انضمت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إلى المطالبات الحقوقية الواسعة بحفظ التحقيقات في القضية رقم 173 لسنة 2011 بالنسبة لباقي المنظمات والجمعيات الأهلية. وذلك بعدما أصدر قاضي التحقيق المنتدب، من محكمة استئناف القاهرة للتحقيق، أمس، قرارا بإسقاط التهم الموجهة لـ20 منظمة وجمعية أهلية من منظمات المجتمع المدني، بشأن تلقيها تمويلًا أجنبيًا مخالفًا للقانون المصري.
وطالبت المنظمة، الحكومة المصرية، بحفظ التحقيقات في القضية، وصدور قرار مماثل من قاضي التحقيق المنتدب بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة لباقي الجمعيات والمنظمات المدنية؛ استنادًا لأحكام البراءة الصادرة في القضية.
أنشئت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عام 1985، وأسسها الحقوقي الراحل حافظ أبو سعدة. وهي واحدة من أولى المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال تعزيز حقوق الإنسان في مصر، والتي تعمل وفقا لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتشريعات حقوق الإنسان الدولية الأخرى.
وقالت المنظمة إن الجمعيات الأهلية وكافة منظمات المجتمع المدني تقوم بدور هام وحيوي، لا يمكن إنكاره في مسيرة الإصلاح السياسي والديمقراطي، قد ظهر خلال مساهمتها في إقامة نظام عادل يكفل حرية التعبير والرأي، ويحترم المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.
إغلاق جزئي
أصدر قاضي التحقيق المنتدب قرارا جزئيا حيث تناول في بيانه أمرا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قِبَل ستة منهم؛ لعدم الجريمة.
كما أصدر أمرًا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قِبَل أربعة عشر منهم؛ لعدم كفاية الأدلة، وذلك لعدم وحدة السبب أو الموضوع أو الأشخاص محل الدعوى وفقًا لما تضمنته بعض الوقائع.
وبجانب الانتهاء من التحقيقات في بعض الوقائع الأخرى والتي أصبح لزاماً الفصل فيه، وقد ترتب على إصدار ذلك الأمر عدد من الآثار؛ أخصها رفع أسماء من تضمنهم الأمر من على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، وكذا قوائم المنع من التصرف في أموالهم سواء السائلة أو المنقولة.
اقرأ أيضا:
بعد حفظ التحقيق مع 20 منظمة أهلية في القضية 173 | نرصد مبادرات عودة الحياة إلى المجتمع المدني
ما هي القضية 173؟
لسنوات طويلة، ظلت القضية 173 بئرا كبيرا تٌسقط فيه الحكومة كل من يشتبه في حصوله على تمويل أجنبي لممارسة عمل سياسي، سواء كان تحت غطاء حقوقي أو تنموي. لذا كانت إثارة القضية من حين لآخر بقرار إحالة أو منع من السفر والتصرف في الأموال دلالة نقيس بها درجة تفهم الحكومة ومدى توجسها من تحركات العاملين في المجتمع المدني.
بدأت وقائع هذه القضية منذ يوليو 2011، حين قررت الحكومة فتح ملف تمويل منظمات المجتمع المدني، من خلال تشكيل لجنة لتقصي الحقائق للنظر في التمويل الأجنبي.
وفي يونيو 2013، حكمت إحدى محاكم الجنايات بالقاهرة على 43 من العاملين المصريين والأجانب في بعض المنظمات الأجنبية بالسجن لمدد تتراوح بين سنة و5 سنوات. أما العاملين المصريين الذين ظلوا داخل البلاد فقد حصلوا على أحكام بالسجن لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ.
كما أمرت المحكمة بإغلاق المنظمات المعنية، وهي المعهد الجمهوري الدولي، والمعهد القومي الديمقراطي، وفريدم هاوس، والمركز الدولي للصحافة، ومؤسسة كونراد أديناور.
عودة فتح القضية من جديد
أعيد فتح هذه القضية مرة أخرى في 2016، حيث أدرج عدد من المحامين الحقوقيين ضمن قوائم الممنوعين من السفر ومنعهم من التصرف في أموالهم، استنادا إلى تحريات أمنية بأن نشاطهم يضر بالأمن الوطني.
شملت القائمة أسماء بارزة مثل جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وحسام بهجت، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومحمد زارع، مدير مؤسسة القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وهدى عبد الوهاب، المديرة التنفيذية للمركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة.
وتضمنت القائمة: ومزن حسن، المديرة التنفيذية لـنظرة للدراسات النسوية، وناصر أمين، مؤسس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، ورضا الدنبوقي المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، وإسراء عبد الفتاح، مديرة المعهد المصري الديمقراطي، وحسام الدين علي وأحمد غنيم وباسم سمير، من المعهد المصري الديمقراطي.
هذه القرارات استندت أيضا إلى إطلاع قضاة التحقيق على الحسابات البنكية الخاصة بعدد من المدافعين عن حقوق الإنسان، والحسابات الخاصة ببعض المنظمات، وسماع أقوال موظفي البنوك بشأن التحويلات الخاصة بالحسابات المعنية، واستدعاء بعض المسئولين الماليين ومديري البرامج بتلك المنظمات للتحقيق معهم بشأن نشاط وتمويل وإدارة منظماتهم.
ترى الحكومة المصرية أن هذه المنظمات تعمل بشكل غير قانوني ويصنف الإعلام المحلي المحسوب على السلطة العاملين في المجتمع المدني ضمن فئة عملاء الوطن وأصحاب الأجندات الخارجية، لامتلاكهم علاقات نافذة مع الحكومات الغربية التي تمنح تمويلات في مجال التغيير.
لكن المنظمات تؤكد أن لديها شكل قانوني كشركات محدودة المسئولية أو مكاتب محاماة أو عيادات متخصصة، وملتزمة بقوانين الضرائب والعمل، وتمارس دورها بشفافية فيما يتعلق بأي تمويل تحصل عليه، إذ توفي بالتزامها بتقديم تعاقداتها للبنوك مع الجهات الداعمة، لتتمكن من الحصول على التحويلات. فضلا عن أن كافة التحويلات الخاصة بتلك المنظمات تتم من خلال قطاع البنوك، تحت إشراف وسلطة البنك المركزي. ولا تحقق أيا منها أرباحا جراء أنشطتها الحقوقية.