لمدة 80 دقيقة، قدم المخرج كمال عطية فيلم “ثورة البنات”، الذي يحكي قصة 3 فتيات يبحثن عن عرسان، وفقًا لنصيحة والدتهن، وتتزعمهما شقيقتهما الكبرى مديحة، وتأسيس ما يشبه رابطة تؤسس لفكرة “خطبة المرأة للرجل”، ليبدأ أحد الصحفيين في التهكم على هذه الأفكار، وتنمو بينها وبينه علاقة مع الوقت.

الفيلم عُرض في عام 1964، ولكننا ما زلنا حتى كتابة تلك السطور في العام الحالي 2020، نناقش مثل هذه القضايا، التي تتعلق بالحريات، وحقوق المرأة، والمجالات التي يمكنها اقتحامها مع الرجال، ويمكننا طرح السؤال مجددا، هل يقبل الرجال في الوقت الحالي خطبة الفتيات لهم؟.

هل تقبل خطبتك من امرأة؟

نشرت صحيفة “الحياة” في عام 2012، تقريرًا مماثلاً، جاء بعنوان “خطبة المرأة نفسها بين تطبيع شرعي وممانعة اجتماعية”، وفي المجتمع المصري يمكن طرح السؤال مجددا، في البداية على الرجال “هل تقبل خطبتك من امرأة؟”، وهو سؤال رد عليه عمرو حماد البالغ من العمر 38 عاما بـ”وليه لأ”، متابعا أن للمرأة الحق في اختيار شريك الحياة،.

ولا يوجد نص شرعي أو ديني يمنع المرأة من التقدم للرجل لخطبته، ولكنها تقاليد مجتمعية وأعراف يمكن تغيرها مع الوقت.

اقرأ أيضًا: “المُصنفات في الأرض”.. متى تكون المرأة “محترمة” في نظر المجتمع؟

“حماد”، أب لطفلتين لا يجد مانعا من تقدم إحداهما لمن تريد الارتباط به في المستقبل “معنديش مانع لو واحدة من بناتي كبرت وحبت واحد أو أعجبت بيه وعاوزة تخطبه تتقدم له، وهشجعها كمان، لأن هي من حقها اختيار مين يكمل معاه حياتها، وده مش عيب ومش غلط”.

التقاليد المجتمعية يراها “حماد” غير واجبة ويمكن التمرد عليها.

ولكن على العكس يقول محمد الشربيني طالب في السنة النهائية بكلية التجارة إنه لن يوافق على تقدم الفتاة لخطبته “مش هوافق إن واحدة تتقدم ليا وتخطبني، أصل هي كل حاجة متقسمة وكل واحد واخد دور، الراجل هو اللي بيتقدم للست، أنا بيتهيأ لي حتى لو واحدة بحبها مش هوافق تيجي البيت وتتقدم لي، هحس إن هي شالت الدور بتاعي، وهحس كمان إنها بتقلل مني”.

نادية وأخواتها

التجربة التي قدمتها نادية وأخواتها في فيلم “ثورة البنات”، قدمت عدة نماذج، منها الزوج المستغل الذي وافق على الخطبة من إمرأة تقدمت لها للحصول على أموالها، وذكرت الجانب الآخر أيضا لتجربة نجحت بتلك الطريقة، ليؤكد الفيلم في نهايته، أن الأخطأ ليست من التجربة، أو في من يتقدم لمن، ولكنها أخطاء في اختيار الشريك لإكمال الحياة معه.

جريدة “روزا اليوسف”، كانت نشرت أن لجنة تصدير الأفلام في الرقابة، اعترضت على تصدير فيلم “ثورة البنات”، بدعوى تفاهته وسطحيته وتضمنه مشاهد غير لائقة”.

واعترض منتج الفيلم على القرار، بحجة أن الفيلم إنتاج لبناني، وليس إنتاج مصري، حتى تطبق عليه الرقابة قوانينها، لذلك طلب مدير الرقابة فتوى من مجلس الدولة، وهو ما يحدث حاليا أيضا عند طرح مسألة مماثلة، فعند طرح الأمر مجددا في الألفية الحالية سيجد انتقادات أيضا.

برغم من عدم وجود مانع شرعي أو نص يحرم خطبة المرأة للرجل، ولكن الأمر يقابل انتقادات مجتمعية، ففي تصريحات سابقة له، قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الأربعاء، إنه يجوز شرعًا للفتاة أن تخطب لنفسها، وللأب أن يخطب لابنته حين يشعر أن هناك شابًّا مناسبًا لابنته، رغم أن ذلك مخالف لما جرت به العادة، وقد حدث ذلك بالفعل في عهد النبي صلي الله عليه وسلم.

شيخ الأزهر

مواريث مجتمعية

ترى خديجة عبد الله، أم وتبلغ من العمر 42 عامًا، أن هناك مواريث مجتمعية يجب تغيرها “الراجل معندوش مشكلة يحب واحدة ويتقدم لها، لكن لو نفس الواحدة دي اتقدمت له مش هيرضى، وده مش مبرر ولا مفهوم، ومن المفاهيم الذكورية اللي لازم تتغير، هو الجواز أصلا شراكة بين راجل وست، مش مهم مين فيهم يبدأ ويبادر بالطلب، بس المهم يكون الاخيتار صح علشان الحياة تستمر”.

اقرأ أيضًا: معهد جنيف: “التمييز وعدم المساواة”.. واقع المرأة بالشرق الأوسط

في المثل الشعبي “اخطب لبنتك ولا تخطيش لابنك”، إشارة للسعي لزواج الفتيات، كما قالت نعمة محمد، البالغة من العمر 62 عاما “مش عيب نخطب لبناتنا بس أنا مش شايفة إن صح البنت هي اللي تعرض نفسها، ده بيقلل منها، ممكن حد من أهلها يشوف حد كويس ويلمح بكلام لأسرته أن الأهل يتعرفوا والولاد يتخطبوا، لكن ميبقاش طلب صريح من البنت للولد”.

“أنا مها أسامة عمري 32 سنة. أعرض نفسي للزواج على الفيسبوك. من يهتم بالأمر فليتواصل معي عبر رسالة خاصة”.. رسالة تداولها عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي قبل أشهر قليلة، لفتاة تبحث عن شريك للحياة، وقوبلت الرسالة والفتاة بهجوم من عدد من مستخدمي مواقع التواصل، وذكرت الفتاة أنها تعلم حجم الانتقادات التي ستوجه لها، لأن مبادرتها مرفوضة اجتماعيا.

لماذا 29 فبراير يوم السيدات؟

ربما يجد القارئ شيئا من التناقض في الأمر، عندما يتابع أخبار السينما العالمية مثلا، التي نشرت في عام 2013 العديد من الأخبار لممثلات قمن بطلب للزواج من شركائهن، منهن الممثلة الأمريكية كريستين بيل، التي أعربت عن رغبتها في الزواج من الممثل والمخرج الأمريكي داكس شيبرد، عن طريق تغريدة.

وتداول عدد من المستخدمين الأمر بتعليقات أبدت إعجابها بالفكرة ومباركتها، لكنها تعود لرفضها داخل المجتمع المصري.

 شركة “كنوت” الأمريكية، أعدت دراسة  في عام 2017، خلصت إلى أن 61 فقط من أصل 12657 عروسًا تقدمن بطلب زواج لشركائهن، أي ما يعادل 1% فقط من أولئك النساء.

ويعد يوم 29 من فبراير، الذي يأتي مرة كل أربع سنوات، يوم السيدات بامتياز في أيرلندا واسكتلندا. وفي هذا اليوم تنقلب النساء على تقليد طلب الزواج ويسمح لهن بخطبة من يحبون من الرجال.