عاد محمد صلاح نجم الكرة المصرية وليفربول الإنجليزي، إلى تدريبات منتخب الفراعنة بعد فترة من شبه المقاطعة لمدة تقترب من العام ونصف، وبالتحديد منذ خروج مصر من ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية بالقاهرة شهر يونيو من العام الماضي أمام جنوب أفريقيا، وما لاحقها من تداعيات حول موقفه من قضية تحرش زميله بالمنتخب عمرو وردة.

تغير اتحاد الكرة بعد استقالته وجاءت لجنة خماسية معينة بشكل مؤقت من قبل الفيفا، لتدير الكرة المصرية ولم يتغير موقف صلاح، حيث غضب وقاطع كل ما له علاقة بالاتحاد ووصل الأمر لحذف كلمة لاعب منتخب مصر من حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بسبب عدم حصوله على أصوات قائد منتخب مصر ومدربه في استفتاء أفضل لاعب في العالم حينذالك.

ولكن العودة هذه المرة في معسكر الاستعداد لمواجهتي توجو في تصفيات كأس الأمم بالكاميرون 2021، تمثل حدث خاص لكل المسئولين عن الكرة بمصر بداية من اتحاد الكرة للجهاز الفني والإعلام حتى الجماهير.

فكيف تمت تلك العودة؟ وكيف نجح المنتخب الوطني، بل والحكومة المصرية ممثلة في وزير الرياضة، في استيعاب فتاها الذهبي مرة أخرى بعد كل هذه المشاكل. هنا سرد كامل للأزمة منذ بدايتها حتى نهايتها

أزمة وهجوم شديد

بداية الأزمة بين صلاح واتحاد الكرة المستقيل أو المقال برئاسة هاني أبو ريدة، كانت قبل مونديال العالم في روسيا عام 2018، عندما حاولت الشركة الراعية استغلال حقوقه الدعائية والإعلانية لصالحها على طائرة المنتخب وحملته الدعائية قبل خوض النهائيات بروسيا، وهو ما أغضبه كثيرًا ووكيل أعماله رامي عباس الذي نال حملة واسعة من الهجوم من قبل مسئولي الجبلاية في وقتها، انتهت بتراجع الاتحاد أمام نجومية صلاح، ثم تكررت بشكل فج مع فتح الفندق الخاص باللاعبين لكل الفنانين والزائرين قبل لقاء روسيا الثاني بالمونديال وحالة الهرج والمرج التي حدثت.

وأسفرت عن عدم تركيز الجميع وتحديدًا صلاح الذي أقحم في أمور لم يكن يريدها من التصوير مع الحضور وإزعاج خصوصيته بشكل كبير، وصولاً لخسارتنا بسبب كل هذا أمام روسيا وتلاها السعودية وخرجنا بنهاية مؤسفة للكرة المصرية، جعل صلاح ينتقد الجميع على الملأ ونال إيهاب لهيطة مدير المنتخب حينها كل السخط من الفرعون المتألق ببلاد الضباب.

اكتمل غضب صلاح إلى أبعد مدى، مع بطولة كأس الأمم بمصر، لتكرار نفس أخطاء بطولة العالم التي سبقتها بعام، بل وزاد الأمر لمهاجمته وتحميله مسئولية كل الفشل بالمنتخب رغم أنه ليس قائد المنتخب من الأساس، وزاد الطين بلة موقف اللاعب عمرو وردة من التحرش بفتاة عبر “إنستجرام” وطرده من قبل الاتحاد ووقوف صلاح بجانية بجانب زملائه، ثم تصوير صلاح بالمتخاذل والداعم للاعب مخطئ في الإعلام ما عرضه لهجوم الجميع حينها، ما أدى لوصف صلاح هذا الاتحاد بعد سقوطه بأنه الأسوأ في تاريخ الكرة المصرية وقرر مقاطعة المنتخب لفترة.

مقاطعة طويلة

مقاطعة شاملة خاضها صلاح تجاه اتحاد الكرة والمنتخب القومي جراء كل ما سبق من أفعال تجاهه وانتهاك خصوصيته وضرب بكل شئ عرض الحائط في الحقوق والرعاية وخلافه واستغلاله كنجم عالمي لصالح دعاية خاصة بهم وبالشركة الراعية، ووصلت تلك المقاطعة لأشدها بحذفه كلمة لاعب مصري من على حسابه بتويتر، ما زاد من هجوم الجماهير عليه أكثر وأكثر.

ولم يحضر صلاح أي مناسبة ومباراة لمنتخب مصر منذ ذلك الحين، وادعى الإصابة لعدم التواجد في أول مباراتين لمصر بتصفيات كأس الأمم مع حسام البدري العام الماضي، وتعادل المنتخب في واحدة وخسر الثانية بدونه، ما عقد موقفنا تمامًا، ورفض المجيء لأي مباراة أو تجمع ودي بعد ذلك، اعتراضًا على كل ما حدث له من قبل الاتحاد والمسئولين بالكرة المصرية.

محاولات ترضية بالشارة

بعد مقاطعة صلاح وحدوث تغييرات كثيرة بالكرة المصرية، ورحل الاتحاد السابق وجاءت لجنة مؤقتة وتغيير الجهاز الفني بالكامل للمنتخب وجاء حسام البدري ومعه محمد بركات مديرًا للمنتخب، بدأت محاولات الترضية بكل أشكالها تحدث مع صلاح كي ينسى غضبه ويتراجع عن قراره ويعود للمنتخب، مثلما حدث مع نجم الكرة الأرجنتينية ليونيل ميسي واتحاد الكرة ببلاده، ثم عاد بعدها لمنتخب التانجو مرة أخرى، وبدأ بركات يذهب لمقابلة صلاح في إنجلترا ليؤكد له أن الأمور تغيرت، بهدف إقناعه بتغيير قراره. وكذلك البدري سافر له كذلك ليقنعه بالعدول عن قراره.

كما وصل الأمر لمحاولة منحه شارة القيادة بالمنتخب، حتى يتأكد أن هناك مرحلة جديدة وأنه أهم فرد في المنتخب ولا يحزن أو يغضب وينضم للمنتخب ثانية، رغم أن جزئية الشارة تلك أغضبت باقي نجوم المنتخب الأقدم سنًا ورفضوا التفريط بها مثل أحمد فتحي ثم عبد الله السعيد، ولكن البدري تخلص من فتحي وبقي السعيد ليكون قائدا مؤقتا المنتخب خلال مواجهتي توجو القادمتين لحين إشعار آخر. وربما يحاول جهاز البدري الاستمرار في محاولة إرضاء صلاحب إعلانه قائدا للمنتخب في الاستحقاقات القادمة بهدف مسح أحزانه.

حفلة تكريم وابتسامة بالتدريبات

وافق صلاح بعد كل المتغيرات التي حدثت ومحاولات ترضيته على العودة من جديد لمنتخب مصر، خاصة في ظل ظرفه الصعب بالمجموعة واحتياجه للفوز بمباراتي توجو لتحسين وضعه بالمجموعة وضمان الصعود لكأس الأمم بالصيف المقبل في الكاميرون، ومع إعلانه ذلك واختياره أولاً من قبل البدري وجهاز المنتخب على رأس القائمة لهذه التصفيات، قرر اتحاد الكرة محو أي آثار سابقة وحدد حفلة لتكريم صلاح على إنجازاته مع فريقه الإنجليزي خاصة فوزه الأخير بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز.

لتظهر ابتسامة صلاح مرة أخرى بتدريبات منتخب مصر من جديد، بعد فترة غضب ومقاطعة وحزن وبؤس على وجوده وسط الفراعنة في السنوات الماضية، حيث ظهر في حفلة تكريمه من قبل وزارة الرياضة واللجنة الخماسية تحت عنوان “الملهم”، بالأمس مبتسمًا وسعيدًا لتواجده هنا من جديد بعد فترة غياب، وتعهدغ ببذل كل الجهد لعبور الأزمة الحالية والفوز على توجو للصعود لكأس الأمم الأفريقية الصيف المقبل بالكاميرون، ليكون هذا الحفل هو نهاية القطيعة بين صلاح وإدارة الكرة في مصر، وتنجح مصر في استعادة واستيعاب فتاها الذهبي مجددًا رفقة الساجدين.