قاسم أمين الرجل الذي دعا لتحرير المرأة ليس فقط بأن تخلع الحجاب عن رأسها معتبرا إياه ليس من الدين الإسلامي، وهو الأمر الذي أصّل له في كتابه “تحرير المرأة”، لكن أيضا دعا لأن يرفع عنها المجتمع حجاب الفكر لتنزل إلى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والتعليمية، لتنال ما يحظى به الرجل من حقوق وتقف بجواره كتف إلى كتف في المجتمع، فمن هو؟
قاسم أمين
في يوم 1 ديسمبر 1863 كانت تفيدة هانم السيدة المصرية الصعيدية تعاني آلام الولادة تنتظر طفلها الذي سينير عليها الحياة، فيما ينتظر الباشا التركي محمد أمين، البشارة بمولوده الجديدة “مبروك جالك ولد” ليقرر أن يسميه قاسم، ليصبح فيما بعد قاسم أمين، رائد حركة تحرير المرأة في مصر.
اختلف الكثيرون حول مكان ولادته، إذ كانت والدته تقيم في مدينة الإسكندرية بينما يعمل والده في منطقة “طرة”، فاختلفوا ما بين أن يكون ولد في طرة أو الإسكندرية، على كل عاش أمين حياة مرفهة فهو ابن العائلة الاستقراطية، الذي تلقى تعليمه الابتدائية في مدرسة مخصصة لأبناء الطبقة الارستقراطية (رأس التين)، كما أن أسرته انتقلت من طرة إلى حي الحلمية والذي كان أحد أحياء الطبقة الارستقراطية آنذاك وهناك حصل على تعليمه الثانوي من مدرسة الخديوية.
معلومات عن قاسم أمين
بعد أن حصل قاسم أمين على شهادته الثانوية، قرر دراسة الحقوق ليحصل على الليسانس من مدرسة الحقوق والإدارة في العام 1881 أي حين كان يبلغ من العمر 18 عاما فقط، وكان أول خريجي هذه المدرسة، وكعادة أبناء الطبقة الغنية في هذه الفترة، انتقل إلى فرنسا ليستكمل دراسته بعد أن عمل في مهنة المحاماة لبضعة أشهر في مصر.
وفي دولة الفن والثقافة، باريس، التحق قاسم بجامعة مونبلييه وطيلة 4 سنوات درس خلالها القانون وتخرج بتفوق لم يكن فقط يفني حياته في دراسة الحقوق، بل وطد علاقته مع الإمام محمد عبده حتى أصبح مترجمه الخاص، وكان قاسم أحد مؤيدي آراء عبده الإصلاحية.
التربية والمرأة عند قاسم أمين
4 سنوات في فرنسا كانت كفيلة بأن تزيد الكثير من معارفه وتثقل معارفه، وعاد من هناك منبهرا بمبادئ الثورة الفرنسية (الحرية والإخاء والمساواة)، وكان تركيزه الأكبر على حقوق المرأة.
كانت التربية والمرأة عند قاسم أمين أمرا هاما، فهو يرى أن تربية المرأة هي حجر الأساس الذي ترتكز عليه المجتمعات، وبالتالي فإن تربية المرأة وإعطائها الحرية وتعليمها تعليما جيدا سيصلح الكثير من العوار في المجتمع المصري، لأنها ستكون قادرة على تربية جيل صالح ونافع لمجتمعه من البنات والأولاد، وهو الأمر الذي دفع الكثيرون للهجوم عليه واصفين دعوة بأنها “دعوة للانحلال”.
كتب قاسم أمين
تم جمع الأعمال الكاملة لقاسم أمين في كتاب صدر في السبعينات، من تحرير الدكتور محمد عمارة، وتتمثل كتب قاسم أمين في:
كتاب كلمات
هي خواطر سطرها قاسم في مفكرته الخاصة، فكانت أشبه ما تكون بمذكرات وجدانية، وتم تجمعها في كتاب الأعمال الكاملة.
كتاب أسباب ونتائج
“أسباب ونتائج” هي سلسلة مقالات كتبها في جريدة المؤيد، وعددها 15 مقالا، وصدرت في كتاب عام 1989.
كتاب أخلاق ومواعظ
“أخلاق ومواعظ” هي 5 مقالات كان قد كتبها أيضا في جريدة المؤيد التي عمل بها 4 سنوات، وصدرت في كتاب عام 1989.
كتاب المصريون (رد على دوق داركور)
ألف قاسم كتاب “المصريون” باللغة الفرنسية بعنوان Les Egyptiens عام 1894، وتم ترجمته فيما بعد إلى اللغة العربية، وكان يرد من خلال الكتاب على الكونت داركور الذي كتب بشكل مسئ عن المصريين مشككا في وطنيتهم كما طعن في الدين الإسلامي.
كتاب تحرير المرأة
كان كتاب “تحرير المرأة” المنشور عام 1899 بمباركة الشيخ محمد عبده وسعد باشا زغلول وأحمد لطفي السيد، هو الباب الذي فتح النار على أمين، ففيه رأى أن الشكل المعروف للحجاب وعدم اختلاط الرجال بالنساء ليسا من الدين الإسلامي في شيء، وناقش قضايا تعدد الزوجات والطلاق.
كتاب المرأة الجديدة
صدر كتاب “المرأة الجديدة” بعد “تحرير المرأة” بعامين، وناقش فيه نفس الأفكار إلا أنه قدم أدلة عليها لمفكرين غربيين، كما طالب بأن يكون هناك تشريع يحفظ للنساء حقوقهن الاجتماعية والسياسية.
وفاة قاسم أمين
توفي قاسم أمين في ليلة 23 أبريل عام 1908 أي أنه كان يبلغ من العمر عاما، وذلك في الوقت الذي كانت تستعد فيه مصر للاحتفال بافتتاح الجامعة الأهلية المصرية.
وكان قاسم قد تولى سكرتارية الاجتماع الذي عقد بمنزل سعد باشا زغلول يوم 12 أكتوبر عام 1906، والذي صدر عنه بيان يدعو المصريين للمساهمة في إنشاء الجامعة، وبعد أن تنازل زغلول عن رئاسة لجنة الدعوة لإنشاء الجامعة – إذ تم تعيينه وزيرا للمعارف – تولى قاسم رئاسة اللجنة.
وفي 15 أبريل 1908 ألقى قاسم أمين آخر خطاب له، وكان في منزل حسن زايد بالمنوفية، عن الجامعة والتعليم الجامعي المرجو لمصر والمصريين، وبعدها بأسبوع فارق الحياة في منزله.