15 يومًا مضت منذ قرار محكمة الجنايات في 3 نوفمبر بإخلاء سبيل القيادي العمالي رشاد كمال، والصحفي سيد عبد اللاه.

تم ترحيل الأول إلى قسم شرطة فيصل بالسويس، والثاني إلى قسم شرطة عتاقة بالمحافظة نفسها.

بعدها، اقتيد كمال وعبد اللاه إلى أماكن مجهولة، ثم أعيدا للاحتجاز دون سند أو إذن قضائي، وفق الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.

ذكرت الشبكة أن قرار إخلاء السبيل نهائي واجب النفاذ؛ لعدم طعن النيابة عليه، إلا أن جهازًا أمنيًا يرفض الإفراج عنهما حتى الآن.

وتزامن ذلك مع مخاوف من إعادة ضمهما إلى قضية جديدة على غرار ما يحدث في قضايا أخرى.

لم يكن القيادي العمالي رشاد كمال أو الصحفي سيد عبد اللاه استثناءً، لكن هناك أعداد أخرى تعرضت للإحالة في قضايا جديدة لم يعلموا عنها شيئا.

أبرز مثال على ذلك، ما حدث في قرار إحالة حازم حسني أستاذ العلوم السياسية في قضية جديدة تحمل رقم 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة.

وجرى حبس حازم حسني 15 يومًا على ذمة التحقيقات في قضيته الجديدة، بعد حصوله على قرار من محكمة الجنايات باستبدال الحبس الاحتياطي بتدابير احترازية في القضية 488 لسنة 2019. 

ويبرز التعامل مع القيادي رشاد والصحفي عبد اللاه النهج الذي يسير عليه التعامل مع ملف المحبوسين احتياطيًا، حيث يشهد عدد كبير من القضايا إعادة اتهام.

وتأتي الاتهامات الجديدة رغم صدور قرارات إخلاء سبيل من المحاكم المختصة، وهو أمر يخصم من النقاط التي تكتسبها الحكومة في هذا الملف. 

الشهر الجاري، شهد صدور قرارات إخلاء سبيل لنحو 400 متظاهر في أحداث 20 سبتمبر 2019، واستبدال الحبس الاحتياطي بالتدابير الاحترازية لآخرين، وتجديد حبس مجموعة ثالثة.

ويكشف محامو بعض المتهمين أن 41 شخصًا من المخلى سبيلهم، فوجئوا بضمهم إلى قضايا أخرى.

إخلاء سبيل 400 متهم بتدابير احترازية.. هل نشهد انفراجة سياسية قريبة؟

المحامي كريم عبد الراضي، اعتبر ما يحدث التفافًا واضح على قرارات القضاء و”رسالة واضحة بأن قرار إطلاق سراح شخص أو حبسه تتحكم فيه الأجهزة الأمنية”.

وأضاف عبدالراضي، لـ “مصر 360 “، أن الأمر بات يمثل “عدم احترام” خطير لقرارات المحاكم، واستغلال لأداة الحبس الاحتياطي كوسيلة عقاب، تستخدم لأهداف غير مشروعة. 

عباءة الاحتجاز

“إحالة المتهمين إلى قضايا جديدة بعد صدور قرارات من المحاكم أو النيابة بإخلاء سبيلهم جعل الحبس الاحتياطي بديلاً لأوامر الاعتقال الإداري المستخدمة في الزمن الماضي”، قال المحامي مختار منير.

ويرى منير أن تلك القرارات تعصف بمبدأ قرينة البراءة باعتبارها المبدأ الدستوري الأهم في تاريخ القضاء، وكذا يعد مخالفة فجة للدستور الذي منح حياة وحريات المواطنين حماية لا تمس.

فصل بينهما جدار السجن.. محمد عادل يواجه منع زوجته من زيارته بأمعاء خاوية

الحكومة: نحرز تقدمًا في ملف حقوق الإنسان

على الجانب الآخر، ترى الحكومة أنها تحرز تقدمًا فيما يتعلق بتعزيز حقوق الإنسان وصون الحريات الأساسية.

وفي استعراض للتقرير الدوري الثالث لمصر أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في “جنيف” عن نوفمبر 2019، عرضت الحكومة ما أنجزته على مدار خمس سنوات في هذا الملف.

وبينما نال التقرير تقدير المجلس للتقدم الذي أحرزته مصر في هذا المجال، لم يمنع هذا أحد الصحفيين الفرنسيين من السؤال عن “الحجز التعسفي”.

ورد وزير الخارجية، سامح شكري، على الصحفي بأنه “ليس هناك حجزًا تعسفيًا، بل حجز وفق القانون، بناءً على قرار النيابة العامة، وسط كل ما هو مكفول لحقوق المواطنين”.

ورغم  تصريحات شكري، ألقت قوات الأمن، أمس الأول، القبض على محمد بشير، المدير الإداري بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

وجاء قرار إلقاء القبض على بشير، بعد أيام قليلة من إعلان المبادرة استقبالها سفراء أوروبيين؛ لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في مصر.

اللافت، أن تكرار تعطيل قرارات إخلاء السبيل يمثل ضغطًا على أسر وذوي المحبوسين.

ولم يعد سماع قرار إخلاء سبيل هو الفيصل، وإنما موافقة جهات الأمن أولاً، كما أوضح المحامي مختار منير.

الحق في محاكمة عادلة

وبرز الاهتمام بالحق في محاكمة عادلة مع الاهتمام بحقوق الإنسان منذ منتصف القرن العشرين.

ووردت متطلبات المحاكمة العادلة في المواد (7)، (8)، (9)، (10)، (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ويطالب المحامي مختار منير بكلمة واضحة من قبل الجهات القضائية تجاه هذه “الانتهاكات الفجة” التي تمس حريات وحقوق المواطنين، وإجراء مراجعة لكافة ملفات المحبوسين احتياطيًا

ويرى زميله كريم عبد الراضي أن احتجاز النشطاء والصحفيين بعد قرارات المحاكم بإخلاء سبيلهم “جريمة” تعاقب عليها القوانين المصرية، وانتهاك واضح للحقوق الدستورية للمتهمين.