قبل 3 أيام فقط من الآن، كان مشجعو كرة القدم في مصر يضعون أياديهم على قلوبهم خوفًا من الشكل الذي ظهر به المنتخب الوطني في فوزه الهزيل على توجو في استاد القاهرة الدولي بهدف نظيف في تصفيات كأس أمم أفريقيا بالكاميرون مطلع عام 2022.

وواجه حسام البدري المدير الفني للفراعنة هجومًا ضاريًا وانتقادات لاذعة على ذلك الأداء، الأمر الذي تحول تمامًا 180 درجة في مباراة العودة بتوجو أمام نفس الخصم مساء اليوم بالجولة الرابعة من التصفيات، والتي قدم خلالها المنتخب أداء رائعًا ونتيجة كبيرة 3-1 خارج الديار، ليرد البدري على الانتقادات ويقطع الطريق أمام دعوات إقالته من منصبه.

مكاسب كثيرة خرج بها البدري أولاً قبل المنتخب القومي، أهمها بلا شك صدارته للمجموعة برصيد 8 نقاط واقترابه بشكل كبير من الصعود رسميًا لنهائيات كأس الأمم، بعدما حصد 6 نقاط كاملة من آخر مباراتين فقط.

ثاني المكاسب الأداء الجيد الذي قدمه الفريق خارج ملعبه لأول مرة منذ فترة طويلة يحدث بهذه الشكل والنتيجة، كما أن خروجه منتصرًا بهذا الشكل يحسن كثيرًا من صورته أمام الجماهير والنقاد وكل المتربصين به لإبعاده عن المنصب لعدم اقتناعهم بقدراته لتولي هذا المنصب الكبير.

كيف نجا البدري؟

كما خرج البدري منتصرًا بأمور كثيرة معنوية وإدارية وحتى شكلية، حيث قدم أوراق اعتماده رسميًا للجماهير بهذا الانتصار ليخمد ثورة الانتقادات التي طالته مؤخرًا، كما انتصر في معركته ضد النقاد والمتربصين للإطاحة به من منصبه وسيعطيه هذا الفوز والأداء أكبر درع ضد كل تطلعاتهم.

أما في الشق الفني فقد نجح البدري وجهازه في عمل مغامرة نجحت بشكل رائع أعطت له كل الدعم من اللاعبين أولاً ثم من الجماهير واتحاد الكرة ومسؤوليه بكل تأكيد، ضمن نقاط كثيرة فنية رسمت هذا التحول الكبير في الأداء بعد 72 ساعة فقط من المستوى والفوز الباهت في القاهرة، نعرضها في الآتي:

تغيير شامل في التشكيل

غير حسام البدري في تلك المدة القصيرة بعد المباراة الأولى، 7 عناصر كاملة في التشكيل الأساسي للمنتخب، ليفاجئ الجميع عند الإعلان عن التشكيل وكل الجماهير تخوفت منه ومن تلقي هزيمة كبيرة أمام منتخب توجو في أرضه تصعب مأمورية الفراعنة في الصعود للنهائيات بالكاميرون، ولكن البدري يبدو وأنه كان جاهزًا لتلك المغامرة المحسوبة والتي لاقت نجاحًا عظيمًا أباد كل تلك التخوفات عقب 20 دقيقة فقط من المباراة بعد إحراز الهدف الأول للفراعنة عن طريق محمد مجدي أفشة.

ليس من السهل أن تغير قوام كامل للمنتخب في مدة زمنية قصيرة، حيث دفع بأيمن أشرف وأحمد توفيق وطارق حامد وحمدي فتحي وأفشة ومحمد شريف وكوكا، بشكل أساسي ولم يكونوا قد لعبوا من البداية في مباراة القاهرة، ولكن كان الجميع على قدر المسؤولية وقدموا أداء كبيرًا وكسب البدري الرهان في مقامرته المحسوبة لتي لجأ فيه إلى لاعبين ينتمون للأهلي وأغلبهم لعبوا تحت قيادته ليضمن ولائهم الكامل له وتقديم أقصى مجهود لهم لإنقاذ المنتخب وإنقاذه شخصيا.

وأبقى أغلب النجوم الكبيرة على مقاعد البدلاء في إشارة واضحة إلى أنه لا يوجد لاعب حاجز لمكانه بالتشكيلة الأساسية لمنتخب الساجدين.

تحضير جيد للمباراة

مع البقاء لمدة أطول مع اللاعبين، نجح البدري وجهازه في التحضير الجيد لهذه المباراة وهو ما وضح جليًا من شكل الأداء اليوم، فدرس الفريق جيدًا وأغلق عليه كل مفاتيح لعبه ولعب على نقاط ضعفه وكان له ما أراد، وتقدم في النتيجة بهدف واثنين وثلاثة وأضاع فرص أكثر لزيادة الغلة التهديفية، مع انحصار الفرص الخطيرة لتوجو على مرمى الشناوي بشكل كبير في أغلب فترات المباراة، ليقدم البدري مباراة تكتيكية رائعة بقراءة فنية أروع للخصم ساهمت في الظهور الجيد للفراعنة وحصدهم النقاط الثلاثة وبنتيجة كبيرة خارج الديار.

 

 

كما لعب على العامل النفسي لباقي أفراد القائمة التي اختارها للمنتخب، فشارك بأغلب اللاعبين بها وهو ما كان لا يحدث من قبل، فكان الجميع ضامن لمكانه الأساسي ويعرف أنه سيلعب من قبل إعلان التشكيل، الدوافع التي زرعها في نجوم جدد مثل محمد شريف وأفشة وحمدي فتحي وغيرهم يشاركون بشكل أساسي للمرات الأولى لهم مع المنتخب، كلل جهوده بالنجاح في مغامرته وتألقوا وأحرزوا أهداف كذلك وظهر معهم المنتخب بشكل رائع وكسب احترام ورضا الجميع.

إدارة رائعة للأحداث

بعد تفوقه في تحضير اللاعبين للمباراة فنيًا ومعنويًا، بالإضافة لبدايته أكثر من رائعة بالتشكيل الذي اختاره للقاء الصعب أمام توجو خارج الديار، نجح المدرب المتمرس كذلك في إكمال تفوقه الكبير هذا اليوم في إدارة أحداث ومجريات المباراة كاملة، سواء بالتعليمات وسد الفراغات على منافسه، او بالتغييرات التي قام بها، من الناحيتين أولاً وقت تدخله وإجراء أولى تغييراته بعد 10 دقائق من الشوط الثاني، وهي النقطة التي أثارت انتقادات له كثيرة باللقاء الأول، حيث تدخل متأخرًا في أول تبديل بالدقيقة 75 من زمن اللقاء باستاد القاهرة.

كما لوحظ فعالية البدلاء و استمرار خطورة المنتخب خاصة في المرتدات، ، ثم بعدها بـ13 دقيقة فقط أجرى تغييرين آخرين بنزول عبدالله السعيد ورمضان صبحي بدلاً من تريزيجيه وأفشة، لبحث السيطرة أكثر على الكرة واستنزاف الوقت المتبقي دون إحراز توجو لأي هدف ونجح فيما فكر به باستثناء كرة طائشة بآخر لحظات اللقاء صنعت هدف لتوجو غير مؤثر إطلاقًا على النتيجة، لينتهي اللقاء بتفوق كبير للبدري ومنتخب الفراعنة وبمكاسب عديدة رائعة.