“أشعر بامتياز كبير كوني أول شخص يتم تطعيمه بلقاح كورونا، إنها أفضل هدية عيد ميلاد مبكرة يمكن أن أتمنى الحصول عليها؛ لأنها تعني أنه يمكنني أخيرًا أن أتطلع لقضاء الوقت مع عائلتي وأصدقائي في العام الجديد، بعد أن كنت بمفردي معظم العام”.

هكذا قالت مارجريت كينان، من كوفنتري بالمملكة المتحدة البريطانية، والتي تتم عامها الـ 91، الأسبوع المقبل، بعد أن تلقت أول لقاح في 8 ديسمبر  إيذانًا بأول تطعيم ضد فيروس أزعج البشرية بأكملها.

لم يستغرق الأمر سوى ثانية، فقط شمرت عن ساعدها، لتصبح أول شخص يحصل على لقاح فايزر-بيونتيك خارج التجارب السريرية، إيذانًا ببدء أول حملة تحصين جماعية ضد فيروس كورونا في الغرب.

كانت مارجريت تعمل مساعدا في متجر مجوهرات، ورغم إنها كانت خطوة صغيرة لها لكنها كانت قفزة هائلة للبشرية.

وتنصح ماجي -كما يدعوها أصدقاؤها- أن يأخذ الشخص اللقاح متى ما يعرض عليه، فإذا كان بإمكانها الحصول عليه في سن التسعين ستفعل ذلك.

بعدما تلقت ماجي التطعيم، وينما كانت تسير على عجلات في ردهة المستشفى، اصطف موظفون يرتدون أقنعة مصفقين لها، فقد اعتبر مسؤولو الصحة البريطانيون خطوة تلقي مارجريت للتطعيم نقطة تحول في المعركة ضد الفيروس، الذي أصاب 67 مليون شخص حول العالم، وقتل أكثر من 1.54 مليونًا آخرين.

ومن المتوقع إعطاء قرابة 800 ألف جرعة في 70 مستشفى في الأيام المقبلة. ومن المقرر تسلم ما بين 1.2 و1.6 مليون جرعة إضافية الأسبوع المقبل، وباقي الكمية المتبقية من الأربعة ملايين ستصل في شحنة الأسبوع التالي، وفقًا للقدرة التصنيعية للشركة في مصنعها ببلجيكا.

وإجمالًا، حصلت المملكة المتحدة على 40 مليون جرعة من لقاح شركة فايزر الألمانية. وتوضح الشركة أنه اجتاز اختبارات السلامة والفاعلية بنسبة 95%، وتكفي هذه الجرعات لعشرين مليون شخصًا أي نحو ثلث السكان، حيث يحتاج كل شخص إلى جرعتين من الدواء، بينهما ثلاثة أسابيع؛ لاكتساب المناعة.

تمتلك الحكومة أيضًا سبعة ملايين جرعة من لقاح موديرنا، بالإضافة إلى 100 مليون جرعة أخرى، تم طلبها من لقاح أوكسفورد، و200 مليون جرعة من أربعة لقاحات أخرى قيد التطوير.

ضوء في نهاية النفق

ويؤكد المصنعون أن الآثار الجانبية خفيفة، وتستمر عادة لمدة يوم أو نحو ذلك. وبمجرد أن يصبح اللقاح متاحًا على نطاق واسع، لن يكون إلزاميًا في بريطانيا، والهدف النهائي هو تلقيح عدد كافٍ من الناس للوصول لمناعة القطيع؛ ما يصعب من عملية انتشار الفيروس.

ولكن إلى أن يتم توفير جرعات أكبر من اللقاح والموافقة على لقاحات أخرى، فإن المسؤولين في بريطانيا وغيرها من الأماكن يوازنون بين الحاجة إلى حماية الفئات الأكثر ضعفًا من الحاجة إلى إبطاء انتقال العدوى.

ويأمل المسؤولون البريطانيون في تطعيم غالبية الأشخاص المعرضين للخطر بشكل خاص، بحلول نهاية فبراير المقبل، وستعطى الأولوية للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا، ولمقدمي الرعاية في دور المسنين، كما سيتم استبعاد جميع العاملين في الخطوط الأمامية بالمستشفيات من الجولة الأولى للتطعيم، رغم أن هذا عكس ما تخطط له الولايات المتحدة ومعظم الدول الأخرى.

يقول كريس هوبسون، الرئيس التنفيذي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS، إن طاقم المستشفى المعرض لخطورة عالية سوف يقدم له “ما يتبقى من أي جرعات احتياطية متبقية” في نهاية كل يوم.

لقاح كورونا في بريطانيا أولاً

سجلت بريطانيا أكثر 60 ألف حالة وفاة بكوفيد-19 منذ بداية الوباء، وهي الأعلى في أوروبا. لذا قال مات هانكوك، وزير الصحة البريطاني، إن تطبيق اللقاح يعني أن هناك “ضوء في نهاية النفق”، فها هو العالم يراقب كيف أن الدولة التي جرى اختراع اللقاحات فيها منذ ثلاثة قرون تنفذ أكبر وأسرع حملة صحية، وتنشر لقاحًا يتطلب رعاية خاصة للغاية للتعامل معه.

كما يأمل بوريس جونسون، رئيس الوزراء، أن يقلب التيار ضد المرض، من خلال طرح اللقاح قبل الولايات المتحدة، أو الاتحاد الأوروبي. ويؤكد على ضرورة اتباع القواعد، وتذكر قواعد السلامة الخاصة باليدين والوجه والمسافة.

اقرأ أيضًا: من مسكن متواضع بـ”ماينز”.. كيف بدأ الزوجان شاهين وتوريتشي حلم لقاح كورونا؟

جدير بالذكر أنه تم تطوير ما يقرب من 200 لقاح منذ يناير الماضي، منها 15 لقاحًا وصل للتجارب البشرية، واستثمرت المملكة المتحدة في ثلاثة لقاحات رئيسة، ومنها لقاح فايزر شركة الأدوية العملاقة، وبيونتيك التي يديرها فريق من زوج وزوجة.

واللقاح الجديد ليس مثل اللقاح التقليدي، الذي يحقن من خلاله نسخة ضعيفة من الفيروس، وإنما بدلًا من ذلك، يحتوي اللقاح على القليل من الحمض النووي الريبي، الذي يشجع الجسم على إنتاج أجسام مضادة؛ لصد بروتين على سطح فيروس كورونا.

وكانت المملكة المتحدة أول دولة تقوم بتطبيق لقاح كورونا مصرح به بالكامل، ومن جانبه قال فير جوبتا، طبيب بـNHS، إن أكبر التحديات التي واجهتها الحكومة هو ضمان ثقة الناس في اللقاح، فحتى إن كان قد تم تطوير اللقاح في أقل من عام، إلا أن العلم وراءه كان موجودًا منذ مدة طويلة.

لكن يحذر الأطباء من أنه يجب على الأشخاص الذين لديهم تاريخ من ردود الفعل التحسسية الشديدة للأدوية أو للطعام عدم تلقي اللقاح، بعد أن عانى شخصان من الحساسية إلا أنهما يتعافان بشكل جيد.

كيف يتم توزيع لقاح كورونا؟

تتحكم عدد من العوامل فيمن يحصل على لقاح كوفيد-19 من الدول أولًا، خاصة التعامل مع المسائل اللوجستية المتعلقة بكيفية تخزين وإدارة مثل هذه الكميات الهائلة من عقار واحد؛ لذا اتخذت كل حكومة نهجًا مختلفًا فيما يتعلق بتوزيع لقاح كوفيد-19.

على سبيل المثال، يجب شحن لقاح فايزر وتخزينه في -70 درجة مئوية أو أقل، وبمجرد إذابة القارورة يمكن الاحتفاظ بها لمدة تصل إلى 5 أيام في الثلاجة، ولا يمكن نقل اللقاح أكثر من أربع مرات.

ومن المقرر أن تتلقى كندا جرعاتها الأولى البالغ قدرها 249 ألف جرعة من لقاح شركة فايزر قبل نهاية الشهر، مع 3 ملايين أخرى في بداية عام 2021.

بينما تعتزم ألمانيا التطعيم ضد فيروس كورونا في الأيام الأولى من عام 2021، ومن المقرر أن يكون 29 ديسمبر هو اليوم الذي تتخذ فيه سلطات الاتحاد الأوروبي قرارًا بشأن الموافقة على أول لقاح للاستخدام.

البرازيل تنتظر الموافقة على اللقاح الصيني

وتخطط ولاية ساو باولو، أكبر ولاية في البرازيل، بدء التطعيم في 25 يناير المقبل بواسطة لقاح Sinovac الصيني الذي ينتظر الموافقة من هيئة الصحة البرازيلية.

يذكر أن البرازيل ثالث أعلى عدد من حالات الإصابة بفيروس كورونا في العالم، حيث تزيد عن 6.6 مليون حالة، وثاني أكبر عدد وفيات أكثر من 177 ألف.

وفي الولايات المتحدة، ستنظر هيئة الغذاء والدواء في ترخيص استخدام لقاح فايزر هذا الشهر. حيث من المتوقع بدء تطبيق اللقاح في غضون 24 إلى 36 ساعة من الموافقة، وليس من المتوقع أن تصبح اللقاحات متاحة بشكل واسع قبل حلول الربيع في أمريكا.

اقرأ أيضًا: بعد التعاقد مع جافي .. كيف ستوزع الحكومة المصرية لقاح كورونا؟

40 مليون جرعة متاحة للولايات المتحدة الأمريكية

وتشير التقديرات إلى أن إجمالي ما لا يزيد عن 40 مليون جرعة ستكون متاحة للأمريكيين بحلول نهاية العام.

أما في روسيا، فقد بدأت جهود التطعيم في موسكو في نهاية هذا الأسبوع قبل الانتهاء من تجارب السلامة والفاعلية النهائية؛ لذا سيتم نقل لقاح Sputnik V في جميع أنحاء البلاد، وهو يتطلب حفظه في درجة 18 درجة تحت الصفر، ويتم نقله في شاحنات صغيرة مبردة.

تلقت إندونيسيا 1.2 مليون جرعة من لقاح سينوفاك الصيني يوم الأحد، وتتوقع الحكومة 1.8 مليون جرعة ومواد خام أخرى، يمكن أن تنتج منها حوالي 45 مليون جرعة في العام المقبل، إلا أن اللقاح الجديد ينتظر موافقة الجهات التنظيمية.

وفي الصين، وبدون الموافقة النهائية، تلقى أكثر من مليون من العاملين في مجال الرعاية الصحية وغيرهم، ممن يعتبرون معرضين لخطر الإصابة بالعدوى للقاحات تجريبية من سينوفاك وسينوفارم، بموجب أذونات الاستخدام الطارئ، وحتى دون توضيح حيال الآثار الجانبية المحتملة. لكن تختبر الصين لقاحاتها التي لا تقل عن خمسة من أربعة منتجين يتم اختبارها في أكثر من اثني عشر دولة، بما في ذلك روسيا ومصر والمكسيك.

وفي أستراليا، ورغم إشادتها بخطوة بدء التطعيم في بريطانيا، لكن التطعيمات ضد الفيروس التاجي في أستراليا لن تبدأ حتى مارس 2021.