أعلن عدد من المحامين الحقوقيين البارزين صدور قرارات من محكمة جنايات القاهرة بإخلاء سبيل استبدال الحبس الاحتياطي لمجموعات كبيرة من المحتجزين، بينهم صحفيون وسياسيون، بالتدابير الاحترازية لفترات غير محددة، في قضايا مختلفة.
وذكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن الدائرة الثانية جنايات الإرهاب بمعهد أمناء الشرطة بطرة قررت اليوم استبدال الحبس الاحتياطي بالتدابير الاحترازية لأكثر من 300 متهم في جميع القضايا المعروضة اليوم عليها أبرزهم المدون الصحفي محمد أكسجين في القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، والصحفي سيد عبد اللاه، والقيادي العمالي رشاد كمال.
وضمت القرارات الناشط سامح سعودي في القضية رقم 1338 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا والمعروفة إعلاميا بأحداث سبتمبر 2019، بالإضافة إلى جميع المعروضين في القضية رقم 1739 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا.
“أتمنى ملف الحبس الاحتياطى يكون فيه انفراجة حقيقية، والتدوير يتوقف، وكل اللى تجاوز حبسه الاحتياطى ١٥٠ يوم يخرج يشوف أحواله هو أسرته” هكذا علق المحامي خالد علي بعد قرارات اليوم.
وكتب علي عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: “الفرحة بانتهاء القضيتن ١٤١٣، ١٣٣٨ أكبر مما تتخيلوا، قضيتين ضموا آلاف المتهمين، اشتغل فيها على مدار العام مئات المحاميات والمحامين، وبذلت المنظمات الحقوقية المصرية مجهود شاق من أجلها منذ سبتمبر ٢٠١٩، خوف الأهالى وقلقهم على أولادهم وفقدانهم الأمل فى خروجهم كان بيمثل ضغط رهيب على كل المحاميات والمحامين”.
وقال جمال عيد، رئيس الشبكة العربية، إن اليوم شهد قرارات إخلاء سبيل البعض واستبدال الحبس الاحتياطي بالتدابير الاحترازية لآخرين وكذلك تجديد حبس غيرهم، موضحا أن فريق عمل الشبكة رصد صدور قرارات بحق 380 إلى 420 متهما في قضايا مختلفة.
“قرارات 3 نوفمبر ليست انفراجة محتملة بل إصلاحا لمسار سياسي خاطئ، مازالت مجرد قرارات قد تستأنف النيابة العامة مثلما اعتدنا وقد يتعطل حبسهم لأسباب مجهولة” يقول عيد في تصريحات لـ “مصر 360” عن تحليله للمشهد.
يلفت عيد إلى أنه في اليوم الذي أصدر فيه المحاكم قرارات بإخلاء سبيل لكثيرين يجدد حبس كمال البلشي، شقيق الصحفي خالد البلشي، 15 يوما ورقيا ودون حضوره من محبسه أو في حضور موكله، ومن قبله يجدد لأعضاء خلية الأمل 45 يوما، ما يعكس وجود اتجاهين مختلفين داخل الحكومة بخصوص قضايا المحتجزين.
التدابير الاحترازية
اللافت أن السلطة بدأت مؤخرا محاولة تحريك بعض قضايا الرأي بالإفراج بالتدابير الاحترازية، وهو ما حدث قبل أيام قليلة مع الدكتور حازم حسني، الذي أخلي سبيله لظروف صحية بتدابير احترازية. وتختلف التدابير من قضية إلى أخرى ومن من هيئة إلى هيئة، لكن الشائع هو إلزام المحكوم عليه بإمضاء حضور في القسم التابع له بعدد ساعات معينة في الأسبوع، ويمنع المتهم من مغادرة المحافظة بدون إذن.
كانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وضعت حلاً للمحبوسين احتياطياً، يتمثل في اتخاذ تدابير احترازية بعدم مغادرة المنزل تماشيًا مع قرارات الحجر الصحي والحظر.
ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد المحبوسين احتياطيًا، لكن هناك تصريحات نسبت للبرلماني علاء عابد أنهم ما بين 25 ألف إلى 30 ألف.
كما طالبت المبادرة بتوزيع المساجين ونقلهم إلى أماكن أكثر ملاءمة لإجراءات الوقاية المنصوص عليها في توجيهات منظمة الصحة العالمية بشأن الأعداد، للسيطرة على مرض كوفيد-19 داخل أماكن الاحتجاز.
أما عيد يرى أن إخلاء سبيل المحتجزين بتدابير احترازية ليس إلا تخفيفا من درجات العقاب وإن كانت خطوة إيجابية للحصول على حرية جزئية، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن الطبيعي خروج جميع المحبوسين احتياطيا بدون ضمانات أو قيود في إطار العودة إلى الطريق الصحيح أو تحقيق الانفراجة المنشودة.
برأي عيد، فإن قرارات اليوم هي قرارات سياسية في الأساس لأنهم محبوسون على ذمة قضايا سياسية مثل التظاهر أو نشر الأخبار الكاذبة والانضمام لجماعات إرهابية، لذا تكون الكلمة الأولى للسلطة التنفيذية وليس للقضاء.
كان لافتا أيضا إخلاء 3 صحفيين في يوم واحد وهم : هيثم محجوب، الصحفي بجريدة المصري اليوم، وسيد عبداللاه، والمدون محمد أكسجين، وذلك بعد يومين من إخلاء سبيل الصحفي التفزيوني سامح حنين.
وألقي القبض على محجوب وحنين في مايو الماضي لاتهامهما بالتعاون مع قناة الجزيرة القطرية، حيث واجها اتهامات بنشر الأخبار الكاذبة وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب.
أما أكسجين تعرض للحبس في إبريل 2018، بسبب إنشاء قناة على منصة يوتيوب تسمى “أكسحين مصر” سخرها للدفاع عن قضايا الحريات ومعتقلي الرأي، وواجها اتهامات الانضمام لجماعة إرهابية هدفها تعطيل الدستور، ونشر أخبار كاذبة عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية بالبلاد بقصد تكدير السلم العام.
سامح حنين ضمن قائمة تضم 20 صحفيا سلمها نقيب الصحفيين ضياء رشوان إلى الأجهزة المعنية للبت في قضاياهم المنظورة أمام المحاكم، وفقا لعضو المجلس محمود كامل.
وقال كامل في تصريحات لـ”مصر 360″ إن النقيب ضياء رشوان يتحرك في هذا الملف بحكم منصبه وعلاقاته باعتباره نقيب الصحفيين ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في إطار الدور التفاوضي الذي قررت النقابة أن تلعبه من أجل الإفراج عن الصحفيين المحتجزين.
يشرح كامل أن النقابات في هذه الأوضاع عليها التفاوض أو الاحتجاج، لكن المجلس لا يرغب في تفعيل سلاح الاحتجاج على احتجاز الصحفيين، بدعوى أن الاحتجاج قد يؤثر على حظوظ الزملاء المحبوسين في إخلاء سبيلهم قريبا وقد يؤثر سلبا على التفاوض مع أجهزة الدولة.
لكن هذه الصيغة لم تعد مقبولة بالنسبة لكامل، الذي يرى أنه لا جدوى من الصمت طالما المحبوسين لا يبرحون مكانهم وكثيرون مرشحون للانضمام إليهم في أي وقت.