يارب كتر أعيادنا

من أشهر أغاني الأعياد “العيد فرحة”، وصفاء أبو السعود بتغني يارب كتر أعيادنا وعلي قد نيتنا ادينا، هنسيب موضوع النوايا دا، لنه فى الغالب هنتبهدل كلنا، ونخلينا فى الأعياد.

يمكن أول حاجة نلاحظها إننا شعب بيتلكك على الفرحة، كل فرصة للفرحة الناس بتبادر للخروج واظهار الاحتفال، من الأعياد اللي كلنا بناخد بالنا منها عيد الحب، واحنا عندنا اتنين، عيد الحب المصري ودا فى 4 نوفمبر، وعيد الحب اللي هو الفلانتين فى 14 فبراير.

الحب حالة حلوة ومبهجة، احساس بيخلينا نعدي تفاصيل كتير، نستحمل مواقف وأفعال، ونخوض حروب، الأم والأب بيستحمل ضغوط الحياة ومرارة العيش علشان حبهم لأولادهم، بنستحمل سخافات وحماقة أصدقاءنا لأننا بنحبهم.

بنستحمل مشاكل ونعدي بحفر ومطبات الحياة علشان بنحب نعيش.

الحب فى حد ذاته حالة مبهجة جدًا، ويمكن هو السبب الرئيسي فى الاستمرار لو معاه كمان تفاؤل فاحنا بنعدي حاجات كتير.

لكن عيد الحب حاجة تانية، يمكن كمان حاجة ملهاش علاقة بالحب، صحيح أنا مؤمنة جدًا بأهمية التقدير، وفكرة إننا نقول للي بنحبهم إننا بنحبهم، وإن الحب ما يبقاش كلام لكن يبقي فعل كمان، بس اللي بنشوفه من مظاهر فى الفلانتين سواء المصري أو العالمي حالة أشبه بالبورصة.

مزايدات فى كل حاجة، تحول عيد الحب لمناسبة شرائية مهمة جدًا في سلع كان سوقها اتدمر بعد تغيير الذوق عند المصريين وتغيير الأولويات، سلع زي الورد مثلا، اللي بقي مرتبط بالمناسبات وبشريحة اجتماعية، ومبقاش حاجة اساسية فى البيوت زي زمان.
الورد باعتباره أهم هدية فى عيد الحب بيتنوع ويرتفع سعره ويوصل لدرجة مبالغة وكأن كل محلات الورد بتعوض خسارتها طول السنة فى المناسبة دي.

بس دا سلوك معتاد فى مناسبات كتير بدل ما يبقي فيه عروض وخصومات فنلاقي الأسعار تزيد، لكن بعيد عن تزايد الأسعار، الحب نفسه اللي بيدخل فى اليوم دا هو كمان بورصة وحالة من المزايدات فى الهدايا وشكل بوكيه الورد.

احتفالات كتير بتحصل خاصة للمحبين فى بداية العلاقات، وقلة اللي بيحافظوا علي استمرار الطقس من المتزوجين.

مفاهيم كتير محتاجين نبص عليها ونراجعها لأنها بقت مشوهة، الحب مهم والتعبير عنه بالكلام والهدايا مهم لكن مش كل حاجة، مش أكبر بوكيه ورد، ولا دبدوب بحجم الحبيبة، ولا هدية غالية قوي، دى محاولات تقييم العلاقة بشكل مادى، العطاء والتقدير إن الشخص يعمل أقصي حاجة يقدر عليها، يعنى مثلا اللي معاه الف جنيه ويتبرع بعشرة جنيه لعمل خير هو مش كريم، لكن الشخص اللي معاه عشرين جنيه او حتي ميه ويتبرع بعشرة دا ممكن يكون أفضل من الأول، نظرية النسبية مهمة قوي، علشان نفهم ونقدر بشكل صحيح، مش فكرة المزايدة.

الطقوس في عيد الحب أقرب لبورصة ومين يرفع السعر أعلي، وفي كل سنة بنشوف مظاهر أكبر من اللي قبلها، وكل شوية نقرأ ونشوف ونسمع حتي من ناس قريبين عن تفاصيل للاحتفال بعيد الحب.

المزايدات دي بتعمل سعادة لحظية للطرف التاني لأنه بيلاقي الشخص اللي بيحبه بيشتري له بوكيه ورد غالي جدًا، ودبدوب مالوش حل، وهدايا لطيفة، لكن على الجانب الآخر اللي معندوش هيعمل ايه؟

مزايدات الاحتفال بالحب بتربك اللي مش معاه، بتصنع ضغينة وحقد غير مبرر، البنت اللي حبيبها اكتفي بوردة هتبتسم فى وشه ابتسامة صفرا، أو حتي ممكن تتضايق لما يعدي جنبهم واحدة شايلة بوكيه كبير، ولا هدايا هي ما شفتهاش، أو حبيبها ما يقدرش يشتريها.

تتحول احتفالات عيد الحب لبداية صناعة الأحقاد، المظاهر الطبقية بتعلي، واللي معاه يتباهي بما يملك، واللي مش معاه بيتحسر ويحزن، قليلين اللي بيخرجوا من الاحتفالات عندهم طموح مش أحقاد، وقليلين اللي عندهم رضا، اللي مقدرين فعلًا اجتهاد الحبيب وإنه يبذل أقصي ما يملك.

القلوب مش للبيع والشرا والحب مش واقع فى مزاد لما نيجي نحتفل به، الحب حالة والتعبير عنه أمر نسبي، المهم إن الانسان يحس بتقدير حقيقي وإن اللي بيحبه فعلًا بيحاول يسعده.

كل حب وإحنا بنحب صح.