال جماعي .

وقال إن الشركة تنتج المصل فى اطار التجارب فقط  الآن، والدول تعمل عليه وفقا للدرجة الوبائية التي تعيشها حاليا.

كان آشيش كوشي الرئيس التنفيذي لشركة جي42 للرعاية الصحية، إنه جرى تجريب اللقاح على أكثر من 31 ألف شخص في الإمارات ومصر والبحرين والأردن.

هل يمكن مقارنة التجربة المصرية بتجربة الإمارات؟

التجربة المصرية مختلفة الشكل والفعل.

لم يتم فقط انشاء موقع الكتروني على غرار الموقع الإماراتي لتسجيل أسماء من يرغب فى التطوع لتجربة اللقاح.

صحب ذلك اعلانات تليفزيونية وإذاعية لتحفيز المواطن المصري على المشاركة.

كما غلف المشهد حالة من الغموض عن المتطوعين ورفض الحديث عنهم أو الإعلان عن هويتهم، ومنع الإدلاء بأية معلومات عنهم من المسؤلين عن التجربة

وتم توزيع المشاركين فى التجريب على مستشفى صدر العباسية، هيئة المصل واللقاح بالدقي، ومعهد الكبد القومي.

اختارت وزارة الصحة ” خالد الصاوي” الوجه الفني ليكون بطلا لاعلانات الوزارة لتدعو للمواطنين المصريين للذهاب من أجل المشاركة فى التجارب السريرية.

وكان هذا يعني أن التجارب في مرحلتها الثانية.

الإعلان المنتشر فى جميع وسائل الاذاعة والتليفزيون يظهر الصاوي وهو يخضع للفحوص السابقة للتجارب السريرية، تحت شعار ” من أجل الانسانية” من أجل العودة الى الحياة العادية مرة أخري، فى اشارة لأزمة الكورونا العالمية.

الممثل خالد الصاوي في إعلان وزارة الصحة للبحث عن متطوعين

وهل هناك صعوبات في استكمال التجربة المصرية؟

تعاني التجارب قلة عدد المقبلين على التطوع.

قبل أيام قالت وزيرة الصحة د. هالة زايد إن 170 متطوعا فقط حتي الشهر الماضي شاركوا فى التجارب السريرية للقاح كورونا، فى الوقت الذى أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية أنها فى طور التأكد من قدرة مصر على انتاج اللقاح، وأن وفدا من المنظمة يضم خبراء واستشاريين سيراجع المعايير التصنيع تمهيدا لاعتماد منشآت فاكسيرا لتصنيع اللقاح فور ثبوت فاعليته.

التقدم لاختبار اللقاح في مصر يشترط الأ يقل السن عن 18 سنة ولا يزيد عن 60 سنة، ولا يرفض الإعلان مشاركة الأجانب بشرط وجود إقامة سارية.

وقد علم “مصر 360″ أن هناك تنبيهات شديدة اللهجة على الأطباء المشاركين فى التجارب السريرية أو الموجودين بالمصل واللقاح بعدم إصدار أى تصريحات صحفية لأي جهة إلا بموافقة من الوزيرة أو المتحدث الرسمي باسم الوزارة، وأنه هناك حالة من التعتيم على التجربة.

وتؤكد د. إيناس عبد الرحيم أن التجارب السريرية فى مصر تعمل الآن من خلال عدة مراحل:

إعطاء الجرعة زيرو أو الجرعة الأولي.

بعد ثلاث أسابيع يتم حقن المتطوع بالجرعة الثانية.

وفى حالة نجاحها من خلال خلق أجسام مضادة للكورونا ستعلن مصر عن فعاليه اللقاح، إلا إنه التجارب لم تكتمل بسبب قلة عدد المتطوعين.

وعلم” مصر 360″ أن التجارب الحالية التي تجريها مصر فى طور المرحلة الأخيرة قبل الاعلان عن نتائج اللقاح المختبر، ومن المفترض أن يصل عدد المتطوعيين الى 6 آلاف متطوع، وأنها مرحلة تشمل أجناسا وأعمارا مختلفة.