أضفت مباراة نهائي دوري أبطال أفريقيا التي أقيمت في القاهرة، بعدا ساخنا في العلاقة المتوترة بين محمود عبد الرازق شيكابالا، قائد فريق كرة القدم بنادي الزمالك، وجماهير  النادي الأهلي.

 

شيكابالا دخل اللقاء الساخن متأثرا بمعارك كلامية جانبية بين جماهير القطبين عن جدوى وجوده في الملعب، باعتباره لاعبا كبيرا لا يقدر على لمس الكرة، فكانت المفاجأة خروجه من المباراة بأحد أجمل أهداف مسيرته الكروية، إلا أن خسارة الأبيض حولت شيكابالا إلى ضحية جديدة للسخرية وحملات التنمر بين جمهور القطبين.

أقدمت مجموعة من جماهير الأهلي على حمل كلب أسود يرتدي تيشرت أبيض، في إشارة إلى اللاعب، مرددة هتافات مسيئة ضد قائد القلعة البيضاء، وذلك في غمرة احتفالاتها بلقب أفريقيا التي تقارع الفريقان على حصده الجمعة الماضية.

https://www.youtube.com/watch?v=J6HFsf0YRAs&ab_channel=%D8%AA%D8%B1%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%B5%D8%B1Egypttrend

لكن شيكابالا لم يقف ساكتا، كعادته، حيث أعاد نشر صور له حين وجه الحذاء صوب جماهير الأهلي في مبارة قديمة للفريقين، لتتواصل الرسائل من الجانبين: الأبيض دفاعا عن قائدها المقهور دائما بسبب بشرته، على حد وصفهم، والأحمر الغاضية من سلوكياته المنفلتة تجاه النادي وجماهيره، على حد تعبيرهم أيضا.

وبدأت مباحث الأقصر وأسوان تكثيف جهودها لضبط مرتكبي واقعة حمل كلب بميدان صلاح الدين، لاستخدامه في التنمر ضد لاعب نادي الزمالك،  كما بدأت أجهزة الأمن ملاحقة المشجعين المتهمين “بتدنيس مقابر” عائلة شيكابالا.

الوقائع الأخيرة تشي بدخول مصر لميدان العنصرية، والتنمر على اللاعبين أو العاملين بالمنظومة الرياضية والكروية، عن طريق منصات التواصل الاجتماعي وليس الملاعب، التي شهدت أيضًا على مر عصورها هتافات معادية وألفاظ نابية في نطاق التعصب الكروي الأعمى، وربما بعض الجوانب العنصرية، ولكن لم تصل لهذا المستوى السافر التي وصلت إليه مؤخرًا.

فهل يحمل ذلك علامات على ما وصل إليه المجتمع المصري عموماً من حالة سيئة؟، أم اقتصرت على الوسط الرياضي الذي شهد مشاحنات وتناحرات متصاعدة بالآونة الأخيرة، جعلته من الطبيعي والمتوقع أن يصل لهذا الحد؟.

مصر والنفق المظلم

دخلت مصر مؤخرًا هذا النفق، بعدما قامت جماهير محسوبة على النادي الأهلي القطب الأكبر كروياً في مصر، على قائد القطب الثاني نادي الزمالك، محمود عبد الرازق “شيكابالا، فرغم توقف النشاط الكروي نظراً لجائحة “كورونا” التي اجتاحت البلاد، لم يصبح لهؤلاء المتعصبين مكان لتفريغ شحنات غضبهم وتعصبهم هذا، سوى منصات التواصل الاجتماعي، ولأن النشاط الكروي متوقف فذهبوا للتناحر في أمور أخرى خارج الملاعب، وكان لـ”شيكابالا” النصيب الأكبر من الأمر.

بعض الجماهير نشروا صورًا عائلية لقائد القلعة البيضاء تجمعه بزوجته وابنه “آدم” حديث الولادة، والذي حمل البشرة البيضاء، على عكس نجم الزمالك صاحب البشرة السمراء.

وعلى الفوز سارع بعض نجوم الرياضة، لاستنكار تلك الاتهامات والمضايقات لنجم الزمالك، وخرجت حملات دعم له من قبل نجوم كل الأندية وعلى رأسها الأهلي وبعض الإعلاميين الرياضيين والمسؤولين بكرة القدم، وسط تحذيرات من تفشي هذا الأمر الخطير بالرياضة المصرية.

ملاعب أوروبا تعود للعصور الوسطى

ملاعب قارة أوروبا هي المكان الأكثر الذي يشهد ممارسات عنصرية على مستوى العالم تجاه اللاعبين أصحاب “البشرة السمراء” أو القادمين من بلاد فقيرة أو مجهولة ونائية، وكأنها عادت للعصور الوسطى رغم كل هذا التقدم، فهناك عشرات الأمثال على تلك الوقائع والتي عاقب فيها الاتحادات المحلية و”الفيفا” مرتكبيها بأقصى العقوبات حتى يرتدعوا عن هذه الأفعال المشينة، ولكن على ما يبدو دون جدوى، ونستعرض أبرز هذه الوقائع كما يلي:

بالوتيلي

النجم الإيطالي صاحب الأصول الإفريقية ماريو بالوتيلي، كان واحدًا من هؤلاء الذين لم يسلموا من نيران العنصرية في الملاعب، حيث له واقعة شهيرة في عام 2018، خلال مشاركته مع فريقه آنذاك نيس الفرنسي أمام ديجون بالدوري، وأثارت ضجة واسعة حينها لمعاقبة حكم المباراة اللاعب بإعطائه البطاقة الصفراء لمطالبته بوقف تلك العنصرية في المدرجات، كما سانده ناديه حينها ببيان رسمي يشجب خلاله تلك الأفعال المشينة.

مونتاري

أيضًا نجم الوسط الغاني سولي علي مونتاري تعرض للأمر نفسه بالدوري الإيطالي عند مشاركته مع فريقه بيسكارا أمام كالياري، ولكنه قام بعمل متصاعد عندما قرر الخروج من الملعب نهائيًا بعدما أنذره الحكم بعد رفضه التعامل مع تلك الهتافات العنصرية التي وجهت له، كإسقاط على غضبه من رد فعله وترك فريقه يكمل اللقاء بعشرة لاعبين.

داني ألفيس

فيما كانت الواقعة الأطرف بين هؤلاء لظهير أيمن برشلونة الإسباني آنذاك، البرازيلي داني ألفيس، والذي تم قذفه بفاكهة الموز من المدرجات لوصفه بالقرد في تشبيه عنصري مرفوض، ولكنه كان أذكى في التعامل مع تلك الواقعة، عندما قام بتناولها بفمه وأكمل سير اللقاء بشكل طبيعي.

تضامن ضد العنصرية

رغم وجود هذه الحالات في الملاعب، يوجد أيضًا من يردعها ويتضامن ضدها من نجوم وأساطير اللعبة الأشهر في العالم، بجانب الشكل القانوني في التعامل بالعقوبات من الاتحاد الدولي للكرة، من أجل إيصال رسالة ضد العنصرية والعنف والتفرقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو الطلب الذي وصل إلى أكثر من 44 مليون من الجماهير حول العالم.

وكشف “فيفا” في بيان أنه “من المريح أن نشاهد يوما بعد يوم أساطير الفيفا، ولاعبين ولاعبات حاليين من أعراق وأديان مختلفة، يستخدمون منصاتهم لنقل رسائل الاتحاد لمتابعيهم عبر أنحاء العالم”.

“لقد حانت لحظة لفت أنظار العالم للمعاملة التي يلقاها مجتمع أصحاب البشرة السمراء، وللعنصرية، وللعنف الذي يعاني منه كثيرون من هؤلاء الأشخاص في حياتهم اليومية”.

وكان من بين نخبة النجوم والأساطير الذين شاركوا في هذه الحملة ضد العنصرية، عبر منصاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بارتداء القمصان السوداء، إيكر كاسياس وجانلويجي بوفون وراداميل فالكاو، والفنزويلية ديينا كاستيانوس، والأرجنتيني خافيير زانيتي والظاهرة البرازيلية رونالدو.