ولد في القدس، وتعلم في الولايات المتحدة والمملكة البريطانية، وعاد ليدافع عن القضية الفلسطينية، ليُعرف لاحقًا بـ”كبير المفاوضين”، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية و”شيطان أريحا”، الذي أعلنت وفاته اليوم الثلاثاء، متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا.

الدكتوراة من بريطانيا والجنسية من أمريكا

ولد صائب عريقات في 1955 في بلدة أبوديس، شرقي مدينة القدس، وكان السادس بين سبعة إخوة وأخوات، لوالدهم رجل الأعمال الذي أقام فترة طويلة في الولايات المتحدة.

في السابعة عشرة من عمره، سافر صائب عريقات إلى الولايات المتحدة، بعد إتمامه المرحلة الثانوية، وحصل هناك على شهادتي البكالريوس والماجستير في العلوم السياسية من جامعة سان فرانسيسكو في العام 1979، والدكتوراة في دراسات السلام والصراع عام 1983 من جامعة برادفورد في إنجلترا، قبل أن يحصل على الجنسية الأمريكية.

عمل عريقات محاضرًا للعلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس، وامتهن الصحافة في هيئة تحرير صحيفة “القدس” الفلسطينية، لمدة 12 عامًا.

لصائب عريقات 9 كتب سياسية، أهمها “الحياة مفاوضات” الذي صدر عام 2008، و”بين علي وروجز” عام 2014.

رجل عرفات الشاهد على انهيار المفاوضات

في العام نفسه الذي حصل فيه على الدكتوراة 1983، دشن عريقات برنامجًا للتبادل الأكاديمي، جمع فيه محاورين فلسطينيين وإسرائيليين، لإطلاق فكرة أن المفاوضات السبيل الوحيد لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.

تولى عريقات مهامه كأول وزير للحكم المحلي في أول حكومة شكلتها السلطة الوطنية الفلسطينية، بقيادة الراحل ياسر عرفات.

في العام 1991، أصبح عريقات نائب رئيس الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر مدريد، وشهد مباحثات واشنطن خلال عامي 1992 و1993، وعُيِن رئيسًا للوفد المفاوض عام 1994.

منذ العام 1995، عُرف صائب عريقات ولسنوات طويلة لاحقة، بأنه كبير المفاوضين الفلسطينيين، وضمن الدائرة المقربة من الرئيس عرفات إبان اجتماعات كامب ديفيد في العام 2000، والمفاوضات التي تلتها في طابا عام 2001، والذي اعتاد أن يلقبه “شيطان أريحا” إعجابًا بقدراته السياسية في التفاوض.

في العام 1996، انتخب عريقات للمجلس التشريعي الفلسطيني، ممثلاً عن أريحا، واحتفظ بمقعده في المجلس بالانتخابات البرلمانية التي كسبتها حركة “حماس” في 2006.

في 2003، تردد اسم صائب عريقات وزيرًا للمفاوضات في الحكومة الجديدة، التي شكلها الرئيس محمود عباس، لكنه استقال من منصبه بعد استبعاده من وفد المفاوضات، حتى أعيد تعيينه لاحقًا وشارك في مؤتمر أنابوليس عام 2007.

في العام 2009، أصبح عريقات عضوًا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعينه محمود عباس رئيسًا للوفد الفلسطيني، لكنه استقال بعد تحقيق السلطة الفلسطينية في قضية تسريب وثائق مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، التي نشرتها قناة “الجزيرة” في 2011، قبل أن يتراجع عن الاستقالة.

أُدين من اختاروا المستوطنات بديلاً للسلام

كان عريقات شاهدًا على انهيار مفاوضات السلام، وخيار حل الدولتين، أمام التوسع الاستيطاني والانقسام الفلسطيني.

وفي العام 2015، ألقى باللوم على سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وقال إنها كانت السبب في ارتفاع وتيرة العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وقال في أحد أبرز تصريحاته: “أدين الذين اختاروا المستوطنات والإملاءات بدلاً من السلام والمفاوضات. وقد قلت إنني لا أوافق على قتل المدنيين، سواء إسرائيليين أو فلسطينيين”.

أعلنت إصابة عريقات بفيروس كورونا مطلع الشهر الماضي، ونقل إثر ذلك من منزله في مدينة أريحا بالضفة الغربية إلى مركز هداسا الطبي الإسرائيلي الأسبوع الماضي، ووضعه الأطباء على جهاز التنفس الصناعي، ودخل في غيبوبة طبية بعد تدهور حالته الصحية، إلى أن وافته المنية اليوم الثلاثاء، عن عمر ناهز 65 عامًا.

وجاء في بيان لمنظمة التحرير الفلسطينية التي نعته، أنه كان يعاني من مشاكل مزمنة في الجهاز التنفسي، وأنه كان بحاجة إلى رعاية عاجلة لأنه يعيش برئة مزروعة منذ 2017.