انضم عضو فريق “ستاند أب كوميدي” محمد أشرف إلى لائحة طويلة من الأسماء المتهمة بإهانة الثوابت الدينية والاجتماعية، وذلك بعد انتشار فيديو قديم له يسخر فيه من طريقة أداء مقدمي البرامج الدينية بإذاعة القرآن الكريم.

وشهدت الساعات الأخيرة تداول الفيديو الخاص لمحمد أشرف عن الإذاعة الدينية بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إعادة نشره من خلال حساب شخص ملتحي على تطبيق “تيك توك”، وفقا لأشرف.

وتعرض أشرف لهجوم كبير بسبب سخريته من طريقة تفخيم الأصوات المعروفة عن مقدمي البرامج في الإذاعة الشهيرة، إذ وصفها بالطريقة الغريبة التي يقدم بها برامج مثل” في رحاب السنة” و”بريد الإسلام”، وهو ما اعتبره البعض هجوما على التراث الديني ومحاولة لتشويه الرموز الدينية.

الكوميديان ينفي التهمة ويؤكد أن المقطع “مقصوص”

اضطر أشرف لإغلاق صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تعرضه لهجوم وتهديدات طالت أسرته، وقال لصحيفة اليوم السابع إن الفيديو قديم، “مقصوص منه الجزء اللى انتشر، لو الناس شاف الفيديو بالكامل هيتأكدوا إنى مش بتريق على الدين، وعمرى ما اتريق على الدين”.

وتابع أشرف: “فوجئت أن الموضوع انتشر خاصة على صفحات الإخوان، ورسائل تهديدات وشتائم، ووصلت لتهديدات لمراتى، انا كنت بقلد طريقة الكلام فقط” وأردف: “اتهمونى انى زنديق، أنا متريقتش على الدين، أنا قلدت بشر فى طريقة إلقائهم، ممكن أقلد مذيعين عاديين هما ربطوا الدين بكلامى ليه؟”.

وأوضح الكوميديان أن العاملين في هذا المجال لا يضعون السخرية من الأديان في أجندة عملهم ولوائحهم، متسائلا: “هل لو قلدت كابتن مدحت شلبي يبقى كدا بسخر من الكورة؟”.

ويعرف “ستاند أب كوميدي” بأنه أحد أنواع فنون الكوميديا التي تعتمد على وقوف الفنان مباشرة أمام جمهور حي، وهو يلقي النكت ويتحدث عن مواضيع أخرى بصورة ساخرة ومضحكة.

الوطنية للإعلام بدأت “إجراءات المحاسبة القانونية”

لم يكد يمر ساعات قليلة على انتشار الفيديو، حتى أعلنت الهيئة الوطنية للإعلام اتخاذ الإجراءات القانونية من أجل محاسبة “الشخص صاحب فيديو السخرية من إذاعة القرآن الكريم ورموزها”، لاقترفه خطأ جسيم في حق إذاعة القرآن الكريم التي لها قدسية وتقدير واحترام ومكانة خاصة في قلوب المستمعين من الشعب المصري والعربي.

وشدد حسين زين، رئيس الهيئة، على أنه لا تهاون حتى ينال هذا الشخص العقاب الذي يستحقه على سخريته من قامات إعلامية نعتز ونفتخر بها جميعا، قدمت برامج دينية هادفة متميزة، رسخت قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف الوسطي.

كما حذرت الوطنية للإعلام أي جهة أو شخص ينتهج مثل هذا “النهج المتدني غير المقبول والذي أقل بأن يوصف بـ”الانحطاط الأخلاقي”.

التدخل السريع من قبل الهيئة الوطنية للإعلام في أزمة عضو فريق “ستاند أب كوميدي” ليس غريبا، إذ تمتلك الهيئات الوطنية الثلاث المشرفة على المحتوى الإعلامي عبر الوسائل التقليدية ونشاط حسابات التواصل الاجتماعي التي يزد متابعيها عن 5 آلاف شخص رصيدا كبيرا من الرقابة والحجب حسب حالة كل منها.

رضوى الشربيني سبقته بواقعة الحديث عن الحجاب

واعتادت الهيئات الوطنية المنظمة للإعلام ممارسة هذا الدور منذ تدشينها، بموجب دستور 2014، آخرها فتح لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تحقيقا مع الإعلامية رضوى الشربيني في الشكاوى التي تلقاها المجلس بشأن ما صرحت به في أحد البرامج حول غير المحجبات.

وقالت الشربيني: “لكل واحدة هي المحجبة الوحيدة في شلة صحابها أو في عيلتها أو في شارعها أو في شغلها، أوعي تقلعي الحجاب انتي أحسن مني ومن غير المحجبة 100 ألف مرة، وغير المحجبة شيطان نفسها أقوى من إيمانها وقوتها”

وواجهت الشربيني حينذاك انتقادات من التيار الليبرالي في مصر، حيث اعتبروا تصريحاتها للتقليل من شأن غير المحجبات واتهامهن ضمنيا بالخروج عن التقاليد الاجتماعية.

وبالرغم من أن واقعة الشربيني لم تتجاوز المساحة الآمنة للنقاش المجتمعي حول قضية الحجاب من منظور نسوي، لكن المجلس الأعلى أراد وضع بصمته واستخدام حقه في الرقابة على ما كل ما تثبه وسائل الإعلام.

والكثير من قرارات المنع والحجب والإجراءات القانونية

وبحسب ورقة بحثية صادرة عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير، اتسمت ممارسات المجلس الأعلى للإعلام بالتعسف الشديد تجاه وسائل الإعلام والعاملين بها، استغلالًا لصياغات قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والتي جاءت فضفاضة جدًّا.

وأصدر الأعلى للإعلام قرارات بوقف العديد من البرامج وإحالة مقدميها إلى نقابتهم، إما بسبب مخالفة الكود الأخلاقي أو لاعتبارات الأمن القومي، من بينها برامج اجتماعية ساخرة مثل “أبلة فاهيتا” ومنع بثها على جميع الشاشات والإذاعات، نظرًا لما يحتويه من ألفاظ ومشاهد لا تليق بالذوق العام وتجافي كل القيم.

وأبلة فاهيتا أرملة تتحدث بالعامية المصرية طوال الوقت وتستخدم بعض الإيحاءات في إطار كوميدي حظي بإعجاب الجمهور على مدار سنوات بث البرنامج عبر شاشة “cbc”.

كما أوقف البرنامج الكوميدي S.N.L بالعربي على قناة ON.E.، بدعوى أن البرنامج حرص على استخدام الألفاظ والعبارات والإيحاءات الجنسية التي لا تليق بالعرض على المشاهدين وتخالف المعايير الأخلاقية والمهنية.

الجميع تحت طائلة الكود الأخلاقي

وسجلت “حرية الفكر والتعبير” 43 انتهاكا لحرية الإعلام، ارتكبها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بما يمثل نسبة 42% من الانتهاكات التي سجلتها المؤسسة خلال عام 2018، منها ما تعرض له رئيس تحرير سابق لصحيفة المصري اليوم، في إبريل 2018، من إحالة إلى التحقيق في نقابة الصحفيين، بسبب مانشيت بعنوان: “الدولة تحشد الناخبين”، مع محرر الخبر.

وتحت طائلة الكود الأخلاقي، أوقف المجلس اﻷعلي للإعلام بث عدة برامج تلفزيونية وأحال مقدميها إلى التحقيق في نقابتهم، وعلى سبيل المثال، تم إيقاف برنامج “الوسط الفني” والذي يذاع على قناة “الحدث اليوم” لمدة أسبوعين، على خلفية عرض ملابس خاصة لإحدى الممثلات، والتي قامت بارتدائها في أحد أفلامها. كما أحيل مقدم البرنامج أحمد عبد العزيز إلى التحقيق بنقابته.

ورأى معد الدراسة أن وقائع الحجب والمنع تثبت تعدى المجلس الأعلى للإعلام حدود اختصاصاته القانونية، وتغليب ممارسة الرقابة والتقييد على تنظيم شئون الصحافة والإعلام وحماية العاملين بهذا المجال.

الممارسات الرقابية من الهيئات الإعلامية لا تنفصل عن محاولة مؤسسات أخرى بالدولة شرعنة تجريم الانتقاد بالشكل العام، حيث فتح نقاش داخل مجلس النواب خلال العامين الماضيين لإقرار قانون تجريم إهانة الرموز والشخصيات التاريخية، لحماية الرموز والشخصيات التاريخية من العبث وعدم خداع الشعب بتشوية صورتهم، والإضرار بالمجتمع وزعزعة الثقة لدى الشباب في الرموز والشخصيات التاريخية

وبحسب مقدم القانون النائب عمر حمروش، أمين سر لجنة الشئون الدينية والأوقاف، فإنه يوجد إصرار في التهكم على الرموز والشخصيات التاريخية وخاصة من انتقلوا لرحمة الله، وأن الجدل الذي يحدث من إساءة لبعض الرموز التاريخية خطر وله آثار سلبية على الشعب المصري، وزعزعة الثقة ونشر الإحباط وهو الأمر الذي يسعى له قوى الشر.