في تقاطعات الطرق بيظهر اتجاهات كتير، اللي مش عارف طريقه، سهل جدًا يدخل اتجاه ممكن يطلع صح أو يطّول مسافته، أو يتوهه خالص، مثال التقاطعات دا ينفع نطبقه على كل حياتنا.

صديقتي كانت منهارة وعايزة تتطلق، الطلاق نتيجة صعبة جدًا، صعبة على الطرفين، لكنها أصعب بكتير على الستات، بس إيه يخلي ست عاشت أكتر من عشر سنين مع راجل، إنها توصل لحالة الإصرار على الطلاق؟

اقرأ أيضًا: العنف ضد المرأة | الكلفة الاقتصادية للضحايا

ورغم إن المجتمع بدأ يتفهم فكرة الطلاق، ومبقاش فيه الاتهامات القديمة للمطلقات، لكن يفضل الجواز أمر مهم جدًا، والطلاق يواجه حالة رفض مستخبية.

أي علاقة بتوصل لنتيجة هي جهد الطرفين وأعمالهم، مفيش طرف هو السبب، ولا طرف لازم يشيل الأسباب كلها، لكن وقت الوصول للنتيجة، خاصة النتايج اللي فيها خسارة وقطيعة؛ كل طرف بيرمي المسؤولية على الطرف التاني، ودا طبيعي، ومتوافق مع إحساس المظلومية اللي بيحسه كل طرف، وخصوصًا الست.

الست اللي بحكم تكوينها النفسي وتنشئتها بتكون ميالة للاستقرار والتخطيط، مسؤولياتها كتير: أعمال منزلية، وتربية أطفال ومتابعتهم في التعليم، ولو بتشتغل كمان، دا بقى غير علاقتها بالزوج.

ولأننا بشر محدش يقدر يعمل مهام كتير بنفس الكفاءة طول الوقت، وحالاتنا النفسية بتأثر علينا، والضغوط اللي بتحصل من أول زحمة الشوارع، والعلاقات مع الأهل والأصدقاء، وعلاقات العمل.

واحنا في علاقتنا بنكبر، وممكن نتغير، يمكن بحكم السن أو الخبرة، أو أي حاجة، مفيش حد بيفضل على حاله، ما بنحسش بالتغيير اللي بيحصلنا، لكن بنشوف التغيير اللي بيحصل للي حوالينا، حاجة كدا زي دوران الأرض حول نفسها، الأرض مش ثابتة، لكننا بنشوف الليل والنهار كأنهم حدث مستقل.

لما ست توصل لمرحلة إنها لازم تتطلق، بتكون في اللحظة دي فقدت كل قدرتها على الاحتمال. مش بتكلم عن الستات اللي مع كل مشكلة بتهدد بالطلاق أو بتطلب الطلاق، كأنه مجرد سويتش هتغير به الموقف وتعدله؛ لكن بتكلم عن الغالبية اللي اتربت إنها تستحمل وتعدي.

من أكبر مشاكل التربية في مجتمعاتنا تعليم الست إنها علشان ست لازم تستحمل وتعدي، تحت شعارات كتير، زي إن الست العاقلة لازم تستحمل، أو ما تخربيش بيتك، أو الرجالة كلهم كدا.

بين مشاكل التربية وحالة الأمل اللي بتكون عند ستات كتير إنها بتستحمل أو بتعدي، يمكن يحصل تغيير، بين الاتنين دول بيبدأ الشرخ اللي بيزيد مع الوقت، وتضعف متانة العلاقة، وفي لحظة يبقى موقف تافه هو القشة اللي بتقسم الضهر وتنهي العلاقة.

صديقتي وهي منهارة كانت بتعد الحاجات اللي عملتها واستحملتها علشانه، يمكن النقطة دي كمان من أخطاء العلاقة، ليه بقى العطاء اللي فى اتجاه واحد مُفسد؟ ليه طرف في العلاقة يفضل يقدم في حاجات من غير ما يكون فيه مقابل؟ مش لازم يكون المقابل بنفس القدر، لكن لازم يبقي فيه مقابل.

ليه لما طرف يكون فيه حاجة بتضايقه وتضغط عليه، يفضل يعملها؟ مين قال إن الطرف التاني هيعرف إن دي حاجة بتضايق شريكه؟ لو الزوج محب للاجتماعيات وأوقات كتير بيعزم أهله وأصدقاؤه، ودا جهد كبير على الزوجة، ليه ما تقولش إن دا بيتعبها، وتطلب منه يساعدها أو يجيب حد يساعدها؟

مواقف كتير تبقى مرهقة، وتقضي على طاقة الست، وتاخد من روحها، بس هي ما بتتكلمش، بتودي دروس وتمرين وشغل البيت، وهي متخيلة إن لازم الزوج يكون مقدر. إزاي الطرف التاني هيقدر حاجة ما يعرفهاش؟! والمعرفة مش إنه عارف إنها بتعمل إيه، لكن المعرفة بتكون في معرفة حجم الجهد اللي الزوجة بتبذله.

الست اللي اتعلمت تشيل وتستحمل، لو جوزها مش طول الوقت معاها لأسباب غير الشغل (خروجات، أنشطة اجتماعية)، وهي مش بتقوله دا، فهي اللي غلطانة، ومش هنقول الجملة اللي بتتكرر يعني: هو مش شايف، أو مش حاسس.

قدرة البني آدمين مختلفة من فرد للتاني، ومن موقف للتاني ومن عمر لعمر تاني. عارفين الكوميك الشهير بتاع “ما انت لو مهتم كنت عرفت لوحدك”؟

غالبية الستات بتفكر بنفس الطريقة، التفاصيل جوه دماغها، والمشاعر في قلبها زعل أو خنقة أو ضيق أو حتى حب، وعلى الزوج إنه بقى يكتشف، فهي لازم تبقي قالبة وشها علشان يعرف إنها متضايقة، ويسألها “مالك؟” وتقوله “مفيش”، ولازم يلح علشان تتكلم. وكتير من الرجالة لا بتلح ولا بتعمل حاجة. كتير من الرجالة بيشوفوا إنهم بيعملوا اللي عليهم علشان بيشتغلوا وبيوفروا الفلوس. أكيد مش دا كل حاجة، بس ازاي تحاسبي إنسان على حاجة من غير ما تكونوا اتكلمتوا فيها؟

صديقتي زعلت مني لأني قلت لها إنها سبب في إنهم يوصلوا للطلاق، وإنها فضلت تستحمل من غير مرة ما تعبر عن مشاعرها أو تقول اللي بيضايقها. شايفاها غلطانة إنها استحملت مرة واتنين وتلاة، وما وقفتش واتكلمت. غلطانة لإنها اتبرعت تعمل أدوار كان لازم تتقسم بينهم، وهي شالتها لوحدها، ولما فكرت تتكلم وتطلب إنه يشاركها، عملت دا بشكل غلط.

اقرأ أيضًا: العصمة في إيدها: مفاهيم مغلوطة وحق منقوص للنساء

وقبل ما تتهميني إني ضد الستات، سؤال بسيط هو احنا بنعجن الكيك زي البسكويت رغم إن الاتنين نفس المقادير تقريبًا؟ كل حاجة لها طريقتها، العلاقات كدا برضه، لازم تختاري الوقت والطريقة المناسبة لكل موضوع.

مش بقول إنها تقف على الواحدة، وتتحول الحياة لصراعات وخناقات يومية، مش لازم علشان يتعاتبوا أو تقول لجوزها إن فيه حاجة بتضايقها أو بتضغط عليها، إن دا يحصل بخناقة؟

مع كتر التحمل والضغوط بنضعف، الأفكار الداخلية والظنون بتغير من حجم اللي بنشوفه، مشاكل كتير وموضوعات ممكن تخلص في وقتها لو اتكلمنا فيها.

ليه لما تحس إن قدرتها قلت ومش قادرة تعمل حاجة ما بتقولش؟

الست اللي بتفضل كاتمة الوجع والحزن وأي مشاعر سلبية بتحسها من موقف، بتيجي في لحظة ما تحتملش نظرة، وتبقى كل السنين اللي عاشتها مع جوزها وهي على أمل إنه هيتغير، الأمل اللي بيختفي فى لحظة، وتبقى السنين بمواقفها تقل، مع حاجة صغيرة وأحيانا تافهة تقضي على العلاقة اللي في مفترق الطرق. كل طرف مش بيشوف غير اللي عمله كويس وأخطاء الطرف التاني في حقه.