“متخافيش”.. عبارة نطلقها دوما لبث الطمأنة، لكنها تحولت من عبارة لـ”أبليكيشن”، لمواجهة التحرش في شوارع مصر، وتدشين ما يمكن أن يطلق عليه خريطة التحرش في مصر، لحماية الفتيات من هذه الظاهرة.

وشهدت الآونة الأخيرة الحديث كثيرا عن حالات التحرش والعنف ضد النساء، وحوادث الاغتصاب أيضا، التي بدأت تنتشر على شكل شهادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بداية من شهادات لفتيات تعرضن لمحاولات تحرش واغتصاب من طالب الجامعة الأمريكية، وتلاها قضية الاغتصاب الجماعي بفندق الفيرمونت، وبينهما جاءت العديد مت الشهادات لأسماء عدة متهمة بالتحرش، وتزامن معها حملات لحماية السيدات من تلك الوقائع.

متخافيش.. خريطة التحرش

سلمى مدحت واحدة من القائمين على تطبيق متخافيش، قالت إن فكرته هي تحديد الأماكن التي تتعرض خلالها الفتيات للتحرش في مصر، وتقديم الدعم النفسي والقانوني لضحايا التحرش، ومحاولة إنقاذهن عند شعورهن بالخطر.

خريطة التحرش في البرنامج عبارة عن نقط ملونة تحددها الفتيات وفقا للمناطق التي تعرضت خلالها للتحرش “هي خريطة عليها نقط ألوانها مختلفة. كل نقطة بتمثل واقعة تحرش في المكان ده على الخريطة, واللي بيحدد لون النقطة هو نوع التحرش إذا كان لفطي ولا جسدي ولا أي نوع تاني، فبكده إحصائيات التحرش تحولت من مجرد أرقام لتصور بحجم كل نوع تحرش في كل منطقة في مصر”.

ترى سلمى أن تلك الخريطة هامة، لأنها تعمل على مساعدة الجمعيات والمراكز الحقوقية التي تتابع قضية التحرش، وأيضا لتوفير برامج التوعية في المناطق التي تحددها الفتيات والتي تتحول لأماكن معروفة بمضايقة الفتيات، وتعرضهن للتحرش، وأيضا توفير الدعم والحماية للفتيات.

مشاركة الفتيات في تحديد الأماكن التي يتعرضن خلالها للتحرش، والمساهمة في الخريطة هامة كما توضح سلمى، لأنها تساعد قطاع كبير من الفتيات والسيدات، وأيضا سيعمل الأمر على زيادة الوعي “ده هيتيح للبنت إنها تعرف قبل ما تنزل أي مكان ممكن تتعرض فيه لإيه، وهل ممكن تحتاج دعم وحماية ولا لأ”.

حماية هوية الشاكيات

البرنامج يتيح أيضا تسجيل الأماكن التي تتعرض فيها الفتيات للتحرش دون الكشف عن هويتهن، وهو الأمر الذي تخشاه السيدات والفتيات اللاتي يتعرضن لتلك الواقعة، ما يدفعهن للتهرب من الإبلاع أو التحدث خوفا من الإفصاح عن هويتهن.

وتصنف القاهرة كأخطر مدينة على النساء، تلتها كراتشي الباكستانية، وكينشاسا في جمهورية الكونغو الديمقراطية ثم العاصمة الهندية نيودلهي، في حين صنفت لندن كأفضل المدن الكبرى بالنسبة للنساء.

وأثار تصنيف القاهرة كأخطر مدينة كبرى في أنحاء العالم على ظروف معيشة النساء، انتقادات من قبل جهات حكومية وبعض العاملين في المجتمع المدني في مصر على حد سواء، ورأى بعضهم أنه ركز على التحرش دون معايير أخرى شملها التقرير.

وجاءت دراسة للأمم المتحدة في عام 2013 أكدت أن 99.3% من النساء المصريات يتعرضن لصورة من صور التحرش المختلفة، من تحرش لفظي وجسدى وجنسي، وهي نسبة تضع مصر في صدارة دول العالم في معدل تعرض النساء للتحرش بوجه عام.

كما أن 63% من البلاغات المقدمة لـ”خريطة التحرش” تشير إلى أن التحرش يحدث في المدارس وأماكن العمل والأماكن الخاصة مثل المنازل.

اقرأ أيضا:

من هي نادين أشرف التي دخلت قائمة أكثر 100 امرأة مؤثرة في 2020؟

“لازم نتكلم”.. سلسلة حوارات بالجامعة الأمريكية لرفع الوعي بقضية التحرش

دعم قانوني ونفسي

البرنامج بجانب عمله على تدشين خريطة التحرش، يقدم أيضا الدعم القانوني والمساندة للفتيات والسيدات، وفقا لحديث سلمى، والتي أوضحت أن الفتاة ستتمكن من خلال البرنامج من عمل دائرة ثقة مكونة من أشخاص مقربون محل ثقة منها لتستنجد بهم وقت الخطر، عليها فقط أن تضغط زر الصوت مع زر تشغيل الهاتف ليتم إرسال استنجاد لدائرة ثقتها مرفق بمكانها الحالي.

وبجانب الاستنجاد والمساعدة، يوفر البرنامج الدعم القانوني أيضا، فيمكن للفتيات والسيدات أن تتواصل من خلاله مع عشرات المحاميين المتميزين ذوي الخبرة في قضايا التحرش والابتزاز لاستشارتهم أو توكيلهم في سرية تامة، وأيضا يتيتح تقديم الدعم النفسي، والتواصل مع مصادر مخصصة لعلاج ضحايا التحرش.

البرنامج لم يكن وليد اللحظة “البرنامج مخرجش بالصدفة، لكن أنا ومجموعة من زمايلي رصدنا انتشار حالات عنف وتحرش بتزيد بشكل كبير جدا من شهر 7، وفتيات بتعلن عن تعرضها لمحاولات تحرش، وقصص كتير كشفت واقع مرير بتمر بيه الفتيات والسيدات، وده كان الدافع للتفكير في حاجة تحميهم”.

محطات متخافيش

مقابلات مع مئات من الفتيات والسيدات اللاتي تعرضن للتحرش أجراها القائمون على البرنامح، لتحديد نوع الدعم المطلوب، والتفكير في وسيلة مناسبة لحمايتهن: “سمعنا لقصص كتير من ستات وبنات، فقررنا في فكرة الأبليكشن اللي ممكن يحدد مناطق الخطر للسيدات، وكمان يقدم لهم الدعم، وكمان قررنا نروي القصص اللي بتتعرض خلالها السيدات للتحرش عبر صفحة رسمية للتطبيق، علشان الموضوع ينتشر ويبقى في حل فعلا للأزمة اللي بتعيشها الستات والبنات يوميا في كل حتى في مصر”.

وتابعت سملى مدحت: “استخدام المنصة سهل ومتاح لجميع أنواع التليفونات، ولما أعلنا عن تدشين الأبليكشن لقينا تفاعل من بنات وستات كتير، وناس بتبعت قصص وتجارب تعرضت لها، وناس بتسأل عن استخدام الأبليكشن وطريقة التعامل معاه، وده اللي خلانا نحس إننا بجد على أول طريق لحماية السيدات من أزمة بنعيشها بشكل يومي”.