لا يوجد ما يجمع بين ميت غمر وبنسلفانيا، الأولى مدينة مصرية تتبع محافظة الدقهلية، والأخرى ولاية تقع في المنطقة الشمالية الشرقية في الولايات المتحدة الأمريكية، وبينهما وقف المصريون يتابعون بشغف كبير ما سيقرره السكان في الانتخابات التي تجرى بهما كما لو كانت ستؤثر على مستقبل أحفادهم.

لطالما ربط المصريون بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس نادي الزمالك مرتضى منصور، من حيث الشكل والأسلوب الهجومي في التصريحات، للدرجة التي دفعت منصور إلى وصف ترامب بالرئيس المجنون في إحدى المرات، لذا كانت متابعة خسارة الثنائي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والبرلمانية المصرية دلالة على ترسيخ العلاقة بينهما منذ صعود نجم ترامب كرئيس لأكبر بلد في العالم.

خسارة منصور لم تكن مفاجئة، وإن كان قد حصل على 84 ألف صوت في الانتخابات السابقة، والسبب هنا اختلاف المناخ الذي ترشح فيه في 2020 عن 2015، بل زادت احتمالية خسارته بعد الإطاحة بنجله أحمد والصحفي عبد الرحيم علي من دائرة الجيزة والدقي والعجوزة لصالح رجل الأعمال محمد أبو العنين ومرشح آخر لحزب مستقبل وطن.

ورافق أحمد منصور، الذي خاض الانتخابات الأخيرة مرشحا عن حزب الشعب الجمهوري، والده في الانتخابات السابقة حينما تغلب الأول على عمرو الشوبكي في دائرة الدقي، ورغم حصول الأخير على حكم قضائي بأحقيته في عضوية المجلس لكن أحمد منصور ظل نائبا مع إيقاف التنفيذ في أغلب فترات المجلس.

مرتضى ليس الوحيد من الحرس القديم الذي تدير الصناديق ظهرها له ضمن عملية إحلال وتجديد في السياسة المصرية، إذ خسر كثيرون من بينهم المتحدث باسم البرلمان صلاح حسب الله والبرلماني محمد أبو حامد واللواء حمدي بخيت، و صقر المخابرات تامر الشهاوي.

حصار رياضي

المحامي ذائع الصيت دخل الانتخابات محاصرا رياضيا بعدما عزلته اللجنة الأولمبية من منصب رئيس نادي الزمالك وإلزام النادي بإجراء انتخابات على مقعد الرئيس حتى لا يتعرض للحل بشكل كامل، وهو المأزق الذي لم يستطع حله حتى خاض معركة الانتخابات مجردا من أهم مناصبه التي صنعت له شعبية رياضية.

اللجنة الأولمبية استندت في قرارها إلى البلاغات التي تقدم به رياضيون من بينهم محمود الخطيب وأعضاء باتحاد الكرة المصري بسبب خروجه الصارخ على الدستور والقوانين والمواثيق المصرية والدولية، وهذا الأمر الذي كان لزاما على اللجنة الأولمبية المصرية الوقوف له بالمرصاد مهما تكرر، وعدم التراخي في مواجهته حتى لا يتحول إلى سلوك عام يصير معه القبيح حسناً، ويشكل تدميرا للنشء والشباب المصري.

تحرك الأولمبية أربك منصور حيث إنه لم يكن يتوقع أن تتحرك أي جهة ضده بسبب بلاغات الخطيب أو أي مسئول رياضي آخر، بعدما وقف مجلس النواب في صفه مرات كثيرة ورفضه رفع الحصانة عن نائبه للتحقيق معه في البلاغات التي تتسلمها النيابة العامة.

وقدم الخطيب لوحده 11 بلاغا ضد رئيس الزمالك، لم يبت فيهم بسبب الحصانة. وجاء في بعض البلاغات التي أعلن عنها الأهلي أن منصور تجاوز في حقه وأسرته ووجه إليه ألفاظا غير لائقة واتهامات باطل، سواءً بالتصريح أو التلميح وزاد في تطاوله بما يعف اللسان عن ذكره، بل وهدد أنه حال تطبيق القانون عليه فإن أنصاره وهم بالملايين على حد قوله لن يصمتوا في إشارة لإشاعة الفوضى في بلد سيادة القانون.

ورفض المجلس في مرات مختلفة رفع الحصانة عن منصور والاكتفاء بالموافقة على الاستماع لأقواله، بدعوى أنه لا يجوز للنيابة العامة التطرق لأى إجراءات مقيدة للحرية أو اتخاذ أي إجراءات سواء حبس أو ضبط أو تحفظ.

مستقبل وطن

خاض مرتضى حرب تصريحات من طرف واحد مع حزب مستقبل وطن، حيث اتهمهم بتحديد سعر المقعد في القائمة الوطنية من أجل مصر بـ50 مليون جنيه، كي يضموه إلى القائمة، متهما الحزب بإفساد الحياة السياسية في مصر.

كما وجه رسالة إلى أعضاء الحزب قبل أيام خلال انتخابات المرحلة الأولى قائلا: “الرئيس السيسي ليس في حاجة إلى ما تفعلوه، السيسي ليس لديه حزب، وأعلن أن حزبه هو الشعب ‏المصري فقط”.

واقعيا، مرتضى لم يكن يملك فرصة كبيرة في الفوز بمقعد برلماني في هذه الدورة، أو بالأحرى لم يسمح له بالفوز، خصوصا أن مستقبل وطن شارك بمرشحين هما أسامة راضى الذي حصل على 22902 صوتا، وأحمد الألفى الذي حصل على 31578 صوتا، لحسمي مقعدي الدائرة في جولة الإعادة، بينما حل منصور سادسا.

مرتضى يخسر الحكومة

خط سير العلاقة بين مرتضى منصور والدولة لم يكشف لنا أن منصور قد حان وقته وأنه أصبح عبئا ثقيلا على النظام، فالرجل يستعرض عضلاته على الهواء يوميا ويشهر كارنيه البرلمان في وجه من يشكوه أمام النائب العام، إلا أن مشهدا وحدا كان لافتا أنه لن يمر مرور الكرام حين هاجم رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي في خلال افتتاح بعض المشروعات الإنشائية بميت عقبة في أغسطس الماضي، قائلا: “أنت مين يا مصطفى يا مدبولي”، ردا على عدم تلبية دعوة الافتتاح.

https://www.youtube.com/watch?v=9Kf29GvMNXs&ab_channel=%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%A7%D8%AD%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D8%B1%D8%A9AnaSahebElKora

وأظهرت الكاميرات هجومه على رئيس الوزراء: “حضرتك كنت لاعبا في الزمالك يوماً ما عندما كنت نائبا لرئيس النادي، كنت تحصل على راتبك من خزينة النادي، لماذا لم تحضر؟”.

مرتضى حاول تدارك الأمور في الأيام التالية باعتذاره، حيث قال إنه يكن كل الاحترام والتقدير لرئيس الوزراء ولا يمكن أن أتجاوز في حقه، لكن على ما يبدو أن اعتذاره لم يقبل من أجهزة الدولة حتى توالت الأحداث بعزله وخسارته المقعد البرلماني الذي كان أحد أسلحة بقائه في منصبه.

ولم يمر سويعات قليلة على إعلان خروج منصور من السباق الانتخابي في مبت غمر، حتى  تقدم محامي ممدوح عباس، رئيس نادي الزمالك السابق،  ببلاغ جديد إلى النائب العام يطالب بمنع منصور من السفر والتحفظ على أمواله، بسبب مخالفات مالية في نادي الزمالك.