سلمى الشيمي، اسم جديد ينضم أخيرًا إلى قضايا فتيات مواقع التواصل الاجتماعي، بعد فوتوسيشن (جلسة تصوير) خضعت لها كموديل، مرتديةً الزي الفرعوني أمام هرم سقارة.

جلسة تصوير انتشرت تفاصيلها بمواقع التواصل الاجتماعي كانت كفيلة أن تفتح على صاحبتها بابًا للمساءلة القانونية، ولمحاكم تفتيش أخلاقية من بعض رواد مواقع السوشيال ميديا، الذين انتقدوا الملابس التي ظهرت بها، واتهموها بالإساءة لقيم المجتمع.

وبينما لم تُعرف بعد التهمة التي ارتكبتها الشيمي، ولا موقفها القانوني والعقوبة التي قد تصدر بحقها من النيابة العامة بجنوب الجيزة، تحركت وزارة الآثار رسميًا ممثلة في الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الذي أحال القضية إلى النيابة، التي وجهت أجهزة الأمن بتتبع الشيمي وإلقاء القبض عليها.

المعروف الآن بالنسبة لنا هي أن الفتاة تواجه تهمة خدش الحياء العام، ومخالفة قواعد التصوير بالمناطق الآثرية التي حددتها الوزارة.

اللافت في الأمر أن الوزارة حددت ضوابط عامة”مطاطة” للتصوير في تلك الأماكن: مثل الالتزام بقواعد النظام العام والآداب العامة والحفاظ على المظهر الحضاري، وهي ضوابط لم تخالفها الفتاة حيث ارتدت الملابس الفرعونية في مكان أثري.

اقرأ أيضًا: كشف العذرية.. لماذا تطالب النيابة بفحص أجساد النساء؟

ولفت مصطفى وزيري، في بيان له، إلى أن “وزارة السياحة والآثار حريصة دائمًا على الحفاظ على الأماكن الاثرية، وأن أي شخص يثبت تقصيره في حق الآثار والحضارة ستتم معاقبته”، ما وسع دائرة الجدل حول الاتهام الموجه لـ”فتاة الزي الفرعوني” كما عُرفت مؤخرًا؛ ودفع البعض إلى التساؤل: بأي ذنب تمثل الشيمي أمام النيابة؟

الحرز فوتوسيشن

هذا الغموض حول الاتهام الموجه لسلمى الشيمي بدا واضحًا في تصريحات صبري فرج، مدير عام منطقة آثار سقارة.

قال مدير عام منطقة آثار سقارة -في تصريح تلفزيوني أمس- إن الشيمي دخلت المنطقة الأثرية الأربعاء الماضي، وخضعت لفوتوسيشن نشرت تفاصيلها لاحقًا بمواقع التواصل، موضحًا أنها لم تحصل على تصريح مسبق بالتصوير الإعلاني، لكنه أيضًا أشار إلى أن الصور التي ظهرت فيها كانت “غير لائقة بالأثر الذي التقطت الصور أمامه”.

“الإساءة إلى الآثار”، لم توضح أيضًا التهمة التي قد تواجهها الشيمي، وهو الأمر الذي دفع الإعلامية إيمان الحصري، مقدمة برنامج مساء “DMC” إلى سؤال مدير عام منطقة آثار سقارة، حول التهمة التي قد تواجهها الفتاة؛ أهي عدم الحصول على تصريح مسبق بالتصوير أم ارتداء ملابس غير لائقة؟

وتنص ضوابط لائحة التصوير، التي أقرها المجلس الأعلى للآثار، بأن “يلتزم كل من يلتقط صورًا في المناطق الأثرية بالحفاظ على الآثار والمظهر الحضاري للموقع وبيئة المنطقة، وقواعد النظام والآداب العامة.

وألقت الأجهزة الأمنية القبض على سلمى الشيمي ومصور فوتوسيشن الذي كان رفقتها، مساء أمس الإثنين، وتم تحرير محضر بالواقعة، أحيل لنيابة البدرشين، التي أحالته للنيابة الكلية بجنوب الجيزة للتحقيق.

وتسلمت النيابة أحراز القضية، التي تضمنت “ملابس كليوباترا” التي ارتدتها أثناء التصوير، وهاتفها المحمول، وهاتف مصور الـ”فوتوسيشن”، والكاميرا المستخدمة في التصوير، في وقت أشار قانونيون إلى أن الشيمي لن تواجه سوى تهمة “التصوير بدون تصريح في منطقة أثرية”.

اقرأ أيضًا: “تيك توك”.. التطبيق المثير للجدل معروض للبيع

قضايا فتيات التيك توك

خلال الفترة الماضية شهدت ساحات المحاكم العديد من القضايا، التي حُكم فيها بناءً على عدد من الفيديوهات لفتيات على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما عُرف بقضايا “فتيات التيك توك“، اللاتي انقسمت الآراء  حول طبيعة الاتهامات الموجهة إليهم، وهل هناك قيم بعينها يتم فرضها على المجتمع لا تتناسب مع حرية الفكر والتعبير والملبس.

ومع انتشار تطبيق “تيك توك” في المجتمع المصري، بدأت فتيات وشبان في استخدامه ضمن وسائل التواصل الاجتماعي بنشر فيديوهات لهم، رآها البعض تمثل خطرًا على ما يوصف بـ”قيم ومبادئ المجتمع المصري”، فانهالت البلاغات، وتم تسليط الضوء على القضية، ما دفع النائب العام إلى التحرك.

وجهت النيابة العامة للفتاتين حنين حسام ومودة الأدهم عدة اتهامات؛ أبرزها “خدش الحياء والاعتداء على قيم ومبادئ المجتمع المصري واستدراج الفتيات واستغلالهن عبر البث المباشر وارتكاب جريمة الاتجار بالبشر”.

وفيما اعتبر البعض تلك الاتهامات “مطاطة وغير قانونية”، تساءل آخرون حول من يضع القيم والقواعد، وكيف يضمن أي فرد بالمجتمع أن أي فعل يرتكبه قد يكون ضد قيم ومبادئ المجتمع، فيزج به خلف الأسوار.

من هي سلمى الشيمي؟

بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعية تداولوا معلومات عن هوية سلمى الشيمي، ومنها أنها درست التمريض لعدة سنوات، ثم انتقلت للعمل موديل للملابس النسائية.

قبل عدة سنوات، ظهرت سلمى للمرة الأولى كموديل بطاقم نسائي بلغ ثمن القطعة منه حوالي 15 ألف جنيه، ومنذ تلك الفترة تمت الاستعانة بها لتقديم عدد من الأزياء لماركات نسائية مختلفة.

وبعد شهرتها، تحولت للعمل في الملابس النسائية الشرقية، وأصبحت أشهر موديل “عباءة” في مصر، بعد أن انتشرت بقوة في المجتمعات العربية.

سلمى سبق لها تأسيس مجموعة على موقع “فيسبوك” تحت اسم “احكي يا شهرزاد”، تعرض خلاله مختلف الملابس النسائية التي تُقدمها كموديل.

اقرأ أيضًا: قاسم أمين.. في ذكرى ميلاد رائد حركة تحرير المرأة في مصر

ووصل عدد متابعي سلمى الشيمي إلى أكثر من 21 ألف متابع على “إنستجرام”، وقرابة 85 ألف على “فيسبوك”.

الإساءة للأثار المصرية

عام 2015 كان له النصيب الأكبر من الوقائع التي طالت المناطق الأثرية المصرية، التي تحظى بملايين الزائرين من حول العالم كل عام، ففي مارس 2015 نشرت الصحيفة البريطانية الشهيرة “ديلي ميل” مجموعة من الصور لإحدى ممثلات الأفلام الإباحية، روسية الجنسية، أثناء تصويرها مقاطع لفيلم إباحي في منطقة الأهرامات بالجيزة.

في الشهر التالي وبعد انتهاء تلك الأحداث، ظهر فيلم إباحي، ادعت ممثلة أنها صورته في منطقة الأهرامات، قبل أن تنفي ذلك بتغريدة عبر “توتير”، قالت فيها: “الصور كانت من باب المرح واللهو مع الأصدقاء أثناء زيارتي القاهرة”، ثم حذفت تغريدتها ليُسدل الستار عن هذه الحادثة.

في ربيع 2017، اتفقت سائحة بلجيكية تُدعى “ماريسا بابين” كانت في زيارتها الأولى لمصر، مع صديق أسترالي، على الانتقال إلى الأهرامات والتقاط الصور التذكارية، التي بدت فيها شبه، الأمر الذي قوبل برفض مجتمعي كبير وقتها.

سادت حالة من الغضب الشديد تحت قبة البرلمان المصري في العاشر من ديسمبر عام 2019، بعد أن قام مصور دنماركي يسمى “أندرياس هيفيد” بتصوير فيلم إباحي داخل منطقة الأهرامات بمحافظة الجيزة في الساعات المتأخرة من الليل.

حرية الملبس في القانون والدستور

كفل الدستور المصري الحرية الشخصية لجميع المواطنين ووضع قيودًا صارمة لعدم المساس بها، حيث تنص المادة (54) من الدستور على ” الحرية الشخصية حقٌ طبيعي، وهي مصونة لا تُمس.

كذلك نصَّت المادة (99) على أن “كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور جريمة لا تسقُط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر وتكفل الدولة تعويضًا عادلًا لمن وقع عليه الاعتداء وللمجلس القومي لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة العامة عن أي انتهاك لهذه الحقوق وله أن يتدخل في الدعوى المدنية منصفًا للمضرور بناء على طلبه وذلك كله على الوجه المبين بالقانون”.

القيم الذكورية والتوجه السلفي

يرى سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن ما يحدث من وقت لآخر بداية من قضية فتيات “التيك توك” وصولاً إلى أزمة سلمى الشيمي يعبر عن “ذكورية” المجتمع المصري وعدوانيته تجاه المرأة، وحب السيطرة عليها في كافة شؤونها.

وأضاف صادق، لـ”مصر 360″، أن الأمر لا يتعلق بما فعلته سلمى الشيمي، وإنما برؤية المجتمع بتكوينه العام للمرأة، وأننا أمام “نهج ذكوري في حب السيطرة وإحكام القبضة على المرأة، رغم الدستور والقوانين التي تنص على حرية الملبس باعتباره حرية شخصية.

ويؤكد أن الواقع مخالف تمامًا لما تدعو إليه القوانين وحقوق الإنسان، لافتًا إلى أن مصطلح “سي السيد” يأبى الاختفاء، ولا يزال يمثل ركيزة أساسية عند مجتمع يرى الرجل صاحب الكلمة العليا، والسانن للقواعد، بينما ليس على المرأة إلا الانصياع له دون تفكير أو رغبة في التغيير.

وأشار صادق أيضًا إلى أن التوجه السلفي غير المعلن في المجتمع، خاصة في الطبقات البسيطة، هو الحاكم الأول لكل أفعال فئات من الشعب، خاصة فيما يخص المرأة، وهو مجتمع متناقض في داخله، يرى التوجه السلفي فقط على النساء ولا يراه في تعاملاته اليومية.

ومؤخرًا، كشف تقرير جديد صادر عن موقع Similar Web الأمريكي للإحصائيات عن اتجاهات الإنترنت لعام 2020، عن أكتوبر الماضي، أن المواقع الإباحية تأتي في المرتبة الرابعة بين أكثر المواقع التي يتصفحها المصريون.