94 رسالة معلقة داخل تطبيق واتساب على هاتف السيدة منى، كان كفيلًا أن يقف حائلًا بينها وبين نومها. في تمام الساعة الثانية صباحًا، لم تتمالك منى نفسها. قررت تصفح هاتفها المحمول وهي تتوقع كارثة. لكن وجدت أن الرسائل الـ94 جميعها من “جروب الماميز” الخاص بفصل ابنها آدم في الصف الأول الابتدائي.
جروبات الماميز مجموعات على واتساب، تجتمع عليها أمهات التلاميذ في فصل آدم، ومعهن إحدى المعلمات المسؤولات عن هذا الفصل خصيصًا. هذه المجموعة ليس الأولى ولا الأخيرة. تقريبًا كل فصل لكل صف دراسي، خاصة في المرحلة الابتدائية، في المدارس الخاصة، تجتمع أمهات تلاميذه على مجموعة بواتساب يتشاركون فيها كلامًا حول أوضاع أبنائهن في المدرسة، ويتلقون منه قرارات الإدارة المدرسية، وجديد الأنشطة والفعاليات.
لكن هذه المجموعات تمثل أكثر من ذلك.
أخبار كاذبة في جروبات الماميز
خلال الموجة الأولى من وباء كورونا، تسربت شائعات عبر بعض جروبات الماميز. كان من بينها شائعة انتشرت على نطاق واسع في محافظة الإسكندرية، عن انتشار حالات كورونا بأعداد كبيرة داخل إحدى المدارس بالمحافظة، الأمر الذي تسبب في حالة من الذعر بين أولياء الأمور.
حينها خرج وزير التربية والتعليم، دكتور طارق شوقي، عبر إحدى البرامج التلفزيونية، لينفي الشائعة، مؤكدًا أنّ لجنة شُكّلت لبحث ما تداولته الشائعة، تبين لها ألا صحة لها على الإطلاق.
تمثل “جروبات الماميز” على واتساب بؤرًا نشطة للشائعات والأخبار الكاذبة
وعليه، وجه شوقي دعوة للأمهات وأولياء الأمور عامة، بضرورة تحري الدقة وعدم تناقل أخبار دون التأكد منها. وشدد الوزير على أن هذه “الجروبات” ليست مصدر رسمي للمعلومات على الإطلاق.
وبالرغم من ذلك، لاتزال الشائعات التي تتعلق باكتشاف حالات كورونا في المدارس مستمرة. ووصل الأمر لاستخدام صور ومقاطع فيديو قديمة لإيهام السيدات بأن الأمر صحيح، حتى سجلت كثير من الأمهات شكاوى لدى إدارات المدارس التي كانت بدورها تؤكد لهن في كل مرة أنه ليس كل ما ينشر عبر “جروبات الماميز” صحيح.
اقرأ أيضًا: فجوة بين الدراسة واحتياجات السوق .. التعليم الفني في مصر كنز مهدر
نموذج للشائعات المتداولة على هذه المجموعات رصدته يارا مصطفى، والدة تلميذ بالصف الثاني الابتدائي. وقالت يارا إنها تلقت قبل أسبوع تقريبًا رسالة على المجموعة الخاصة بوليات أمور تلاميذ صف ابنها، تفيد اتخاذ وزير التربية والتعليم قرارًا بتعليق الدراسة بسبب كورونا، رغم عدم صدور أي قرار بهذا الشأن، ما تأكدت منه يارا بالاتصال مباشرة بإدارة المدرسة، لتنفي لها صحة الإشاعة.
لكن رغم انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة عبر هذه المجمواعت الافتراضية، إلا أنها في كثير من الأحيان لعبت دورًا مهمًا في الكشف عن حالات إصابة بفيروس كورونا.
وهو ما أشارت إليه منى علي، والدة طالب بالصف الخامس الابتدائي. وقالت علي إنه مع بداية جائحة كورونا، كانت مدرسة ابنها تؤكد خلوها من أي إصابات بالفيروس، غير أن أمهات، عبر المجموعات الافتراضية، حذرن من إصابة أفراد في أسرهن لتتخذ الأمهات الأخريات إجراءات وقائية.
جروبات الماميز تصنع توترًا
عدد ليس بقليل من الأمهات يفكرن في مغادرة جروبات الماميز هذه الأيام، هربًا من التوتر الذي تتسبب فيه هذه المجموعات. فضلًا عن كثرة شائعاتها حول كورونا.
تقول آية أحمد، وهي أم لثلاث أطفال، إنه مع بداية العام دخلت في ثلاث مجموعات مختلفة على واتساب. بمرور الوقت اكتشفت صعوبة التعامل مع كثافة إشعارات المجموعات الثلاثة. ويزيد من صعوبة الأمر انتشار الشائعات على هذه المجموعات بشكل قد يتسبب في قلق لا داعي له.
فكرت آية بشكل جاد مغادرة هذه المجموعات. لكنها لم تستطع لأنها، أي هذه المجموعات، هي أيضًا مصدر المعلومات حول مدارس أبنائها.
مجلس آباء إلكتروني
على جانب آخر، وبسبب كورونا أيضًا، استطاعت هذه المجموعات أن تعوض عدم إمكانية اجتماع أولياء الأمور على الأرض، باجتماعهم افتراضيًا.
وعلى نحو آخر، تمثل هذه المجموعات أيضًا بديلًا يواكب العصر بسرعته، عن اجتماعات مجالس الآباء أو مجالس أولياء الأمور، حيث كانت إدارات المدارس ترسل خطابات لأولياء الأمور للاجتماع في أوقات معينة لمناقشة تطورات أبنائهم في العملية التعليمية بالمدرسة.
اقرأ أيضًا: التعليم عن بٌعد.. اتجاهات عالمية وتحديات مصرية
ومن خلال هذه المجموعات أيضًا يتمكن أولياء الأمور من متابعة الحالة الدراسية لأبنائهن، خاصة في السنين الدراسية الأولى. إضافة إلى مراقبة السلوك الشخصي والنفسي.
وهناك فضفضة أيضًا
بالنسبة لياسمين عبدالهادي، فجروبات الماميز مساحة “كبيرة” للفضفضة، تعتبرها أيضًا آمنة. تطرح عبدالهادي مشكلاتها الشخصية أحيانًا على الأمهات الأخريات. تجد منهن دعمًا ومساعدة على تخطي الأزمة.
مشاركة منشورات لا علاقة لها بموضوع المجموعة، أو الخوض في أحاديث شخصية، وغير ذلك، تمتلئ به “جروبات الماميز” على واتساب، الظاهرة الحديثة في العملية التعليمية والتربوية.