في مقهى متوسط به روح المقاهي الشعبية، ويستمد في تنظيمه بعض سمات الكافيهات الحديثة؛ جلست مروة وصديقاتها يضحكن متندرات على ما يدور بالصفحات والمجموعات النسائية السرية وغير السرية. ومن بين الكوميديا والانبهار، تُطرح أسئلة، مثل: كيف تتحدث النساء بكل هذا الوضوح، وأحيانًا الفجاجة، وسط مجموعات تضم أخريات لا يعرفنها، في حين أنهن لا يجرؤن على الحديث بنصف هذا الوضوع، وربع هذه الجرأة مع أزواجهن؟
الفتيات والسيدات المشتركات في صفحات خاصة بالنساء، يعرفن كيف تدور الأحاديث، وإلى أي منطقة تكشف الفضفضات في المنشورات والتعليقات. الكثيرات يشكين من العلاقة الحميمة مع أزواجهن، وتجد الواحدة منهن تطلب نصائح من الأخريات، وتقوم كل امرأة بتقديم النصيحة، أيًا كانت خبرة هذه المرأة التي تقدم النصيحة، هل تقدمها اعتمادًا على خبرة سابقة، أم قراءة أم تعلم، أم هو مجرد فتي والسلام! لا يمكن معرفة ذلك فهو أمر يحتاج لدراسة كبيرة على درجة بالغة الصعوبة لإجرائها، لكن الكاشف من ذلك أن غالبية النساء في مجتمعاتنا الشرقية لا تتمكن من التصريح بحقيقة رغبتها أو متطلباتها للزوج.
فيلم النوم في العسل
عُرض فيلم النوم في العسل عام 1996، وتعامل معه الجمهور على أنه فيلم كوميدي، غير أنه طرح قضية شديدة الحساسية، وهي الجنس، وطرحها من خلال العلاقة الزوجية التي تشهد تطور بالغ نتيجة شيء ما أصاب الرجال بالعجز الجنسي، ويُصبح مشهد وجود عشرات الأزواج في قسم البوليس لإجراء بلاغات بالتعدي بين الزوجة والزوج، ومع ضجيج الشجارات الواضح يدخل ضابط المباحث ويقرر أنه لابد من معرفة الأسباب الحقيقة خلف كل العراك الذي حدث، فيصمت الجميع وينصرفون من القسم. هذا الصمت الممثل بدقة لحالة العلاقة الحميمة بين الزوجين في مجتمعنا.
رفع الفيلم من دور العرض، وظهر على القنوات الفضائية، ولم يتجاوز الموضوع أكثر من عرضه كفيلم كوميدي. وتظل المشكلة قائمة.
تبدأ المشكلة الحقيقية من تنشئة الفتيات في مجتمعنا، بدئًا من تحريم ومنع الكلام عن أي شيء يخص الجنس بين البنت وأمها، بل وصم الفتاة التي تتحدث أو تسأل عن الجنس أو تفاصيل غرفة النوم بأنها ليست على خلق، أو عديمة الحياء، وتبدأ العائلة في نبذها، على اعتبار أنها وشها مكشوف.
تُصبح الفتاة بلا خبرة، تجمع خبراتها من القراءة التي تعاني هي الأخرى مش أزمات المحتوى العربي الذي يوزع المعلومات عن الجنس، إما بورنو أو فتاوى، وربما موضوعات متخصصة تُصبح ثقيلة.
نترك الفتاة لعشوائية المعرفة، وتخرج إلى بيت زوجها، وهي تعرف أنها لا يجوز لها أن تتحدث في هذه الأمور. لا يجوز أن تسأل زوجها أو أن تُعبر عن احتياجاتها، فجميعها مؤشرات لكونها سيئة الخُلق. ويُصبح منفذها للحديث عن رغباتها مع الصديقات، وحتى مع من لا تعرف.
هذا الكبت الذي يُسبب ضغوطًا تظهر في مشاكل تافهة، وتخرج تأثيراته في تلاكيك، فيتحول البيت إلى حلبة صراع. رغم أن الأمر بسيط، يبدأ من المكاشفة والوضوح، النقاش فيما نحب وفيما نرغب، معرفة المرأة بتفاصيل أو مقترحات خاصة بالعلاقة، لا يعني كونها سيئة الخلق، كما تم غرس ذلك في عقولنا وتربيتنا، وإعلان المرأة عن رغبتها لا يعني انفلاتها.
تخفف بعض النساء من ضغوط احتياجهن وعدم قدرتهن على البوح مع أزواجهن في تلك المجموعات الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، تلك المجموعات التي قد تُخترق من رجال متخفين في حسابات وهمية.
ربما تُسهم هذه الفضفضة في تمديد فترة التحمل، لكنها ستظل لديها مشكلة، وسيظل الزوج أيضًا لديه مشكلة، لأن الزوجة التي تربت أنها لا يجوز أن تتحدث حول هذه الأمور، وأن رغبات الزوج هي خبرات منحرفة تعلمها من فتيات الليل. هذا النوع من النساء بما امتلأن به من أفكار مغلوطة مختصرين الحياة الزوجية في إعداد الطعام وأعمال المنزل ورعاية الأطفال، هؤلاء يواجهن ضغوطًا ويدفعن تكلفة التنشئة الخاطئة.
الزواج علاقة تشاركية، ورغم أهمية كل دعائمها، تأتي العلاقة الحميمة سرّ السعادة والرضا، فهل نقف لنراجع ما تم تربيتنا عليه؟