يتنافس الباحثون  وشركات الأدوية حول العالم لإيجاد لقاح فعال ضد فيروس كورونا المستجد، بواقع تسع لقاحات  يجري اختبارها في الصين والولايات المتحدة وبريطانيا ولقاح ثان في روسيا، إضافة إلى  إنتاج ملايين الجرعات من اللقاح الروسي “سبوتنيك”. ومؤخرًا دخلت الأعشاب الأفريقية السباق بعد حصولها على الضوء الأخضر من منظمة الصحة العالمية لبدء التجارب السريرية.

ومع تزايد أعداد المصابين، ووفاة ما يزيد على مليون شخص، والتداعيات الاقتصادية للفيروس جراء الإغلاق العام، تتسارع عمليات اختبار اللقاحات أملًا في أن تكون جاهزة للاستخدام العام بنهاية العام الجاري، رغم تأكيدات الباحثين والأطباء أن إيجاد لقاح ضد فيروس ما يستغرق سنوات طويلة للتأكد من فعاليته وسلامته لجميع الفئات. إلا أن منظمة الصحة  العالمية أعطت الضوء الأخضر للإسراع في اختبار اللقاحات وإنتاج ملايين الجرعات منها بالتزامن مع عمليات الاختبار.

لقاح أكسفورد..  عثرات اللقاح الأفضل 

صدمة جديدة تلقاها لقاح جامعة  أكسفورد والذي تطوره بالتعاون مع شركة أسترازينيكا للأدوية، بعد إعلان  وفاة أول متطوع في التجارب السريرية التي تجرى في عدة دول بينها بريطانيا والهند والبرازيل.

وحسب ما ذكره موقع  “سي إن إن” فأن المتطوع البالغ من العمر 28 عاما، شارك في التجارب السريرية للقاح فيروس كورونا في ريو دي جانيرو، إلى جانب 8 آلاف متطوعًا، وتوفي جراء مضاعفات الإصابة بالفيروس.

ورغم ذلك أعلنت جامعة أكسفورد استكمال التجارب السريرية، دون مزيد من المعلومات حول علاقة اللقاح بوفاة المتطوع. جامعة أكسفورد كانت قد عقلت التجارب السريرية على اللقاح في سبتمبر الماضي بعد إصابة واحدة من المتطوعات في بريطانيا، بأعراض سلبية جراء تناول اللقاح، ولم تحدد الجامعة ماهية الأعراض السلبية ومدى خطورتها مكتفية بوصفه “مرض غير مبرر”. واستأنفت الجامعة التجارب بعد أربعة أيام فقط، بعد تقييم شروط السلامة باللقاح من قبل لجنة مستقلة.

ويضع العالم آمالا عريضة على لقاح أكسفورد باعتباره أفضل اللقاحات، التي مرت بالخطوات الأساسية واللازمة في عملية إنتاج اللقاح. وحسب “أكسفورد”، من المقرر انتهاء التجارب السريرية للقاح وبدء توفير الجرعات بنهاية العام الجاري أو مع بداية العام المقبل على أقصى تقدير، وسط غموض يحيط بعمليات توزيع اللقاح عالميا، ونصيب الدول الأفقر من هذا اللقاح.

 غموض يحيط باللقاح الأمريكي

شركة “جونسون آند جونسون” الأمريكية أعلنت أيضًا تعليق تجاربها السريرية  بشكل مفاجئ في الثاني عشر من أكتوبر الجاري بعد ظهور أعراض سلبية على أحد المتطوعين المشاركين. 

ورغم توقف التجارب، أكد مسؤولون أمريكيون أن اللقاح سيكون جاهزا نهاية العام الجاري، لكن هذا الأمر يقابل التشكيك بمحاولة إدارة ترامب  استغلال أزمة فيروس كورونا لتحقيق مكاسب سياسية في انتخابات نوفمبر.

في الحادي والعشرين من أكتوبر الجاري، عقدت الشركة اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي لتوفير 400 مليون جرعة من اللقاح للقارة، دون الإعلان عن موعد استئناف التجارب السريرية مرة أخرى.

اللقاح الروسي.. تشكيك واتهامات بالسرقة

في أغسطس الماضي أعطى الرئيس بوتين الضوء الأخضر لتصنيع ملايين الجرعات من أول لقاح لفيروس كورونا في العالم، بعد إجراء تجارب سريرية على متطوعين بالجيش، مع تأكيدات أن المرحلة الأولى من الجرعات ستقتصر على المواطنين الروس.

ونقلا عن وكالة الأنباء الروسية “تاس”، أبدى “بوتين” استعداد بلاده لتنظيم إنتاج اللقاح للدول الأخرى متوقعًا أن يقدر حجم مبيعات اللقاح الروسي في السوق العالمية 100 مليار دولار. 

ورغم بدء عملية تصنيع اللقاح الروسي لم تولي منظمة الصحة العالمية اللقاح اهتمامًا كبيرًا، بسبب غياب الشفافية فيما يخص التجارب السريرية، بالإضافة إلى اتهامات أخرى بسرقة أبحاث بريطانية حول فيروس كورونا. 

بؤرة تفشي كورونا.. أربع لقاحات صينية يجري اختبارها

في ثلاث مدن بمقاطعة تشجيانج، تجرى الآن حملات تطعيم المتطوعين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و59 عامًا بأحد اللقاحات التجريبية لفيروس كورونا، تمهيدا للحصول على ترخيص لقاح من السلطات الرسمية، حال نجاح المرحلة الثالثة.

 ويعد هذا اللقاح واحد من أربع لقاحات تم تطويرها من قبل الباحثين الصينيين. وتجرى التجارب السريرية داخل البلاد وفي عدة دول عربية بينها مصر والإمارات. 

 عربيًّا: ما هو الموقف بخصوص لقاح كورونا؟

في الإمارات تجرى المرحلة الثالثة والأخيرة من التجارب السريرية على لقاح فيروس كورونا الصيني، الذي تطوره شركة الأدوية “سينو فارم”. في الوقت نفسه أجازت الدولة الاستخدام الطارئ للقاح  على “خط الدفاع الأول” أو الفئات الأكثر تعاملا مع مصابي فيروس كورونا. 

وحسب وزير الصحة الإماراتي، عبد الرحمن العويس، أظهر اللقاح أمان وفعالية في إنتاج أجسام مضادة لفيروس كورونا.

ويبلغ عدد المشاركين في التجربة 31 ألف متطوعًا من 125 جنسية. وحسب العويس لم تظهر أية أعراض خطيرة على المتطوعين باستثناء الأعراض المصاحبة لأي لقاح مثل ارتفاع في درجة الحرارة، والشعور بالإعياء، والصداع. ورغم ذلك لم تعلن الإمارات أي معلومات حول إمكانية توفير اللقاح على نطاق أوسع بين المواطنين.

 

أما في مصر، أطلقت وزارة الصحة المصرية مبادرة “من أجل الإنسانية” لحث المواطنين على المشاركة في التجارب الإكلينيكية للقاح فيروس كورونا، التي انطلقت في سبتمبر الماضي بالتعاون مع الحكومة الصينية وشركة “جي 42” الإماراتية، وبلغ عدد المتطوعين 3 الآف شخص فقط، على رأسهم وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد  وعدد من الفنانين منهم أحمد فهمي، وخالد الصاوي.

حثت “زايد” المواطنين على المشاركة في التجارب السريرية من أجل تسريع عملية إنتاج اللقاح، مشيرة إلى أن التجارب السريرية لإنتاج لقاح لفيروس كورونا تجرى في دول عدة حول  العالم ويقدر عدد المتطوعين فيها بـ42 ألف شخص. 

مخاوف الموجة الثانية

 منظمة الصحة العالمية حذرت من الموجة الثانية لفيروس كورونا، التي يتوقع أن تبدأ مع دخول فصل الشتاء، وسط تحذيرات من موجة أشد وطأة من الموجة الأولى التي بدأت في فبراير الماضي.

وتسجل دول العالم حاليا زيادة غير مسبوقة في حالات الإصابة بفيروس كورونا، منذ مايو الماضى،  وسط إجراءات رسمية من فرض إرتداء الكمامات، أو إعادة الإغلاق الجزئي وحظر التجوال في بعض الدول منها فرنسا وإسبانيا وتونس، لمواجهة تفشي الفيروس.

وفي مصر، شدد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي على أهمية التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية وارتداء الكمامات، مشيراً إلى إعادة تفعيل الغرامات على من لا يرتدون الكمامات في الأماكن العامة ووسائل النقل والتي تقدر بـ4 آلاف جنيه، وسط تجهيزات للمستشفيات العزل على مستوى الجمهورية. 

ما بعد اللقاح .. عدالة التوزيع وتحديات أخرى

تسريع عملية إنتاج  كميات كبيرة من لقاح فيروس كورونا، وبدء حجز دفعات كبيرة من قبل الدول الغنية، فتح باب التساؤل عن نصيب الدول الفقيرة والنامية من اللقاح المنتظر. منظمة الصحة العالمية حثت قادة الدول على التعاون من أجل ضمان عدالة توزيع اللقاح بين دول العالم. ومن التحديات الأخرى التي أولت لها المنظمة الدولية اهتمامًا: توفير الحقن والأوعية الطبية المستخدمة في تعبئة اللقاح. منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أعلنت عن إطلاق مبادرة بالتعاون مع مؤسسات دولية ومنظمة الصحة العالمية،  لتخزين مليار حقنة مسبقًا بحلول نهاية عام 2021 لتكون قادرة على إطلاق حملات تحصين ضخمة بسرعة بمجرد توفر لقاحات معتمدة ضد فيروس كورونا.