بالتزامن مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة يبدو أن جائحة كورونا، تفاقم من سوء أوضاع النساء في المغرب، بحسب ما يؤكده عاملون بالمجتمع المدني المغربي.
وخلال الفترة ما بين 16 مارس الماضي، يوم أمس الثلاثاء 24 نوفمبر الجاري، وثقت فيدرالية الرابطة لحقوق النساء في المغرب ما لا يقل عن 1774 حالة عنف ضد المرأة في مختلف المناطق المغربية.
يأتي ذلك متزامنًا مع إجراءات الحجر الصحي التي فرضتها السلطات لمواجهة التداعيات الصحية لفيروس كورونا المستجد، ما قد يعني تركز حالات العنف ضد المرأة في العنف المنزلي. وقد أكدت فيدرالية حقوق النساء على ذلك في تقريرها الأخير الذي اطلع “مصر360” على نسخة منه، أن العنف ضد المرأة، زاد خلال فترة الحجر الصحي التي امتدت لثلاثة أشهر متتالية من شهر مارس، بنسبة 31.6% مقارنة بنفس الفترة من عام 2019.
اقرأ أيضًا: أمهات في مرمى نيران كورونا.. الفيروس أمامكم والتسرب التعليمي خلفكم
وفي تصريح لـ”مصر360″، أكدت سميرة موحيا، رئيس العضو بفيدرالية حقوق النساء، أن جائحة كورونا تسبب في فرض ظروف زادت من حالات العنف ضد المرأة عن العام الماضي، بآثار واضحة، نفسية وجسدية، على الحالات المبلغة عن العنف الذي مورس ضدها.
الشريك المتهم الأول في العنف ضد المرأة
من بين مجمل حالات العنف ضد المرأة في المغرب خلال العام الجاري، تصدّر الشريك قائمة المتهمين، إذ بلغت نسبة العنف ضد المرأة من شريكها سواءً زوجًا أو خطيبًا، 81.8%، وفقًا لسميرة موحيا.
ومن مجمل حالات العنف المبلغ عنها، فإن نصفها تقريبًا عنف جسدي، إذ رصدت الفيدرالية 709 حالة لنساء تعرضن لعنف جسدي، بينهن حالة قتلت جراء العنف. كما أن 5.1% من الحالات، تعرضن لعنف جنسي.
غير أن موحيا ترى أن الأرقام المرصودة لا تمثل كل الوقائع، وإنما هي فقط للحالات التي تشجعت للإبلاغ عما مورس ضدها، في حين أن معظم النساء اللواتي يتعرضن للعنف يصمتن عمّا تعرضن له.
العنف ضد المرأة إلكترونيًا
للعنف ضد المرأة إلكترونيًا نصيب أيضًا في ما تتعرض له المرأة المغربية، ذلك أن 17 حالة بلغت بتعرضهن لعنف رقمي. وتقول سميرة موحيا إن كثيرًا من النساء اللواتي يتعرضن للعنف الإلكتروني أو العنف عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أو عبر الهاتف، يكتفين بتغيير أرقام هواتفهن أو تغيير حساباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي.
بذلك تنضم المتعرضات للعنف الإلكتروني لغيرهن من النساء المعنفات اللواتي يفضلن الصمت عما تعرضن له، لأسباب تتعلق عادة بالمجتمع.
في هذا السياق، فإن بشرى عبدو، مدير جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، قررت المساهمة في حملة الـ16 يومًا للقضاء على العنف ضد المرأة، التي تدشنها الأمم المتحدة من 25 نوفمبر إلى العاشر من ديسمبر؛ عبر تسليط الضوء بشكل مكثف على العنف الرقمي ضد المرأة، تحت شعار “على الإنترنت ما مفكاش.. وعلى العنف ما سكتاش” والذي يشير إلى ترسيخ حق المرأة التواجد عبر الإنترنت وحقها في عدم الصمت على العنف الممارس ضدها عبره.
وقالت بشرى عبدو لـ”مصر360″ إن ضحايا العنف الرقمي “يجدن أنفسهن وحيدات، يتحملن مسؤولية عنف هن ضحاياه”، ما يفاقم الآثار النفسية السلبية على المرأة، لكنه أيضًا وفقًا لبشرى “يؤدي لدخولهن في مزيد من العزلة والصمت، ما سيفضي حتمًا لمزيد من الاختلال في العلاقة بين الرجال والنساء، وعدم المساواة”، يعني ذلك “مزيدًا من العنف والتحقير ضد المرأة”، على حد قول بشرى.
وتدخل ضمن نطاق العنف الرقمي ضد المرأة، حالات الابتزاز التي تزيد من تفضيل الضحية لقرار الصمت. لهذا فإن بشرى تعمل عبر الجمعية التي تديرها، على حملات لتشجيع النساء أن يبلغن عن العنف المسلط ضدهن، وتنبيه الجهات المعنية لتطّلع بمسؤولياتها في حماية النساء.
لا يبلغن عن العنف الممارس ضدهن
يبدو أن المغربيات يجدن صعوبة على مستوى التبليغ عن العنف الذي يتعرضن له، إذ تعتبر قلة التبليغ عن العنف الممارس ضد النساء من بين الإشكاليات في مجال مناهضة العنف التي يرصدها المجتمع المدني باستمرار. هذا ما أكدته المندوبية السامية للتخطيط، وهي مؤسسة رسمية معنية بالإحصاء، في تقريرها سنة 2019.
اقرأ أيضًا: في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.. حكايات خلف الأبواب باللون البرتقالي
وتبين بحسب المندوبية أنه “على إثر عنف جسدي أو جنسي تعرضت له المرأة خلال 12 شهرًا الماضية، قامت 10,5٪ من ضحايا العنف (ما يقرب من 18٪ للعنف الجسدي وأقل من 3٪ للعنف الجنسي) بتقديم شكوى إلى الشرطة أو إلى سلطات مختصة أخرى مقابل 3٪ من السنة الماضية. ولا تتجاوز هذه النسبة 8٪ في حالة العنف الزوجي مقابل 11٪ في حالة العنف غير الزوجي.
وأعزت المندوبية السامية للتخطيط ذلك، لعدة عوامل حيث “يعتبر حل النزاع عن طريق التسوية والتدخل الأسري والخوف من الانتقام من طرف الجاني ومشاعر الخجل أو الحرج، خاصة في حالات العنف الجنسي، من بين الأسباب الرئيسية التي تمنع الضحايا من تقديم شكاية إلى الجهات المختصة”.
وأيضًا من بين الإشكاليات التي تطفو إلى السطح “القانون المغربي لمناهضة العنف 103-13“، فطالب عدد من منظمات المجتمع المدني، الحكومة التعريف أكثر بمقتضيات القوانين المرتبطة بمناهضة العنف ضد النساء، خاصة القانون 103-13 الذي مازالت مقتضياته غير معروفة لدى المواطنين والمواطنات.
حيث أظهرت النتائج الأولية للبحث الذي قامت به المندوبية السامية للتخطيط، أنه “أكثر من نصف النساء والرجال ليسوا على علم بوجود القانون 13-103 المتعلق بالحماية من العنف ضد المرأة، حيث يؤكد أكثر من 58% من النساء و57% من الرجال عدم علمهم بوجود هذا القانون”.