“قبل دخولنا لجنة الانتخابات الخاصة بنا بإحدى مدارس القرية، وجدنا سيدة أمام الباب تملي علينا من نختار من المرشحين الفرديين وكذا القوائم، وأعطتنا ورقة صغيرة كضمان للحصول على حقنا مما يعطونه للناخبين مقابل الإدلاء بأصواتنا لمرشح بعينه”.
هكذا نقلت لموقع “مصر 360” السيدة عصمت محمود، من مركز العياط التابع لمحافظة الجيزة ما حدث معها لشراء صوتها في الانتخابات من أمام إحدى اللجان الانتخابية خلال ثاني يوم في انتخابات البرلمان، بالمرحلة الأولى.
وانطلقت المرحلة الأولى التصويت في انتخابات مجلس النواب المصري في دورته الثانية بعد دستور 2014، صباح اليوم السبت على أن تستمر لمدة يومين متتاليين، 24 و 25 أكتوبر، في 14 محافظة وهي “الجيزة والفيوم وبني سويف وامنيا وأسيوط وأسوان والبحر الأحمر والإسكندرية والوادي الجديد وسوهاج وقنا والأقصر والبحيرة ومطروح”.
ويتنافس فيها 1879 مرشحاً في 71 دائرة انتخابية بالنظام الفردي و4 قوائم بالدائرتين المخصصة لنظام القائمة، تحت إشراف قضائي.
تضيف السيدة: عقب دخولنا من باب اللجنة والانتهاء من عملية الإدلاء بالأصوات خرج كل منا وتوجهنا لتلك السيدة لتدلنا على أحد المنازل، حيث يتواجد شخص بجلباب يجلس على كرسي، وأمامه منضدة عليها عدد كبير من الورقات المالية فئة الخمسين، وسلمناه على الفور الورقة البيضاء الصغيرة، واستلم كلّ منا 50 جنيها.
على مواقع التواصل: “يا عم انت انتخبت.. أخدت حاجة؟”
ووفقا لما روته عصمت محمود، السيدة الأربعينية، من مركز العياط، التابع لمحافظة الجيزة، فإن لكل شخص يدلي بصوته له حرية الاختيار ما بين “50 جنيها، أو كارتون مواد غذائية بها كيس سكر وكيس مكرونة، وكيس أرز، وزجاجة زيت، أو عشرة كيلو دقيق”.
تضيف أن أغلب الناخبين في قريتها يذهبون للإدلاء بأصواتهم لقاء الحصول على ما يقدم لهم من مبالغ مادية أو سلع، لمساعدتهم بشكل مؤقت للتغلب على أعباء الحياة، فأغلب سكان قريتها من المزارعين البسطاء، “موسم الانتخابات لا يتغير شكله، ففي كل مرة تجد هبات المرشحين تتعدد ما بين السلع الغذائية أو المال”.
وتداول رواد منصات التواصل الاجتماعي فيديوهات لمواطنين من أمام واحدة من اللجان الانتخابية يشتكون من عدم حصولهم على المبلغ المالي المتفق عليه مع أحد التابعين للمرشحين في انتخابات مجلس النواب المصري في أحد محافظات المرحلة الأولى.
ووجه صاحب الفيديو المنتشر الكاميرا لأصدقائه ومن يتواجدوا أمام اللجنة حتى يتأكد أنهم لم يحصلوا على الخمسون جنيه” التي وعدوا بها من قبل بعض التابعين لمرشح في انتخابات البرلمان المصري.
فيديو عمرو أديب: الكلام عن الرشاوى الانتخابية آفة كل انتخابات برلمانية في مصر
بني سويف: صوتك مقابل مساعدة الجمعيات الخيرية
تختلف طريقة الحصول على أصوات الناخبين بين المحافظات، بل وبين قرى المحافظة الواحدة، ففي محافظة بني سويف يتفق المرشحون مع مندوبين الجمعيات الخيرية بالقرية، لإحضار الناخبين للإدلاء بأصواتهم لصالحهم، مقابل أن تستمر المعاونات التي تعطيها لهم الجمعية الخيرية في قريتهم، وإلا ستنقطع عنهم، وفقا لما قاله عبد الرحمن محمد، أحد سكان المحافظة.
يقول الشاب الثلاثيني لموقع “مصر 360” إن الجمعيات الخيرية في قرى محافظته لها مندوبا، وفي الغالب يكون من الأعيان، شريطة أن يكون عليما بأحوال وظروف الأهالي، ليرشح من يستحق المساعدة، ويبحثوا حالته الاقتصادية والاجتماعية، ويوجهوا له المساعدات، لذا يستغل بعض المرشحون أولئك الأشخاص كورقة ضغط رابحة على المواطنين.
وأضاف “عبد الرحمن” أنه يتم تجهيز سيارت وتكاتك لنقل الناخبين إلى اللجان، بالإضافة إلى مبلغ مادي قد يصل إلى 100 جنيه، أو “شنطة” بها سكر وزيت وسمن وأرز، باعتبارهم بسطاء يحتاجون لمثل تلك المساعدات.
سوهاج: الصوت ب 100 جنيه والأسعار في ازدياد
ذهب الدكتور محمد رمضان، متخصص فيروسات، من محافظة سوهاج، للجنته الانتخابية صباح أمس، ووجد أن المرشحين يتفقون مع بعضهم البعض على كتابة قائمة بأسمائهم وأرقامهم، يختار منها المواطنون أثناء الإدلاء بأصواتهم، لذا تجد أكثر من شخص يملي عليك من تختارهم مقابل 100 جنيه.
وأضاف رمضان لموقع “مصر 360” أنهم فوجئوا بشخص ينادي فيهم أن المرشحين التابع لهم قرروا زيادة المبلغ المالي المصروف لمن يعطيهم صوته ووصل إلى 200 جنيه.
المعارضة: شراء الأصوات أمام أعين الجميع
تحت عنوان “سيطرة المال السياسي” انتقد بيان غرفة العمليات المركزية بحزب المحافظين، سير انتخابات المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب. وأكد مجدي حمدان أنه يتم شراء أصوات الناخبين أمام أعين الجميع مقابل المال، وذلك في ظل عدم اتخاذ اللجنة العليا للانتخابات أي خطوة تجاه تلك “المخالفات الجسيمة”.
كما أشار البيان إلى غضب عدد من مرشحي المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية بسبب انتشار المال السياسي أمام اللجان من جانب حزب مستقبل وطن لشراء أصوات الناخبين، كما طالبوا محاسبة جميع من شارك في شراء أصوات الناخبين وما تسبب به من إعاقة بنزاهة الانتخابات من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات.
القومي لحقوق الإنسان: نقل جماعي ومال سياسي وأكشاك
ورصد المجلس القومي لحقوق الإنسان بعض الانتهاكات في عمليات التصويت، مثل “توجيه أحد موظفي اللجنة الانتخابية بتوجيه الناخبين للتصويت لصالح القائمة الوطنية من أجل مصر، ودخول الناخبين لأماكن التصويت ومعهم صور دعائية لأحد المرشحين، وتوزيع كروت مختومة لمرشحي أحد الاحزاب أمام مقار اللجان الانتخابية”.
وفي سوهاج تم رصد “وجود نقل جماعي لصالح المرشحين باستخدام العربات الخاصة، ووجود مال سياسي لصالح بعض المرشحين، عدم حرص عدد من الناخبين على التمسك بالتدابير الاحترازية، وتوجيه نداء الناخبين الحاصلين علي معاش تكافل وكرامة بالتوجه يومي السبت والأحد في الشئون الاجتماعية ببطاقة الرقم القومي والختم لأخذ البطاقات منهم والانتخاب”.
وفي محافظة بني سويف تلقت الغرفة اتصالا من المرشحة ايفلين اسحاق فهمى يعقوب، على قائمة نداء أكدت خلاله على توزيع الشباب مبالغ مالية بقيمة ” 50جنيه و100 جنيه ” على الناخبين أمام مدرسة عثمان جلال بقرية ونا الفص مركز الواسطي بالمحافظة للتصويت لصالح القائمة الوطنية من أجل مصر.
واعتبر حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن اليوم الأول من المرحلة الأولى للانتخابات البرلمان المصري شهد جهدا تنظيميا من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات في انتخابات مجلس النواب، وكذا في مسألة حياد الأجهزة الحكومية من المرشحين وعدم تدخلها، مؤكدا أنه لم يتم رصد أي خروج عن القانون داخل اللجان الانتخابية.
فيديو حافظ أبو سعدة: العملية الانتخابية تمت بشكل جيد في اليوم الأول
وأكد رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إنه تم رصد أكشاك بجوار بعض الدوائر الانتخابية لتوزيع أموال وسلع لبعض الناخبين، وكذا دعاية انتخابية محظورة بقرار اللجنة العليا للانتخابات، لكن خارج اللجان وليس داخلها.
تكرار سيناريو الحزب الوطني: المال والأطفال أيضا
يذكر أن انتخابات مجلس الشعب عام 2010، شهدت أخطاء في بعض دوائر الاقتراع فيما يتعلق بالنتائج، اعترفت بها اللجنة العليا للانتخابات، التي أكدت أنها قامت بتصحيح الأخطاء وفقاً للقانون وبحكم اختصاصها. واتهمت الجماعة الحكومة المصرية بتزوير النتائج، وقالت إنها قد تفكر جدياً في سحب مرشحيها من الجولة الثانية.
وفي تقرير نشرته دويتشه فيله عن شراء الاصوات الانتخابية ذكر المراسل أن المرشحون يستخدمون الأطفال وغيرهم ممن يتواجدون في مناطق اللجان الانتخابية ليتمكنوا من اجتذاب المواطنين للتصويت لهم، مقابل مبالغ مالية أو وجبات، ففي منطقة شعبية معروفة وقبل ساعتين من إغلاق صناديق الاقتراع، وصل سعر الصوت إلى نحو 500 جنيه، وكان ذلك نتاج تنافس بين مندوبي مرشحي الحزب الوطني هشام مصطفي خليل وعبد العزيز مصطفى، في ظل عدم اكتمال النصاب القانوني للحد الأدنى لم يكتمل في معظم اللجان.
وفي عام 2012، وقبيل إغلاق مراكز الاقتراع في اليوم الثاني والأخير من الانتخابات الرئاسية في مصر، انتشرت عمليات شراء الأصوات على نطاق واسع في مختلف المحافظات لتمثل المخالفة الأبرز لقوانين الانتخابات، بحسب عدد من المنظمات المستقلة لمراقبة الانتخابات.
دعاية الإخوان: زيت وسكر وقنوات تلفزيونية
في انتخابات البرلمان المصري عام 2015، أشار الإعلام إلى ابتكار طرق جديدة للتأثر على الناخبين بعد سنوات الزيت والسكر الإخوانية، حيث حرص بعض المرشحين على تقديم رشاوى انتخابية مثل شنط وكراتين رمضان، وفقا لما ذكرته جريدة الوطن في تقرير لها.
بينما قدم الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، 30 ألف جنيه أثناء المؤتمر الجماهيري بالنوبة، على أن تقسم كالتالي” 10 آلاف تبرعاً لمسجد الديوان، و10 آلاف لجمعية رعاية المرضى و10 آلاف جنيه لمعرض المشغولات اليدوية المقام بداخل مكان انعقاد المؤتمر”.
وفى الدقهلية بالسعي لتوصيل الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه الشرب، التي يعانى الأهالي من نقصها لسنوات طويلة، وكذا إنشاء مراكز الغسيل الكلوي والتبرع بالماكينات في دمياط.