أنهت نقابة المهن التمثيلية حالة الجدل التي أثيرت لأيام، مع انتشار صور محمد رمضان رفقة مشاهير إسرائيلين، بقرار إحالته للتحقيق وإيقاف عضويته، لمخالفته قوانين النقابة، التي ترفض التطبيع وتشطب الساعين له.
بدأت الأزمة بمنشور للإعلامي الإماراتي حمد المزروعي، أرفقها بصورة احتفت بها وسائل الإعلام الإسرائيلية، للممثل المذكور يحتضن المغني الإسرائيلي عومير آدام، وأعقبتها صور أخرى للممثل المتهم بالتطبيع، مع شخصيات إسرائيلية أخرى، بينما التُقط له مقطع فيديو، أثناء حضوره حفل في دبي بالإمارات، أذيعت خلاله أغنية إسرائيلية.
ومع موجة الغضب التي طاردت الممثل المذكور، وتبريراته التي زادت الغضب؛ استعدت نقابة المهن التمثيلية المذكور للتحقيق، ثم اتخذت قرارها بإيقافه، وأعقب ذلك قرارًا من نقابة الصحفيين بعدم التعامل صحفيًا مع اسمه وصورته.
اقرأ أيضًا: “لعنة التطبيع”.. هل يطارد شبح علي سالم محمد رمضان؟
فيما حددت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، الـ19 من ديسمبر المقبل، موعدًا لجلسة نظر دعوى تطالب بشطبه من نقابة المهن التمثيلية، والتحقيق في اتهامه بالإساءة للشعب المصري.
لم يكن أول المتهمين.. سبقه الهضبة
في منتصف 2009، وبينما كان عمرو دياب يستعد لحضور مهرجان المغرب، الذي يقام كل عام بحضور عدد من فناني العرب والعالم، لم يكن الهضبة يعلم أن الحفل يضم إحدى المطربات الإسرائيليات الشابات، لتلتقط له عدد من الصور ظهر فيها مع تلك المطربة.
على إثر ذلك اتهم دياب بالتطبيع مع إسرائيل، ليصدر سريعًا بيانًا يؤكد فيه عدم علمه بأنها مغنية إسرائيلية، مؤكدًا أنه ما كان ليحضر المهرجان لو علم بذلك.
مرت الحادثة بسلام، قبل أن يقع عمرو دياب في فخ آخر بحلول 2012، كانت وطأته أشد، حينما كشف الشاعر أيمن بهجت قمر عن قرار دياب بيع بعض من أغانيه لرجل أعمال إسرائيلي، في حين أعلنت الشركة المنتجة للأغنيات أنه لا يحق لعمرو دياب بيعها لحقوق الملكية التي تعود للمنتج فقط، وكذلك الشاعر الذي ألفها، الذي رد على عمرو دياب بالقول: “لما تكون فنان مصري كبير وتبيع تاريخك لميردوخ إسرائيلي الجنسية ده حقك، لكن أنا تاريخي أسيبه لأولادي وبلدي، وما أبيعش تاريخي”.
بعد ساعات قليلة من هذه الواقعة، خرجت الصفحة الرسمية لعمرو دياب على فيسبوك، بمنشور ينفي هذا الاتهام تمامًا ويرفض “التشكيك في وطنيته”. وهكذا مرت هذه الموجة بسلام أيضًا.
خالد النبوي.. حمله شاهين للعالمية وطاردته تهمة التطبيع
لأسرة عسكرية مقاتلة، وأب شارك في حربي عام 1967 والاستنزاف عام 1969، ينتمي الفنان خالد النبوي، الذي بدأ مسيرته الفنية بالمشاركة في فيلمين للمخرج الكبير يوسف شاهين، هما “المصير” و”مصر منورة بأهلها”، ليعود معه مرة أخرى في فيلم “المُهاجر”، الذي لفت أنطار السينما العالمية إليه، ما أهله في العام 2010 للمشاركة في الفيلم الأمريكي الشهير “اللعبة العادلة Fair game”، الذي لعب فيه دور عالم عراقي الجنسية يحاول نفي تهمة “امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل”، التي اتخذتها الولايات المتحدة زريعة لاحتياج العراق في عام 2003.
ورغم النجاح الكبير الذي حققه النبوي بدوره في هذا الفيلم، إلا أن اتهامات التطبيع لاحقته بسبب مشاركة الفنانة الإسرائيلية ليزار شاهي في العمل، لكن خالد النبوي حينها رد بالقول: “أنا لا أسمح لأحد أن يُزايد على وطنيتي، أنا شاركت في هذا الفيلم بدور قوي ومهم وهو عالم عراقي ينفي عن بلده تهمة امتلاك الأسلحة النووية!”.
سعد الدين إبراهيم.. التواصل الثقافي مع إسرائيل
كان أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية ورئيس مركز ابن خلدون، الدكتور سعد الدين إبراهيم، أحد أبرز المثقفين الذين طالتهم تهمة التطبيع، بعد تصريحاته التلفزيونية المتتالية، بضرورة أن يكون هناك اتصال ثقافي بين مصر إسرائيل، وأن يتم تنظيم زيارات متبادلة بين الطرفين لتعزيز صور التبادل الثقافي.
ولم تكن نداءاته تلك مجرد حبر على ورق، فقد دعا وفدًا إسرائيليًا لكي يشارك في زيارة مركز ابن خلدون في مصر والتعرف على أنشطته، فيما تلقى دعوة من الطرف الآخر بزيارة الأراضي المُحتلة، واستجاب زائرًا لتل أبيب.
اقرأ أيضًا: الخليج وإسرائيل..سر ارتفاع موجة التطبيع في المنطقة
وجهت جامعة تل أبيب حينها الدعوة لسعد الدين إبراهيم، بمناسبة مرور مائة عام على ثورة مارس 1919، وأعقب ذلك دعوته لحضور ورشة نظمها مركز إسرائيلي يسمى “موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط” في جامعة تلك أبيب، وأثناء زيارته أجرت معه إحدى القنوات الإسرائيلية لقاءًا تلفزيونيًا، أكد خلاله على أنها لم تكن المرة الأولى التي يزور فيها دولة الاحتلال.
أول المُطبعين سيدة.. سحب السادات منها الجنسية
كانت سناء حسن زوجة تحسين محمد بشير المتحدث الرسمي باسم البعثة المصرية للأمم المتحدة، في وقت كانت الخلافات بين مصر وإسرائيل في أقصى مراحلها، حينها أقدمت، وبالتحديد في العام 1974، على فعلة ضجّ لها الرأي العام المصري كله، بقرارها زيارة دولة العدو وتدوين كتاب أسمته “عدو في أرض الميعاد” عن رحلتها الأكاديمية في تل أبيب، والتي استمرت قرابة خمسة أسابيع، اتفقت بعدها مع صحفي إسرائيلي يسمى عاموس إيلوان على أن يشاركها في إصدار كتاب مشترك من شأنه أن يفشي السلام بين البلدين.
لم يكن من الرئيس السادات حينها إلا أن أصدر قرارًا فوريًا بسحب الجنسية المصرية منها، وإخضاعها للمحاكمة بتهمة التطبيع مع دولة الاحتلال، بل أمر زوجها، تحسين بشير، بتطليقها، ولم تستطع سناء حينها العودة إلى مصر وعاشت في إسرائيل حتى عام 1977، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة.
وبعد أن أُبرمت إتفاقية السلام بين مصر وإسرئيل، أعاد السادات الجنسية إليها مرة أخرى، ولكنها رفضت العودة إلى مصر، ولم تعد إلا عام 1981 بعد اغتيال الرئيس السادات.
علي سالم.. واحد ممن سقطوا في “فخ التطبيع”
الكاتب المسرحي علي سالم كان بين أشهر من تتضرروا من موقفهم حول التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وذلك بعد أن زار دولة الاحتلال في 1994، وألف كتابًا عن هذه الزيارة حمل اسم “رحلة إلى إسرائيل”، تمت ترجمته بالعربية والإنجليزية، وصدر في إسرائيل.
وكانت لزيارة علي سالم إسرائيل وقبلها تأييده لمعاهدة “كامب ديفيد” أثر كبير على حياته المهنية، التي تحولت إلى أسوأ مراحلها لاحقًا، بقرار من اتحاد الكتاب قضى بفصله من عضويته، لإصراره على التطبيع مع العدو الإسرائيلي، واختراق القرار الذى اتخذه الاتحاد عام 1995 بوقف التعامل مع الكيان الصهيوني.
ومُنذ زيارته إسرائيل وحتى وفاته، عانى علي سالم، الذي كان من أبرز أعماله مسرحية “مدرسة المشاغبين”، و“أغنية ع الممر”، التي تحولت إلى فيلم جسد نكسة الهزيمة أمام إسرائيل في 1967، آثار مقاطعته فنيًا، إلى أن توفي وحيدًا في سبتمبر من العام 2015، عن 79 عامًا.