“أحب الفن جدًا وأتمنى أن يتحول أحد أعمالي لعمل فني.. لا أنتظر اهتمام نقدي أو جوائز، الشيء الوحيد الذي أتمناه ويروادني دائمًا هو وصول أعمالي للشاشة.. وبخاصة السينما التي أعشقها”.. أحمد خالد توفيق.

بالتأكيد، كان الراحل أحمد خالد توفيق “1962-2018” سيكون أكثر الناس سعادة بتحويل أعماله التي “جعلت الناس تفكر” كما يقول مريدوه، إلى شاشات التلفاز ودور السينما، وأن يرى أفيشات أفلامه على أعمدة الإنارة في شوارع القاهرة التي لطالما هرب من العيش فيها من أجل سكنية طنطا.

الآن وبعد وفاته، بيد أنه الوقت المناسب لإعادة إحياء مشروع أحمد خالد توفيق وعودته للأضواء لعلها تنير قبره مثلما أنار عقول آلاف الشباب بكتاباته التي خلقت خيالا خصبا لدى أجيال متعاقبة على سلاسل روايات شكلت وعي جيل تلو الأخر.

 

https://www.facebook.com/Maktowfik/videos/10221803572585964

انطلاقة نتفليكس

بدأ أمس الخميس، عرض أولى حلقات مسلسل “ما وراء الطبيعةأ المأخوذ من روايات الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق عبر منصة نتفيلكس العالمية ليكون اول مسلسل مصري يعرض على المنصة.

يعرض مسلسل “ما وراء الطبيعة” مترجماً إلى 32 لغة في 190 دولة حول العالم، فضلا عن توفير دبلجة إلى أكثر من 9 لغات منها “الإنجليزية، الإسبانية، الفرنسية، التركية والألمانية وغيرها”.

يجسد الفنان أحمد أمين دور بطل رواية “ماوراء الطبيعة”، وهو طبيب متقاعد يدعى رفعت إسماعيل، وتتناول السلسلة عددا من الحوادث الخارقة للطبيعة التي يتعرض لها الطبيب، ويشاركه البطولة رزان جمال وآية سماحة، وسما إبراهيم.

عودة إلى الوراء.. من هو رفعت إسماعيل؟

بدأت سلسلة ما وراء الطبيعة فى 1993 بأول رواية نشرت حملت اسم “مصاص الدماء وأسطورة الرجل الذئب” واستمرت السلسلة في الصدور حتى 2014 لتصل إلى العدد 80 وهو أسطورة الأساطير الجزء الثانى والذى أنهى فيه العراب مثلما يصفه تلاميذه حياة بطله “رفعت إسماعيل” بمرض عضال.

خلال 20 عاما ضمن نحو 80 عددا، مثل رفعت إسماعيل بطلا لأجيال متعاقبة، فهو الشخصية الأكثر عادية وغموضا في الحياة، العالم ببواطن الأمور، المواجه لكافة الظواهر الخارقة للطبيعة، وفي الوقت ذاته تجده شخصا قريبا لك، سبق أن التقيته من قبل، ببذلته الرمادية وطوله الفارع، وجسده النحيل وشراهته في التدخين، يتسحق لقب “الأكثر عادية” عن جدارة.

يُعرف رفعت نفسه في افتتاحية السلسة قائلا: “أنا الدكتور رفعت إسماعيل، أستاذ أمراض الدم المتقاعد، وخبير الأشباح وعوالم ما وراء الطبيعة، ما زال كثيرون لا يعرفون ما يعتقدونه بصددي، نصاب أم عالم أم شخص مسل لا أكثر، لا أعرف، لكني عشت حياة حافلة ورأيت الكثير.. يبدو لي أنه ما من مومياء أو شبح أو مكان لعين في الأرض كلها لا يعرفني”.

قليل الكلام، يهرب من المناسبات الاجتماعية، يفضل الحياة وحيدا، لكن فجأة قرر أن يفتح صندوق أسراره للجميع ويروي قصص مر بها مليئة بالخوف والرعب والإثارة، فهو لم يضع في حسبانه يوما أن يكون منفتحا على الحياة الطبيعية، وأن يتحول إلى أسطورة تتناقلها الأجيال، لكن يبدو أن طبيعة شخصيته الملولة دفعته أن يبوح بأسرار “ما وراء الطبيعة”.

وفاء للعهد

عُرف أحمد خالد توفيق بلقب “العراب”، إذ لقبه أصدقاؤه وتلاميذه نسبة إلى دوره المحوري في نسج خيال متجدد وكبير في عقولهم.

يرى البعض أن أحمد خالد توفيق ربما لم ينجح هذا النجاح المبهر لما بعد القصص القصيرة وروايات الجيب رغم تجاربه الثرية التي لاقت نجاحا كبير خاصة رواية “يوتوبيا” التي مثلت نقلة نوعية في حياة كاتب روايات الجيب لتفتح أفق جديد وجسور تتواصل مع قراء الروايات الطويلة، إلا أن مساهمته في تشكيل وعي وادراك أجيال متواصلة أشعل حماس الملايين لانتظار عرض مسلسل ما وراء الطبيعة.

“‏من حوالي خمسة وعشرين سنة.. كنت طفل نايم تحت البطانية بقرأ كتاب وخايف أشيل البطانية ألاقي شيراز في وشي.. بعد مرور 25 سنة بعيد صنع خيالي للشاشة.. شكرا للظروف والقدر والحظ ولكل من آمن ودعم هذا المشروع، وشكرا لهذه المهنة الساحرة”.. يقول عمرو سلامة مخرج المسلسل.

حكاية توفيق مع السينما

يقول الكاتب الصحفي محمد فتحي، الذي يصف نفسه بأنه أحد تلاميذ العراب، إن عشق السينما لدى دكتور أحمد خالد توفيق وتحويله أعماله إلى أفلام ومسلسلات يعد حلما لطالما راوده، خاصة أن مشروعا جمع بينهما لتقديم برنامج يتناول رؤيته عن السينما كان ذلك في عام 2002، إلا أنه كباقي المشاريع التي لم تر النور لحين وفاته في 2 إبريل 2018.

“أحمد خالد توفيق موسوعة سينمائية متحركة، وله كتاب مهم اسمه افلام الحافظة الزرقاء يتناول فيه عددا من الأفلام بشئ من النقد والرؤية الفنية” يقول محمد فتحي.

يستدعى فتحي لحظة تواصل عمرو سلامة، مخرج العمل، مع دكتور أحمد خالد توفيق من أجل استخدام شخصية رفعت اسماعيل قائلا: “كان مبسوط اوي بعمرو سلامة لما تواصل معاه في بداياته ولما استخدم شخصية رفعت اسماعيل في فيلمه زي النهاردة، كان عاشق للسينما محب ومتيم بالطاقات الشبابية، وكان حلمه اللي راوده لسنوات إنه يشوف منتج ادبي ليه على الشاشة”.

أما عن شعوره بصفته أحد أقرب تلاميذ العراب يقول: “إنسانيا أنا سعيد إن جزء من مشاعري يتحول للحم ودم، وأن أحمد أمين يعمل ده بالشكل الرائع اللي شوفناه، وإن المسلسل يطلع مع منصة عالمية زي نتفليكس عشان يتكتب فية التاريخ ويبقى امبارح 4 تريندات يخصوه على تويتر، وناس مكنوش يعرفوا دكتور أحمد بدأت تسال مين احمد خالد توفيق”.

يرى فتحي أن الحديث عن ردود أفعال ناتجة عن رؤية واضحة وأفكار مرتبة مازال من المبكر خروجها الآن، خاصة أن المسلسل لم لم يعرض سوى أمس لذا ننتظر رؤية ناقدة حقيقية بعد مشاهدة المسلسل كاملا، واتمنى يحقق نجاح حقيقي وكبير عشان نشوف أجزاء تانية”.

وما إن طرحت شبكة نتفليكس الجزء الأول من المسلسل الذي يضم 6 حلقات، حتى بدأ المهتمون بصناعة السينما وقراء خالد توفيق في إصدار الأحكام المبدئية على الشراكة الأولى بين المصريين ونتفليكس، ولا يمكننا الانحيار إلى أحد في انطباعه الأول حيث لم تكتمل الصورة بين أيدينا، إلا أن اللافت هو  انبهار الجمهور بجودة التصوير والإمكانيات الفنية التي أتاحتها الشبكة العاليمة للمخرج المصري عمرو سلامة لإنحاح العمل المنتظر.