لم تمنعهم الإعاقة من تحقيق أحلامهم، وبصبر ودأب كبير تحول ما اعتبره الناس مستحيلًا إلى حقيقة. بفضل دأبهم وإصرارهم على مواجهة المجتمع والتغلب على الصعاب والمعوقات، بل وفرض الكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة أسمائهم على الساحة محليًا وعالميًا.
اليوم، ونحن نحتفل باليوم العالمي لذوي الإعاقة والذي يوافق 3 ديسمبر ، نسلط الضوء على عدد من النماذج التي حققت نجاحًا كبيرًا وتحولوا لنماذج ملهمة وداعمة للكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة.
سفير الطفولة العالمي.. محمد صالح
محمد صالح الشاذلي، بطل السباحة، والذي لقب بـ”سفير الطفولة العالمي” وحصل على 12 ميدالية رياضية متنوعة بين الذهب والفضة والبرونز، في بطولة الجمهورية للسباحة الحركية.
ولد محمد بمرض “الصلب المشقوق”، وهو مرض يتطلب إجراء عمليتين في المخ والأعصاب في أول 15 يوما من ولادة الطفل. ومن سوء حظه أن العمليات تتسبب في شلل نصفي واستسقاء يتطلب تركيب صمام على المخ لتصريف المياه الزائدة.
ويقول صالح الشاذلي والد الطفل محمد الطالب بالصف الثاني الابتدائي، عن بداية مشواره: “بدأنا النشاط الرياضي من عمر 3 سنوات تقريبا، بتنس الطاولة ثم بالسباحة، وحصل على الميدالية البرونزية في أول بطولة للجمهورية للسباحة الحركية، ثم حصل على الفضية في العام التالي، حتى وصل إلى الميدالية الذهبية في العام الثالث، كما شارك في بطولات كأس مصر و6 أكتوبر المفتوحة وبطولة الجمهورية للمكفوفين
ويضيف والد محمد: “بعد تخطي مرحلة العمليات بدأنا البحث عن حياة محمد بمشاركة والدته والتي أصبحت مسؤولة عن الجانب التربوي والتعليمي في المنزل وأنا مسؤول عن الجانب الرياضي”.
ينتقل محمد من مركز كفر الدوار إلى الإسكندرية لمتابعة تدريباته والمشاركة في البطولات.
“كنت في البداية أقوم بحمل محمد على الكتف للوصول إلى المواصلات العامة، وأصابني ذلك بالغضروف، ولكن في آخر عامين قررت شراء دراجة بخارية لمساعدة محمد في الوصول إلى الإسكندرية بشكل ميسر، ونحاول أن نذلل جميع العواقب التي قد تعيق نجاح طفلنا”.
كرم وزير الشباب والرياضة محمد صالح الشاذلي ومنحه درع الشيخ زايد بالإسماعيلية، وكذلك من المستشار مرتضى منصور رئيس نادى الزمالك الذي منحه العضوية الشرفية.
تلقب الأسرة صغيرها محمد، بوزير السعادة في المنزل كما يلقبه متابعيه بالمقاتل الصغير، والذي يطمح بأن يصل للعالمية ويصبح بطل العالم في السباحة.
اقرأ أيضا:
“ذوي الاحتياجات”..اختلاف التعريف واتفاق على التهميش
زينب.. مصدر قوة لذوي الاحتياجات الخاصة
لا تنتهي قصص النجاح لذوي الهمم، حيث بلغت نسبتهم 10.6% من تعداد السكان، وذلك طبقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2018.
وتضمن قانون الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 10 لسنة 2018 حقوقا متنوعة ومتكاملة لتأهيل وتمكين ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن هذه الحقوق وجوب تعيين نسبة 5% من القوة العاملة.
“الكرسي ليس رمز إعاقة ولكنه وسيلة استقلال وحركة”، تقول الفتاة السكندرية زينب الشاعر والتي تبدلت حياتها بعد سقوطها من شرفة منزلها، وأصيبت بكسر في العمود الفقري وقطع بالنخاع الشوكى أدى إلى حدوث شلل نصفي ألزمها الجلوس على كرسي متحرك.
بابتسامة أمل تتحدث زينب الفتاة العشرينية عن حياتها بعد الإصابة ومحاولات العلاج للسير مرة أخرى من خلال العلاج الطبيعي والذي لم يفلح.
ترى الفتاة العشرينية التي تحاضر أمام جمهور على منصة TDEX للرواد الشباب للتوعية بكيفية التعايش مع المصاعب، إنه من الضروري عدم التوقف عن متابعة الحياة، فقد حصلت على ليسانس الحقوق واختارت أن تدعم ذوى القدرات الخاصة.
عملت زينب مديرة لإحدى الشركات المتخصصة في الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية، وتقول:” بدأت بالتعامل بشكل طبيعي بالكرسي وعملت بالشركة متدربة في أول الأمر وقررت أن أثبت لنفسي أنني قادرة على العمل حتى أصبحت مديرة لفرع الإسكندرية”.
تحاول زينب أن تكون مصدر دعم لمن يحتاجون إلى أطراف تعويضية:” أطفال ومحتاجين من مختلف الأعمار يأتون إلى الشركة ولا اقوم فقط بتيسير الجهاز ولكن بتقديم الدعم لهم وكيفية التعايش مع الأمر الجديد”.
تتعامل زينب بالكرسي في أماكن كثيرة ولكنه يواجهها مصاعب من خلال الطرق الغير ممهدة، فتقول:” بحلم الشوارع تكون متاحة لنا والمؤسسات والهيئات والأماكن لأنه مثلما يخرج الشخص الطبيعي أنا أيضا أخرج وأريد أن أعمل “.
شريف شاهين.. فاقد الشيئ يعطيه
تعرضه لبتر قدمه في حادث سيارة في عمر عامين، لم يمنعه من تكريس حياته لخدمة أصحاب الهمم، فقد دشن المهندس شريف شاهين حملة لتوعية الأطفال بالأطراف الصناعية لإزالة الاختلافات، من خلال مشروع “أنتيمي”، وهو خط إنتاج جديد لعرائس معدلة بأطراف صناعية أو مزودة بكرسي متحرك.
أسس شاهين، منذ 10 سنوات، شركة “الحياة لأصحاب الهمم”، بهدف تقديم الأجهزة التعويضية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، مضيفا:” لم أشعر يوما بالاختلاف بيني وبين الشخص الطبيعي لذلك فكرت في خط إنتاج العرائس لمهن مختلفة لتوعوية ودعم الأطفال بانك قادر على الوصول إلى أي منصب إن كان هناك مشكلة في الحركة”.
أنشا شريف فروعا لمشروع “الحياة” في القاهرة والمنصورة والإسكندرية، ولشعوره بمعاناة الأسر في توفير أطراف صناعية لذويهم قرر أيضا تقديم الدعم الطبي والمادي لغير القادرين عن طريق جمع التبرعات لهم.
جهود الدولة لدعم الاحتياجات الخاصة
رصد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء جهود الدولة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة ملخصا ذلك في 20 بندا.
وتضمن إصدار القانون رقم 10 لسنة 2018، والخاص بذوي الاحتياجات الخاصة، ودعم الأشخاص ذوي الاعاقة غير القادرين على العمل بمبلغ 5 مليار جنيه.
ودعم موارد صندوق “عطاء” لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة بمقدار 100 مليون جنيه. وتخصيص 500 مليون جنيه من صندوق “تحيا مصر” تحت تصرف وزير التربية والتعليم لرعاية ذوي الإعاقة.
كما سمحت الدولة بأحقية الأشخاص ذوي الإعاقة الجمع بين معاشين من المعاشات المستحقة لهم. سواء عن أنفسهم أو عن الأب أو الأم أو الزوج أو الزوجة وبدون حد اقصى. هذا بالإضافة إلى خفض ساعات العمل في كافة الجهات الحكومية بواقع ساعة يوميا مدفوعة الأجر.
وتخصص وزارة الإسكان نسبة 5% من الوحدات السكنية للأشخاص ذوي الإعاقة ضمن مشروعات الإسكان الاجتماعي.
كما أصدرت وزارة التضامن الاجتماعي نصف مليون بطاقة للخدمات المتكاملة عام 2019 لذوي الهمم. وذلك لتقديم امتيازات لهم بعد توقيع الكشف الطبي عليهم.
وذكر الجهاز المركزي إنه تم دمج وتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة باستخدام الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. بما يتوافق مع رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030 واتفاقية الأمم المتحدة ذات الصلة.
ومشاركة متحدي الإعاقة بمنتديات شباب العالم الثلاث. وتنفيذ وزارة التضامن الاجتماعي مجموعة من الأنشطة والخدمات والبرامج الاجتماعية والتعليمية والطبية والرياضية والبرامج الإرشادية والتدريبية لمتحدي الإعاقة.
تطبيق معايير “كود الإتاحة”، الذي يعمل على إتاحة وتسهيل الطرق وحركة السير لذوي الهمم لسهولة حركتهم ودمجهم في المجتمع، وقيام وزارة التضامن الاجتماعي بإطلاق القاموس الإشاري الموحد للصم وضعاف السمع.
وفيما يتعلق بالتعليم، قبل المجلس الأعلى للجامعات الطلاب ذوي الإعاقة السمعية في الجامعات المصرية الذي جاء متسقًا مع ما نادى به الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، ودعم وزارة النقل لإضافة كراسي متحركة وتجهيز مسارات في 147 محطة قطار.
تمكين النساء والفتيات من متحديات الإعاقة، ورفع الوعي المجتمعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوفير الأمن والحماية اللازمة التي تتناسب مع قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك ظروف الأوبئة والكوارث وغيرها من الظروف الطارئة.