بينما كان المطرب بهاء سلطان يرتل آيات من القرآن الكريم بصوته العذب، كان هناك من يقف له بالمرصاد رافضا اقتحام المغنين عالم المقرئين، بدعوى مخالفته للشريعة الإسلامية.

سلطان نشر عب صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مقطع صوتي له أثناء تلاوته آيات من القرآن الكريم، لتنهال عليه التعليقات التي تشيد بصوته العذب وقدرته على ترتيل القرآن وقراءته بشكل يقترب من قراءة كبار القراء.

لكن يبدو  أن الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقة بجامعة الأزهر، له رأي مختلف في محاولات المطربين لتسجيل القرآن، إذ قال: “اقتحام مجال تلاوة القرآن في المحافل العامة والتفرغ له يجب أن يبتعد القارئ عن أي مهنة تخل بجلال القرآن الكريم.. والغناء يتصادم مع هذا.. فكيف يخرج إنسان من مسرح أو غناء عاطفي ثم يقرأ القرآن في المحافل العام؟ هذا مخالف للشريعة”.

“الأموال أو الأوامر”.. “الاحتكار الغنائي” بوابة العبودية الفنية

بهاء ليس الأول

لم يكن الأمر حديث العهد بالمطربين والمطربات في محاولة قراءة القرآن، إذ تمتلئ ذاكرة الفن بعديد من محاولات المطربين والمطربات المسجلة بالفعل أو بتصريحات لرغبتهم في تسجيل آيات من القرآن الكريم.

حاول العديد من المطربين والمطربات تسجيل آيات من القرآن بأصواتهم وعرضها على الجمهور، والبداية قديما لدى كوكب الشرق التي بدأت مسيرتها بتجويد القرآن مما سهل عليها غناء أصعب القصائد.

ولم تخف أم كلثوم ولعها بقراءة القرآن بتجويد ما منحها قدرة على ضبط مخارج الحروف.

أول أستاذ لي هو القرآن

لطالما قالت أم كلثوم إن القرآن الكريم هو معلمها الأول الذي لقنها أهم ما يلزمها لتكون كوكب الشرق، قائلة: “أول أستاذ لي هو القرآن. لقد حفظته وتعلّمت منه شيئاً أعتز به دوماً ألا وهو مخرج الحروف السليم”.

تردد في الأوساط الفنية أن أم كلثوم سبق وأن سجلت بالفعل القرآن الكريم كاملا بصوتها، إلا أنه لم يتم التأكد أو نفي الأمر حتى كتابة هذه الكلمات، إلا أن ظهور آيات من القرآن بصوت كوكب الشرق قوى من تلك الفرضية.

في ذات العصر كان هناك العملاق محمد عبدالوهاب الذي سجل سورة الضحى بصوته فضلا عن عدد من الكثير من الآيات القرآنية التي يرتلها بصوته، وكذا العندليب عبد الحليم حافظ واحد من هؤلاء الذين حاولوا قراءة القرآن إلا أنه لم يتم التوصل إلى تلك التسجيلات أو إذاعتها.

كما ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية العديد من التسجيلات الصوتية لعدد من المطربين أثناء تلاوتهم سور قرآنية أو آيات، لعل أقربهم إلى الذهن تسجيل سورة “النصر” للمطرب العراقي كاظم الساهر أثناء مشاركته في المسلسل العراقي “المسافر” قبل عقدين من الزمن.

كما انتشر خلال الفترة الماضية تسجيلات صوتية للفنان الإماراتي حسين الجسمي، والفنان الفلسطيني محمد عساف وطلال مداح فضل شاكر وغيرهم من الفنانين الذين عرفوا بأغنياتهم لكنهم أجادوا قراءة القرآن وترتيله.

علي الحجار.. إجازة القراءة من الأزهر

الفنان علي الحجار  يعد أول من حصل على موافقة الازهر كقارئ للقرآن الكريم في 2009. وأوشك على الانتهاء من تسجيل المصحف الشريف كاملاً ترتيلاً وتجويداً بحسب أحكامه الاصلية التي يجيدها تماماً.

وكشف الحجار أنه بدأ منذ فترة بتسجيل القرآن الكريم بصوته في استوديو للتسجيلات الصوتية والموسيقية خاص به داخل منزله.

وكان الحجار ذكر في لقاء تلفزيوني سابق على إحدى الفضائيات المصرية الخاصة أنه أول مطرب يحصل على إجازة من الأزهر الشريف لتسجيل القرآن كاملاً بصوته، ما أثار الكثير من ردود الأفعال بشأن ذلك.

وأكد الحجار أن هذه التسجيلات لن تكن متوافرة لجمهوره في الوقت الراهن، ولن تخصص للغرض التجاري في البداية الا اذا كانت هناك حاجة لذلك وكان هناك داعم كمنتج للتجربة، قائلا: “سوف أقوم بإهدائها لأولادي وأصدقائي، واعتبرها الحجار تجربة جديدة في مشواره الطويل.

إسلام ويب يبيح

طرح أحد رواد موقع إسلام ويب تساؤلا حول حكم الشرع في تسجيل آيات قرآنية بصوت المطربين، مستطردا هل يعد ذلك امتهانا لكتاب الله؟.

وجاءت الفتوى مخالفة لما يراه أستاذ علم الفقه في لأزهر الشريف ونص الفتوى:  “المطرب الذي ينشر في الناس الغناء المحرم مستحق للإثم على ما يقترف من إفساد في الأمة ، ومعصية الله تعالى ، ولكنه – مع ذلك – إن قدم خيرا من صيام أو صدقة أو تلاوة للقرآن الكريم فالله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا ، ولا يظلمه عملا قدمه يريد به وجه الله تعالى ، كما قال سبحانه : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء/40 .

فإذا كان هذا المطرب مخلصا لله تعالى في تلك القراءة – وذلك أمر بينه وبين الله – فهذه القراءة من الأعمال الصالحة التي يأجره الله عليها ، فلا يجوز لنا إنكار هذا العمل عليه ، ولا التشنيع به ، فضلا عن اتهامه بامتهان القرآن الكريم .

أما إذا كان يقصد من هذا العمل تسويق نفسه حتى يقبل الناس على أغانيه ، فالله تعالى أعلم بنيته، وسيحاسبه على عمله ونيته جميعا.

ولعل قراءته للقرآن الكريم تكون سببا لتأثره بالقرآن فيتوب إلى الله ويترك الغناء.

وإذا كان الإنسان عاصيا فليس معنى ذلك أن نمنعه من الطاعة، أو أن نعتبر فعله للطاعة امتهانا للدين، بل ينبغي أن يشجع كل إنسان على طاعة الله ويُحذَّر من معصيته، حتى العاصي فإنه يشجع على طاعة الله ، فإنه إذا أخلص فيها لله تعالى فلا شك أنها تنفعه في الدنيا والآخرة ، وقد تكون سببا في هدايته”.

نقابة القراء لا تمانع

في السياق ذاته، رحب الشيخ محمد حشاد نقيب قراء القرآن الكريم، بمحاولات قراة القرآن الكريم من قبل المطربين، لافتا إلى أن سعي بعض الفنانين إلى تسجيل القرآن بصوتهم لا يوجد عليه مانع شرعي، إنما يجب أن يكون هناك محددات واضحة ليكون مقبولا لدى نقابة قراء لقرآن الكريم.

وقال الحشاد، إذا كان تتوافر لدى أي من المطربين شروط الالتحاق بالنقابة والتي تتمثل في حفظ القرآن الكريم فضلا عن حسن السير والسمعة والسلوك، فلا مانع مطلقا من أنضمامه للنقابة والسماح له بتسجيل القرآن والقراءة في المحافل العامة دون أي ازمة.

وشدد حشاد، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج التاسعة مساءً، الذى يقدمه الإعلامى وائل الإبراشى على القناة الأولى المصرية، على ضرورة أن يبتعد حينها بهاء سلطان من غناء الاغاني المبتذلة التي من شأنها أن تسيئ إلى نقابة القراء وتسمح لتوجيه الانتقاد لها.