ارتفعت أعداد لقاحات كورونا التي تخضع للتجارب في العام حاليًا إلى نحو 202 لقاح، وسط تسابق عنيف بين الدول الكبرى، على الانتهاء منها لاقتناص نصيب من بضاعة مضمونة ستجد سوقًا واسع الانتشار من الاستهلاك، لن يقل روادها عن 5 مليارات نسمة.
وفق آخر الإحصاءات، دخل نحو 48 لقاحًا لكورونا في مرحلة التجارب السريرية على البشر وهي المرحلة قبل الأخيرة، بينما استطاع 11 لقاحًا بدء المرحلة الأخيرة من التجارب تمهيدًا للتقدم لـمنظمة الصحة العالمية للحصول على حق التصنيع والتوزيع.
تتسابق أمريكيا وروسيا حاليًا على إثبات أكبر فعالية للقاحين اللذين قاما بتطويرهما، فالروس يصممون على أن لقاح “سبوتنيك في” فعال بنسبة 95%، استنادًا على النتائج الأولية للاختبارات على المتطوعين بعد 42 يومًا من الحقن الأول للقاح.
فايزر ولقاحات كورونا المنافسة والثقة العالمية
يحظى اللقاح الذي طورته شركة «فايزر» الأمريكية لصناعة الأدوية مع شريكتها الألمانية المتخصصة بالتكنولوجيا الحيوية الألمانية «بيونتك»، باهتمام عالمي منذ تأكيد الشركتين أن فعاليته 90%، قبل أن يعاودا التأكيد على أن الفعالية أصبحت 95% وفقا لتجارب على متطوعين بعد سبعة ايام من تلقيهم الجرعة الثانية.
وتجاهد جامعة أوكسفورد بالمملكة المتحدة وشريكتها شركة الأدوية العملاقة AstraZeneca في رفع نسبة الفعالية في اللقاح الذي يحمل اسم الأخيرة الذي لا يتعدى 70٪ في التحليل الأولي لبيانات المرحلة الثالثة التجريبية، والذي تواجه مشكلة ايضًا في عدم ثبات نتائجه، فالذين تلقوا كميات أقل في الجرعة الأولى وأكثر في الثانية كانت استجابتهم أقل.
وتعمل شركة موديرنا الأمريكية أيضًا على لقاح بنسبة فعالية تقترب من 95% لكنها، لعبت على ميزة عجزت عنها منافستها الأمريكية “فايزر” تتمثل في قلة الأضرار الجانبية، وإمكانية الاحتفاظ له في ثلاجة تقليدية وليس في درجة حرارة تبلغ 70 تحت الصفر، وهي أقل بنحو 50 درجة مما يحتاجه أي لقاح أخر.
اقرأ أيضًا: من مسكن متواضع بـ”ماينز”.. كيف بدأ الزوجان شاهين وتوريتشي حلم لقاح كورونا؟
“سبوتنيك-في” يدخل المرحلة الثالثة من التجارب
ووفقًا لمعهد «جاماليا» للأبحاث فإن فعالية لقاح “سبوتنيك-في”، الذي بات حاليًا في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، ويشارك فيه 40 ألف متطوع، لكن منظمة الصحة العالمية تشيد أكثر بلقاح «كورونا» الذي أعلنت عنه شركة “فايزر” حتى ينما كان أقل في نسبة فعاليته ربما بسبب السمعة الكبيرة للشركة الي تقف ورائه.
ومن بين تلك اللقاحات، قالت الوكالة الأدوية الأوروبية إنها تتابع سير التجارب السريرية علي اللقاحات الثلاثة الوافدة من أمريكا وبريطانيا التي يتوقع إنتاجها قبل نهاية العام، فقط متجاهلة اللقاحات الروسية والصينية التي دخلت جميعها المرحلة الثالثة والأخيرة.
ويجري معهد باستور الفرنسي يواصل العمل على ثلاثة لقاحات دفعة واحدة، بينما ركزت اليابان على علاج المرض وليس منع حدوثه وتعمل على رفع كفاءة دواء أفيجان عبر الشركة المنتتجي له “فوجيفيلم” الذي يسمح بخفض ملحوظ لوقت شفاء المصابين بفيروس كورونا وتعتمد بعض الدول عليه حاليًا بشكل أساسي لكن لا يخل من أثار أجنبية خطيرة من بينها تشوه الأجنة.
صراع الزعامة
ولا يخل الصراع العالمي على اللقاحات حاليًا من اعتبارات سياسية، فالدول الكبرى تحاول استغلال نفوذها على الحلفاء من أجل إقناعهم بقبول اللقاحات التي تطورها دون عن غيرها، حيث دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أخيرًا، أعضاء في تحالف بريكس لكبرى الدول الناشئة وفي مقدمتها الهند والبرازيل، لإنتاج اللقاحين اللذين تطورهما بلاده خاصة في ظل وجود اتفاقيات سارية لإجراء تجارب سريرية لقاح “سبوتنيك” في داخلها.
يقول لورنس جوستين أستاذ قانون الصحة العالمية في جامعة جورج تاون الأمريكية، في تصريحات لموقع بي بي سي بالإنجليزية، إن الحديث عن لقاحات كورونا يتضمن رهانًا سياسيًا، فالقوى العظمى تعتبره انعكاساً لبطولتها العلمية واعترافاً بتفوق نظامها السياسي.
أسواق لقاحات كورونا
وتعتبر تلك النقطة بالذات سببًا في تصارع روسيا والصين على تقديم اللقاح لأمريكا اللاتينية المصنفة على أنها الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، إذ وقعت روسيا اتفاقيات مع البرازيل والمكسيك تتلقى بموجبه الأخيرة 32 مليون من اللقاح الروسي وتسعى لتكرار الأمر مع جواتيمالا وهندوراس وكوستاريكا ونيكاراجوا والسلفادور، والصين تتعاون مع معهد بوتانتان بالبرازيل لتوسيع مصنع اللقاح الصينى ضد كورونا “سينوفاك” لإنتاج أكثر من 100 مليون جرعة من كورونا سنويًا ، ابتداءً من عام 2022.
اقرأ أيضًا: قرصنة أبحاث لقاح كورونا.. فصول الصراع بين الصين والولايات المتحدة
معركة ترامب ولقاحات كورونا
وربما يكون صراع الزعامات السبب وراء اعتبار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توزيع لقاح ضد فيروس كورونا المستجد هو معركته الأولى حتى بعدما خسر الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فعلى مدار الشهور الست الماضية، اعتبر اللقاح هو معركته الأساسية، بالتزامن مع تصدير إدارته اتهامات للولايات المتحدة الأمريكية لروسيا والصين بالقرصنة على بيانات تتعلق بتصنيع فيروس كورونا.
وتدور معركة في جانب آخر بين الشركات تتعلق بالتسعير وليس الإنتاج فقط بما يضمن الترويج داخل البلدان، فالروس يروجون إلى أن عقار “سبوتنيك v” سيكون أقل بكثير من سعر اللقاحات الأمريكية لشركتي “فايزر”، والذي وصل إلى 20 دولارًا تقريبًا، ولقاح مودرينا الذي وصل إلى 39 دولارًا للجرعة.
ولا يمكن عزل اشتراطات اللقاح أيضًا من المعادلة، فعقار فايزر لا تتمثل تكلفته فقط في سعره ولكن في احتياجات حفظه، فتوفير درجة حرارة تناهز 70 تحت الصفر توجب توفير ثلاجات فائقة البرودة سعر الواحدة منها لا يقل عن 25 ألف دولار بما يعادل (390 ألف جنيه مصري)، مع مستلزمات طبية خاصة لمن يتعامل معها بارتداء ملابس حماية كاملة، إذ أن الأبخرة التي تواجه الشخص عند فتحها تسبب حروقًا لا تقل عن النار المشتعلة.
الموقف المصري
لمصر موقف وسطي في التعاطي مع معركة اللقاحات العالمية، إذ تعاونت مع غالبية الشركات التي تطور اللقاحات حاليًا بصرف النظر عن مآربها السياسية، ومن بينها فايزر، التي تعاقدت معها على شراء 20% من احتياجاتها، بما يعادل 20 مليون جرعة، هذا فضلاً عن تعاقهدها على 30% من هذه الاحتياجات مع أكسفورد.
كما حصلت شركة فاركو للأدوية في مصر على حق تصنيع اللقاح الروسى “سبوتنيك V” على مرحلتين؛ أولهما تشمل استيراد اللقاح وتعبئته، والثانية نقل التكنولوجيا والتصنيع الفعلي إلى مصانع الشركة تمهيدًا لتوفيره فى مصر وأفريقيا بما يتماشي مع خططها، لتصبح مصر مركزًا لتصنيع اللقاحات في القارة السمراء.
ووافقت وزارة الصحة المصرية أيضًا على إجراء تجارب على لقاحي الصين، بينما يجري المركز القومي للبحوث تجارب على لقاح مصري يحمل اسم “COVID 19 VACCINE INACCIVATED” لكنه لم يدخل مرحلة التجارب السريرية لعدم الحصول على موافقة هيئة الدواء المصرية حتى الآن.