ليس في المنطقة العربية فقط، فالإحصائيات تؤكد تزايد حوادث العنف ضد المرأة في العالم بصور مختلفة، نضيء عليها، ونحن نصادف اليوم، 25 نوفمبر 2020، اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.
تعريف العنف ضد المرأة
عرّف الإعلان العالمي للعنف ضد المرأة، الصادر عن الأمم المتحدة في 1993، العنف ضد المرأة على أنه “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة ، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي ممن الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.
كما حددت الأمم المتحدة، يوم 25 نوفمبر من كل عام، يومًا عالميًا للقضاء على العنف ضد المرأة، باللون البرتقالي.
اقرأ أيضًا: في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.. حكايات خلف الأبواب باللون البرتقالي
تتعدد أنواع العنف ضد المرأة، إلا أن أكثر شيوعًا هو “العنف البدني” وإلحاق الأذى البدني من الزوج أو الأب أو الأخ في أغلب الأحيان، ويأتي العنف غالبًا من الدوائر المقربة لها، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن امرأة واحدة على الأقل من بين ثلاث نساء في المتوسط، تتعرض للضرب أو لممارسة الجنس قسرًا أو للإيذاء.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن الوضع “سيئ للغاية” في بعض الدول مثل أستراليا وإسرائيل وجنوب أفريقيا وكندا والولايات المتحدة، وتتراوح نسبة الإناث اللائي قتلن على أيدي أزواجهن بين 40%، و70%، من بين ضحايا جرائم القتل.
العنف ضد المرأة في نيجيريا
في نيجريا أحد أكبر البلدان الأفريقية، تتعرض واحدة من بين كل أربع فتيات للاغتصاب قبل بلوغهن الـ18، وفقًا لما جاء في تصريحات لشنييريه إيوه، مديرة مبادرة “رفع الوعي بشأن الاعتداءات الجنسية وإعادة تأهيل الضحايا”.
وأوضحت شنييريه إيوه، أن ربع الفتيات النيجيريات يتعرضن للاغتصاب في سن صغيرة، ما يعد أحد أكثر الجرائم التي يعاني منها المجتمع هناك.
كندا وفرنسا
ولا تخلو القائمة من الدول الغنية أيضًا، فوفقًا لأحمد الشريف، أستاذ علم الاجتماع، فإن أكثر من 70 % من الرجال في كندا يمارسون العنف ضد عائلاتهم وأصدقائهم، بينما ترتفع النسبة في فرنسا لتصل إلى 50%.
وأوضح الشريف أن العنف ضد النساء في مجال العمل داخل القارة الأوروبية يزيد عن 60%، ما بين مضايقات بدنية وتحرش وإيذاء لفظي.
لماذا في دول “تحترم حقوق الإنسان”؟
لكن لماذا تضم قائمة الدول التي تشهد عنفًا ضد النساء دولًا معروفة باحترام حقوق الإنسان؟ عبدالرسول الديب، استشاري الطب النفسي، قال إن أكبر الأسباب التي تدفع الرجل الغربي لممارسة العنف تجاه النساء، هو شعوره الدائم بأنه أقل منها، مضيفًا أن المرأة الغربية تنصفها القوانين دائمًا، حتى في حالة تعرضها لأذى تحصل على حقوقها بأكثر من المطلوب أحيانًا.
وأوضح الديب أنه “في حالة الطلاق تحصل على نصف ممتلكات الزوج، تتقلد جميع المناصب دون قيود أو صعوبات، بل ويفضل بعض قطاع الأعمال الأجنبي، توظيف السيدات أكثر من الرجال”، مضيفًا أن كل هذه الأمور تجعل بعض الرجال الغربيين يشعرون بحالة “عجز” تجاه الشخص الذي يشعره دائمًا بضعفه، أو النساء في هذه الحالة.
تكلفة العنف
قدرت دراسة أمريكية أجريب عام 1995، التكاليف المباشرة السنوية للعنف ضد المرأة، بأكثر من مليار دولار كندي في العام الواحد، تشمل تلك التكاليف، الخدمات العلاجية للمصابات والتعويضات التي حكمت بها العدالة للضحايا.
ثقافة الصمت
تقول نيرة عوض، أستاذ علم النفس الاجتماعي، تعليقًا على ما وصفته الدراسات بـ”ثقافة الصمت” التي تمارسها الضحية، إنه “على المجتمعات تغيير تلك الثقافة، فعلى الرغم من كل الجهود المبذولة مجتمعيًا، وعلى المستوى العالمي للحد من الظاهرة، إلا أن المجتمعات نفسها حتى الغربية، تلجأ فيها الضحايا كثيرًا لما يسمى بثقافة الصمت”، موضحة أن المكاشفة والمصارحة من شانها أن تحل 50% من الأزمة.
ذكاء مجتمعي
تضيف نيرة أن الذكاء المجتمعي يحمي المجتمعات ويقيها من مفاقمة شعور الرجل بالتفضيل الدائم للمرأة، في محاولة لتقليل شعور الرجل بالاضطهاد، وإشعار الرجل ولو بشكل جزئي بأنه جزء مهم في المجتمع، ولا يوجد تفضيل للنساء عليه حتى لا يلجأ لتفريغ غضبه في كائن يراه هو مستبدًا.
اقرأ أيضًا: كيف تشكل ثقافتنا علاقتنا بأجسادنا وأدوارها السياسية والاجتماعية؟
مضيفة أن الذكر بطبيعته البيولوجية أقوى عضليًا بغض النظر عن البيئة التي ينشأ فيها، فيلجأ بشكل لا إرادي لاستخدام هذه القوة للحصول على حقوقه، وأهدافه إذا شعر أن الطرف الآخر يسلب تلك الحقوق، حتى وإن كان إحساسه خاطئ: “لابد من تصليح تلك المفاهيم، ومساندة الرجل على التأهيل والتغيير من جديد قبل معاقبته على افعاله العنيفة”.