مدرب من طينة الكبار، قد يكون أمل الزمالك في نهائي القرن الأفريقي استنادًا إلى مسيرته، فهو من صنع مجدًا بالدوري البرتغالي -خلال مدة قصيرة- عندما قاد في مطلع الألفية الجديدة، فريق بوافيستا، أحد أندية الوسط بالبرتغال، للقب الدوري، وسط العمالقة بورتو وبنفيكا وسبورتينج لشبونة، كما وصل به إلى قبل نهائي كأس الاتحاد الأوروبي (اليوروبا ليج حاليًا) في إنجاز تاريخي.
يعد جايمي باتشيكو، المدرب الحالي للزمالك، أحد أبرز مدربي البرتغال في العقود القليلة الماضية، رغم ميله لتقديم كرة قدم متحفظة أميل للأسلوب الدفاعي.
في فترته الأولى مع الزمالك قدم صورة جيدة إلى حد كبير خلال 12 مباراة فقط. وفي الفترة الثانية استكمل هذه الصورة وبنى عليها، حاصدًا مع الزمالك المركز الثاني في الدوري الممتاز، وصاعدًا به إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا، في وقت صعب وضيق. كما استطاع كسب ثقة اللاعبين والجماهير على السواء، وبشكل سريع.
مسيرة أمل الزمالك في نهائي القرن الأفريقي
بدأ جايمي باتشيكو مسيرته الكروية مع مطلع الثمانينات، حيث لعب في مركز خط وسط الدفاع لنادي بورتو البرتغالي حتى موسم 1983/1984، ثم انتقل لنادي سبورتينج لشبونة في موسم 1984/1985، بسبب انتقال اللاعب الشاب باولو فيتور من لشبونة إلى بورتو.
وتنقل باتشيكو بين أندية آخرى: فيتوريا سيتوبال ثم نادي باكوس فييرا ومنه إلى نادي براجا، قبل أن ينهي مسيرته كلاعب عام 1995.
ودوليًا، ظهر باتشيكو لأول مرة مع منتخب بلاده في 23 فبراير 1983، عندما تغلب منتخب بلاده على المنتخب ألمانيا الغربية بهدف مقابل لا شيء، في مباراة ودية، لحقتها 24 مشاركة له مع منتخب بلاده.
أما كمدير فني، فكان باتشيكو المسؤول عن النجاحات الكبيرة لنادي بوافيستا، إذ حقق معه بطولته الأولى في الدوري البرتغالي الممتاز موسم 2000/2001، ووصل به للمباراة قبل النهائية بكأ الاتحاد الأوروبي في الموسم التالي.
اقرأ أيضًا: نهائي القرن.. 4 ظواهر نادرة في صدام الأهلي والزمالك الأفريقي
وفي أبريل 2005، ترك تدريب نادي بوافيستا مقابل التعاقد مع نادي فيتوريا جيماريش، لكنه استقال في ديسمبر 2005، ليعود مرة أخرى مديرًا فنيًا لنادي بوافيستا في 23 أكتوبر 2006. وأخيرًا، ترك تدريب بوافيستا عندما نُفي النادي إلى الدرجة الثانية على خلفية فضيحة الحكام والتلاعب في نتائج موسم 2003/2004.
وفي التاسع من أكتوبر 2008، اتجه باتشيكو لتدريب نادي بلينينسيس، لكنه استقال في 2009 متجهًا لتدريب نادي الشباب السعودي، الذي حصل معه على بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين.
واستقال من نادي الشباب السعودي عام 2014، وخاض تجربة قصيرة مع الزمالك في موسم 2014/2015، ليعود إلى البرتغال دون إبداء أسباب، قبل أن يرسل لإدارة الزمالك عبر البريد الإلكتروني شارحًا أسباب رحيله.
عاد باتشيكو لنادي الشباب السعودي مرة أخرى غير ناجحة، واتجه منه للدوري الصيني، ثم أخيرًا تعاقد مرة ثانية مع نادي الزمالك في سبتمبر الماضي.
ملامح الشخصية
يتسم جايمي باتشيكو بحدة الطباع، حتى أنه عندما تصادم مع جوزيه مورينيو، لم يتردد لحظة في وصفه بـ”المختل عقليًا”.
باتشيكو البالغ من العمر 61 عامًا، كان ومورينيو مثل القط والفأر؛ كل منهما يحاول إثبات عبقرية شخصيته الكروية بالضد للآخر. صحيح أن باتشيكو لم ينجح مثل مورينيو، غير أنه استطاع أن يصنع لنفسه اسمًا ليس بالسهل في البرتغال.
في منتصف الأربعينات من عمره، وحين كان لا يزال مدربًا شابًا يطمح للمزيد، وجد نفسه أمام حاجز عنيد هو مورينيو، الذي استطاع أن يصنع كوكبة فريدة من اللاعبين في بورتو، يقودهم كل من ديكو ونونو مانيتش وريكاردو كارفاليو، وينتهج كرة هجومية متهورة على عكس باتشيكو الذي خسر أمام بورتو بهدف من دون رد، هذه نتيجة صغيرة توضح كم كان التنافس قويا بين الفريقين، وبين المدربين في الحقيقة.
تكرر الأمر بعد ذلك ودومًا كان الفائز بورتو، ودائما كانت النتيجة صغيرة والفارق يشرح كم كان اللقاء مغلقًا بين الطرفين، هذا الأمر جعل الثنائي يظهر كرهه للأخر، لدرجة أنه بعد نهاية إحدى المواجهات بين الثنائي، خرج مورينيو سريعًا من الملعب دون مصافحة باتشيكو ليصرح بعد ذلك “لم أقدر على تمييز من هو مدرب بوافيستا”، باتشيكو لم يصمت ليرد بقوة بعد ذلك على مورينيو، قائلاً: “لا أريد الحديث كثيرًا.. مورينيو مختل عقليًا ولن أشغل بالي بالرد عليه”.
اقرأ أيضًا: وقع للتعاون السعودي.. 3 توابع مدوية لزلزال «هروب كارتيرون» في الزمالك
يقول عنه بعض الصحفيين البرتغاليين المتخصصين في كرة القدم: “قراءة عمل باتشيكو تعتمد على الشخصية التي يفرضها على الفريق، والصورة التي يرسمها معتمدًا على الجانب البدني، القدرة على توحيد اللاعبين وسن مخالبهم، لقد درب في البرتغال، مصر، الولايات المتحدة، لكنه يظل مديرًا فنيًا صاحب فكر تقليدي، يميل إلى العمل البدني القوي، ويطلب الكثير من اللاعبين، والمهاجم يجب أن يكون أول مدافع في الفريق، لأن لغته في كرة القدم تعتمد على قيام كل لاعب بدوره فور فقد الكرة”.
وعن الأمر نفسه، يتحدث صحفي آخر بصحيفة “ريكورد”، قائلًا: “فريق باتشيكو دائمًا ما يكون قوي، يجب أن يستعيد الكرة بأسرع وقت ممكن دون الخوف من ارتكاب الأخطاء، ويجب أن يصل إلى مرمى المنافس بأسرع وقت”، مضيفًا: “وهو يحب اللاعب الضخم، الذي يمتلك قدرات بدنية قوية، إذا كان قد قبل بالعمل مع الزمالك فهذا يعني أنه سيقاتل من أجل الفوز بالبطولات”.
تعامله مع المباريات الكبرى
هو مدرب لا يملك مباريات كبرى كثيرة في مسيرته خاصة في المنطقة العربية، فلم يفز بأي بطولة كبيرة أو قارية مثلاً على الإطلاق من قبل، باستثناء اللقب الوحيد وكان بالدوري البرتغالي رفقة بوافيستا، ووصل نصف نهائي اليوروبا ليج مع الفريق نفسه بالعام الذي تلاه، لكنه لم يلعب من قبل قط على نهائي بطولة قارية بحجم دوري أبطال أفريقيا، أكبر بطولة للأندية بالقارة السمراء على الإطلاق، وتقود بطلها لبطولتي كأس العالم للأندية، وقبلها لقب قاري آخر كأس السوبر الأفريقي، وربما تبتسم له المستديرة، ويحقق اللقبين في غضون شهر واحد، في سابقة لم تحدث طوال مسيرته التدريبية التي تمتد لأكثر من 23 عامًا.
لكنه في المباريات الكبيرة التي لعبها حتى مع الزمالك أمام الرجاء المغربي على سبيل المثال في مباراتي نصف نهائي دوري الأبطال قبل أسابيع، قدم أداءً تكتيكيًا وخططيًا وبدنيًا جيدًا للغاية، لكنه أخاف الجميع في أول 55 دقيقة من لقاء الرجاء بالعودة، عندما ترك لهم الاستحواذ كاملاً دون وجود يذكر للزمالك حتى تقدم الرجاء بهدف، ثم عاد وهاجم ولعب بطريقته المعروفة واستطاع قلب النتيجة لصالحه بنتيجة 3-1، ولكنه بهذا أخاف الجميع منه ومن تعامله الفني مع تلك المباريات الكبيرة، لاسيما أمام الأهلي في نهائي الحلم المنتظر.
فكيف سيبدأ باتشيكو؟ وهل سيتحفظ دفاعيًا أكثر من اللازم ويعاقبه الأهلي بنفس سيناريو لعبه أمام الرجاء؟ وهنا ربما تكون العواقب وخيمة، فالأهلي لا تعود عليه في النتيجة مثلما كان الحال مع الرجاء، أم سيفاجئ بيتسو موسيماني نظيره في المارد الأحمر ويأخذ المبادرة بالهجوم ويسجل أولاً؟ وهذا سيناريو قليل الاحتمالات بنسبة كبيرة لمخالفته تاريخ وأسلوب المدرب البرتغالي الذي دائمًا ما يكون رد فعل في تلك المباريات الكبيرة.
القلق الأكبر الآخر للجماهير البيضاء يكمن في أنها المباراة الأولى لباتشيكو أمام الأهلي، ودائمًا ما تكون النتائج سيئة لمدرب الزمالك الذي يخوض لقاء القمة الأول، ولكن هذه المرة ستكون خسارة قمة ولقب قاري عظيم تنتظره الجماهير منذ 2002، فلن تسامحه بسهولة كما فعلت مع مدربين آخرين قبله خسروا لقائهم الأول أمام الأهلي، سواء في الدوري أو كأس السوبر المصري أو أي مناسبة أخرى، فهل يفعلها باتشيكو ويدخل التاريخ من الباب الكبير، أم يخرج منه ومن الزمالك بخفي حنين بلا رجعة ثانية؟!