انتشرت ظاهرة احتراف النجوم التوانسة في الدوري المصري في الآونة الأخيرة، بشكل لم يسبق أن حدث من قبل.
بالطبع الأسباب كثيرة ولكن أهمها هو نجاح التجربة بتألق الثنائي الدولي في القطبين علي معلول بالأهلي وفرجاني ساسي بالزمالك، ما مهد لكل أندية المسابقة المصرية العريقة تكرار نفس الأمر مع نجوم الدوري التونسي بشكل أكبر، ما أدى لظهور 12 لاعبًا محترفًا من تونس للمرة الأولى في التاريخ بالموسم الجديد لـ”الإيجيبشن ليج”.
زياد بوغطاس أحدث الوجوه المنضمة للدوري المصري من بوابة نادي إنبي، لخص بعض الأمور في هذا الاتجاه بتصريحاته لصحيفة “الصحافة” التونسية عن تفضيله المسابقة المصرية عن باقي الدوريات للاحتراف بها في الموسم الجديد، قائلا: “كان لديّ عرضًا من السعودية والإمارات لكن المفاوضات تعطلت، ثم قررت الاحتراف في الدوري المصري نظرًا لأن المستوى الفني فيه يتطور بشكل ملحوظ وثابت، فلا يوجد مقارنة بين الوضعية في تونس ومصر من حيث الاستثمارات”.
وأضاف بوغطاس: “أصبحت البطولة المصرية في السنوات الأخيرة وجهة للعديد من النجوم والأسماء، على غرار تجربة الثلاثي علي معلول وفرجاني ساسي وسيف الدين الجزيري، ولقد تقابلت في الفترة الماضية مع علي معلول الذي شجعني على القدوم إلى مصر، وأكد لي أن الظروف مناسبة في ظل تألق اللاعبين التونسيين بالبطولة المصرية”.
وائل جمعة نجم دفاع الأهلي والمنتخب المصري السابق، كان له رأي آخرًفي هذه الظاهرة، مؤكدًا أن تواجد اللاعبين التونسيين في الدوري المصري، هو مصلحة مشتركة للاعب التونسي والأندية المصرية بمساهمة اللاعبين التوانسة، فالكل سيستفيد وسيرتفع الأداء والنسق لهم وللمسابقة ككل.
تجارب متواضعة
هذا الأمر ربما يكون مختلف كليًا عن سابق التجارب التونسية في مصر، فلم تحظ أي منها بنجاح مماثل لما حققه الثنائي معلول وساسي مؤخرًا، ما أدى لتعميم التجربة في أغلب الأندية المصرية، فكانت تجربة وسام العابد ويامن بن ذكري في الزمالك ضعيفة إلى حد كبير، ولم تشكل أي نجاح ملموس ورحل الثنائي بخفي حنين بعد ذلك،.
أما الأهلي فكانت تجربة أنيس بو جلبان جيدة نسبيًا لم تكن ضعيفة أو رائعة على كل حال ولكنها كانت معقولة وحقق اللاعب ألقاب مع الجيل الذهبي للمارد الأحمر بقيادة البرتغالي الساحر مانويل جوزيه.
ظاهرة جديدة
لأول مرة في تاريخ الدوري المصري سنشهد بالموسم الجديد تواجد 12 محترفًا من دولة واحدة ومن تونس تحديدًا، مع وجود احتمالية زيادة العدد مع مد فترة القيد حتى نهاية الشهر الجاري، ففي الموسم المقبل سنرى 12 لاعبًا تونسيًا يلعبون في الدوري الممتاز مع حوالي 9 أندية مصرية مختلفة، تألق اللاعبين التوانسة في المسابقة دفع أغلب الأندية للتعاقد مع نجوم الدوري التونسي، بواقع 3 لاعبين في المقاولون العرب: سيف الدين الجزيري – وسيم النغموشي – هيثم الجويني، و2 في الزمالك فرجاني ساسي – حمزة المثلوثي “صفقة حسمت”، وبالأهلي علي معلول.
ولاعب واحد في أندية: وادي دجلة “إيهاب المباركي”، الإنتاج الحربي “أيمن الطرابلسي”، الإسماعيلي “فخر الدين بن يوسف”، بيراميدز “عمر لعيوني”، سموحة “رفيق كابو”، إنبي “زياد بوغطاس”.
معلول وساسي فتحا الطريق
يعد الثنائي علي معلول وفرجاني ساسي لاعبا الأهلي والزمالك هما أبرز ثنائي تونسي يلعب في الدوري المصري خلال السنوات الماضية، حيث يشكلان فارقًا كبيرًا في صفوف القطبين، ولعبا دورًا كبيرًا في تتويجهما بالبطولات خلال الفترة الماضية، وهما السبب الرئيسي في فتح الطريق لتواجد النجوم التونسية بالدوري المصري بعد نجاح تجربتهما بشكل كاسح.
انضم معلول لصفوف الأهلي منذ أربع سنوات وتحديدًا عام 2016، حيث يعتبر هو أقدم التوانسة في الفرق المصرية خلال الفترة الحالية، بينما نجح الزمالك في الحصول على خدمات ساسي عام 2018، في صفقة تمتد لـ3 سنوات، حيث ينتهي عقده رفقة القلعة البيضاء بنهاية الموسم القادم.
تفريغ الدوري التونسي لصالح المصري
موقع “الحصري” التونسي سلط الضوء على تلك الظاهرة، والانتقالات الكثيرة التي تمت في الآونة الأخيرة، من لاعبين ونجوم تونسيين إلى الدوري المصري، ولاحظ أنهم فضلوا الذهاب إلى هناك بدلًا من الدوري التونسي، الذي يعاني من مشاكل كثيرة من أبرزها ضعف المنافسة والتوقفات الكثيرة، والحالة السيئة للملاعب، وهو ما دفع الكثير منهم لشد الرحال إلى الأندية المصرية.
وأضاف الموقع بأن الكثير من اللاعبين التونسيين انتقلوا إلى الأندية المصرية، للمنافسة على الألقاب القارية، واللعب في أعلى المستويات الكروية، وهناك آخرين فضلوا الانتقال للدوري المصري بحثًا عن الجوانب المالية المرتفعة عن الدوري المحلي في تونس.
قيمة سوقية مرتفعة وساسي الأغلى
تابع الموقع التونسي بأن القيمة السوقية للاعبين التونسيين الذين يشاركوا في الدوري المصري، قاربت من مبلغ قياسي يصل إلى حد الـ10 مليون يورو “32 مليون دينار تونسي” ما يعادل 181.97 مليون جنيه مصري، حسب موقع “ترانسفير ماركت” العالمي والمتخصص في هذا الشق التسويقي للاعبين.
وأضاف أن قائمة اللاعبين الدوليين بالمنتخب التونسي، على غرار علي معلول لاعب الأهلي وفرجاني ساسي لاعب الزمالك وسيف الدين الجزيري مهاجم المقاولون العرب، ضمت لاعبين جدد مثل هيثم الجويني وفخر الدين بن يوسف، أي 5 لاعبين من 12 ينشطون بالدوري المصري أصبحوا دوليين بالمنتخب الأول التونسي وهو منحنى متصاعد يوضح قيمة المسابقة المصرية مؤخرًا ومدى اهتمام اللاعبين الدوليين بها.
وتصدر فرجاني ساسي نجم الزمالك قائمة أعلى اللاعبين بالقيمة التسويقية بـ2.5 مليون يورو، وجاء علي معلول لاعب الأهلي ثانيًا بقيمة ناهزت 1.5 مليون يورو، واحتل عمر العيوني لاعب بيراميدز المركز الثالث بقيمة وصلت إلى مليون يورو.
أسباب أخرى لتفشي تلك الظاهرة
الجانب المادي: قام اللاعبون التوانسة في الآونة الأخيرة بتغيير وجهتهم من الخليج ودوريهم المحلي إلى الدوري المصري، بسبب المقابل المادى الكبير الذى يحصلون عليه في الموسم الواحد هنا، والذي يتخطى المليون دولار وهو ما لا يحصلون عليه في أنديتهم الكبيرة أمثال الترجي والنجم الساحلي والأفريقي، ولا تهتم أندية الخليج سوى بالنجوم الدولية البارزة في نسور قرطاج.
عامل جغرافي وثقافي مشترك: يعد قرب المسافة بين مصر وتونس أحد العوامل التي تشجع لاعبي نسور قرطاج على الحضور والتوقيع للأندية المصرية كافة، خاصة أن المسافة لا تتخطى الثلاث ساعات بالطيران، وهو ما يؤدي لسهولة التنقل والانضمام للمنتخبات والعودة للأندية بسرعة، كذلك اقتراب الثقافة والعادات والتقاليد للبلدين بنسبة كبيرة، وهو ما يؤدى لاصطحاب اللاعبين لأسرهم لمصر بسبب حالة الطمأنينة والاستقرار التى تعيشها البلاد وهما عاملين أدوا لانتعاش بورصة اللاعبين التوانسة في مصر.
هل يمثل بدر بانون الحل السحري للأهلي لإنهاء صداع الدفاع؟
بوابة للاحتراف الخارجي: يدرك لاعبو شمال أفريقيا أن الدوري المصري يشاهد من جانب الوكلاء الأجانب بشكل كبير بعدما نجح في تصدير عدد من اللاعبين المحليين، على رأسهم محمد صلاح ومحمد النني ومحمود تريزيجيه، ويعلمون أيضًا أنهم إذا ما أرادوا الانتقال لأوروبا فعليهم المشاركة بشكل فعال مع أنديتهم بالمسابقة المصرية ليتألقوا، ومن ثم تتاح لهم فرصة اللعب بأحد الدوريات الأوروبية، فأصبح “الايجيبشن ليج” بوابة للاحتراف الخارجي في دوريات وأندية القارة العجوز بشكل لم يكن عليه من قبل، بعد النجاح المدوي لمحمد صلاح رفقة ليفربول.