تضرر دخل قرابة 318 من العاملين بوحدات الصحة المدرسية الخمس التابعة لمحافظة بورسعيد، بقرار الهيئة العامة للتأمين الصحي، وقف رواتبهم عن أكتوبر الماضي؛ لرفضهم تنفيذ قرار نقلهم إلى الشؤون الصحية في مديرية الصحة، في وقت أكد المتضررون أن القرار يخالف قانون التأمين الصحي الشامل رقم 2 لسنة 2018.
قرار يتعارض مع القانون
بدأت أزمة العاملين بالوحدات الصحية المدرسية في بورسعيد مع تطبيق نظام التأمين الشامل على المحافظة، حيث أرسلت هيئة التأمين الصحي إليهم خطابات إخطار بنقلهم إلى الشؤون الصحية بمديرية الصحة.
وهو الأمر الذي رفضوه، متعللين بأن القرار يخالف قانون التأمين الصحي الشامل رقم 2 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية وقانون العمل، التي تنص على إلحاق العاملين بالتأمين الصحي في المحافظات المطبق بها نظام التأمين الشامل إلى الرعاية الصحية بهيئة التأمين الشامل.
وتنص المادة 22 من قانون التأمين الصحي الشامل على الآتي:
“ينقل للعمل بهيئة الرعاية العاملون بكل من الهيئة العامة للتأمين الصحي والجهات التابعة لوزارة الصحة من شاغلي الوظائف المرتبطة بمجال عمل هيئة الرعاية في نطاق المحافظات التي يتم تطبيق القانون بها، وفي جميع الأحوال يحتفظ العاملون المنقولون إلى هيئة الرعاية بدرجاتهم المالية وجميع المزايا الوظيفية التي يتمتعون بها في جهات عملهم كحد أدنى، وذلك كله طبقًا لما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون”.
مع إصرار العاملين على عدم تنفيذ قرار النقل إلى الشؤون الصحية، وتمسكهم بأحقيتهم في الالتحاق بالرعاية الصحية، امتنعت الهيئة عن صرف رواتبهم عن شهر أكتوبر، حتى تاريخ كتابة هذا التقرير.
اقرأ أيضًا: علاج مصابي “كورونا” بـ”التأمين الصحي”.. كبار السن في فوهة البركان
نقل يضر بالراتب
صابرين رفعت، ممرضة بإحدى الوحدات الصحية المدرسية في بورسعيد، كشفت تفاصيل الأزمة لـ”مصر 360“، فقالت: “في يناير الماضي تم إخطارنا بوقف العمل بالوحدات المدرسية لحين نقلنا لهيئة الرعاية فرع التأمين الصحي الشامل ببورسعيد”.
انتظرت “صابرين” وغيرها من زملائها قرار النقل، مع استمرارهم في آداء مهام عملهم بالوحدات الصحية المدرسية، على حد قولها، لكنهم فوجئوا في مايو بقرار نقلهم للشؤون الصحية بمديرية الصحة، لا الرعاية الصحية.
ويكمن السبب الرئيسي في رفض “صابرين” وغيرها قرار النقل إلى مديرية الصحة، في فارق نظام الرواتب والحوافز “هناك فرق في نظام الرواتب والحوافز بين التأمين والشؤون الصحية، وهو ما سيعني نقصان رواتبنا من 1000 إلى 1800 جنيه حسب الدرجة والوظيفية لكل واحد منا”.
ذلك في حين أن النقل إلى هيئة الرعاية الصحية يحفظ لهم هذه الحقوق بنص القانون على “يحتفظ العاملون المنقولون إلى هيئة الرعاية بدرجاتهم المالية وجميع المزايا الوظيفية التي يتمتعون بها في جهات عملهم كحد أدنى”.
أسقطونا من حساباتهم
وتخرجت “صابرين” في مدرسة التأمين الصحي عام 1993، وقضت ما يقرب من 30 سنة خدمة في التأمين الصحي، وهي المدة التي تراها تمنحها الأحقية في الالتحاق بالرعاية الصحية للتأمين الشامل.
وتتساءل “صابرين”: “كيف يتم وقف مرتبات موظفين في الدولة رغم أداء عملهم وعدم تقصيرهم؟ وماذا نفعل وجميعنا لديه التزامات وأسر وأولاد نعولهم؟.. لقد أسقطونا من حساباتهم”.
وتدلل “صابرين” على عدم قانونية قرار نقلهم للشؤون الصحية، في حديثها لـ”مصر 360“، بالقول: “إذا كان القرار صحيحًا وليس مخالفًا للقانون فلماذا لم يتم تحويلنا للتحقيق لرفضنا تنفيذه، ولماذا طالبونا بتحرير طلبات انتداب للشؤون الصحية”.
اقرأ أيضًا: الحقوق الصحية المهدرة في الصراع بين نقابة الأطباء ووزارة الصحة
تعسف إداري
عن قانونية قرار النقل، قال عصام حامد، أمين عام نقابة العاملين بالخدمات الصحية في بورسعيد، إن قرار نقل العاملين بالوحدات الصحية المدرسية “خاطئ ومنعدم الصفة القانونية”، ويخالف قانون التأمين الصحي الشامل رقم 2 لسنة 2018، ولائحته التنفيذية.
أشار حامد أيضًا إلى أن الهيئة العامة للتأمين الصحي بالقاهرة رفضت استلام استمارات رواتب العاملين بالوحدات الصحية المدرسية عن شهر أكتوبر، التي قدمها لهم أكثر من 5 مرات سابقة.
وأوضح أنه طلب لقاء الدكتور محمد ضاحي رئيس الهيئة، الذي رفض مقابلته، على حد قوله، ليلتقي رئيس الإدارة المركزية للشؤون الإدارية، ورئيس الشؤون المالية، وعرض عليهم تفاصيل الأزمة.
ووفق ما صرح به أمين عام نقابة العاملين بالخدمات الصحية في بورسعيد، فإن مسؤولي الشؤون الإدارية والمالية بالهيئة العامة للتأمين الصحي أكدوا له رفض رئيس الهيئة استلام استمارات الرواتب، إلا بعد تنفيذ قرار النقل.
ولفت “حامد” إلى أن لقاءاته مع مسؤولي النقابة وآخرهم نائب رئيس الهيئة، انتهت إلى مقايضة هؤلاء العاملين المتضررين بـ”النقل مقابل صرف رواتبهم”، التي تمثلهم حقهم القانوني حتى مع رفضهم النقل، فيما وصفه أمين عام نقابتهم بـ”التعسف الإداري الشديد”.
محضر ضد رئيس الهيئة
ومع رفض الهيئة ومسؤوليها حل الأزمة، حرر عصام حامد، أمين عام نقابة العاملين بالخدمات الصحية في بورسعيد، محضرًا ضد رئيس الهيئة الدكتور محمد ضاحي؛ لرفضه استلام استمارات الرواتب والامتناع عن صرف راتب شهر أكتوبر لـ 318 عاملاً بالمخالفة للقانون، وحمل المحضر رقم 9299 إداري قسم مصر الجديدة.
وأشار “حامد” أنه أجرى اتصالاً هاتفيًا بالدكتور عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية، والذي وعد بالتواصل مع رئيس هيئة التأمين الصحي، ومحافظ بورسعيد لحل المشكلة.
“مصر 360” تواصل مع الدكتور عادل تعيلب، مدير هيئة التأمين الصحي الشامل ببورسعيد، والذي أكد أن العاملين بالوحدات الصحية ليسوا تابعين له، ولا يمكنه التدخل، إذ لا يزالون تابعين لهيئة التأمين الصحي، ومسألة نقلهم إلى الشؤون الصحية، أو إلحاقهم بالتأمين الصحي الشامل، تعود لتقدير هيئة التأمين الصحي.
ومنذ صباح اليوم، حاول “مصر 360″، التواصل مع محافظ بورسعيد اللواء عادل الغضبان، لسؤاله حول ما اتخذته المحافظة من خطوات لحل أزمة العاملين بالوحدات الصحية المدرسية فيما يتعلق بقرارات النقل ووقف راتب شهر أكتوبر، لكنه لم يرد حتى موعد نشر هذا التقرير.
ونظم العاملون بالوحدات الصحية في بورسعيد، الأسبوع الماضي، وقفة احتجاجية، طالبوا خلالها بصرف رواتبهم عن شهر أكتوبر، وضمهم لهيئة الرعاية الصحية بالتأمين الصحي الشامل، ورفعوا لافتات دوّن عليها: “أين مرتباتنا، ردوا علينا يا مسؤولين اللي بيحصل صالح مين، عايزين حقوقنا”.