تستعد مصر لاعتماد استراتيجية وطنية جديدة لحقوق الإنسان، ستكون بها ضمن الدول القليلة التي تعتمد مثل تلك الاستراتيجيات، وفقًا لتصريحات وزير الخارجية السفير سامح شكري. الذي أضاف في التصريحات التلفزيونية، إن تلك الاستراتيجية “الكبيرة” ستشمل كافة أطياف الشعب بالحوار المجتمعي، وستشترك بها كافة الفئات.
شكري يرى أن إعداد الاستراتيجية الجديدة، يعكس حرص الإرادة السياسية على تعزيز قيم حقوق الإنسان. وأيضًا أمر يؤكد على الحريات الأساسية، التي يجتمع حولها كافة أطياف الشعب.
لم يأت الحديث حول حقوق الإنسان في تصريحات شكري فقط. بل جاء أيضًا خلال لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي، في العاصمة الفرنسية. إذ تطرق الحوار لموضوعات حقوق الإنسان والعنصرية و”الإسلاموفوبيا”.
ويأتي ذلك إلى جانب الاستراتيجية الجديدة التي تأتي في ضوء ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تحديات متصاعدة، والموازنة بين حفظ الأمن والاستقرار الداخلي من جهة، والحفاظ على قيم حقوق الإنسان بمفهومها الشامل من جهة ثانية.
الحوار بين الرئيسين استعرض كذلك الجهود المصرية الرامية لمزيد من تعزيز حقوق الإنسان لكافة المواطنين دون تمييز. وذلك عبر ترسيخ مفهوم المواطنة، وتجديد الخطاب الديني، وتطبيق حكم القانون على الجميع دون استثناء. بالإضافة إلى تحديث البنية التشريعية. خاصة إقرار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي، لتسهيل عمل منظمات المجتمع المدني، وتعزيز قدراتها التنظيمية والمالية.
اقرأ أيضًا: مطالبات حقوقية بحفظ التحقيق في جميع منظمات القضية 173
من سيعد مسودة الاستراتيجية؟
السفير سامح شكري، أوضح في تصريحات صحفية، أن مسودة الاستراتيجية الجديدة لحقوق الإنسان سيعمل على إعدادها الهيئة الاستشارية باللجنة العليا لحقوق الإنسان. إلى جانب عدد من الأسماء الوطنية. على أن تتشاور هذه الأسماء للوصول لمسودة يتفق عليها الجميع، بعد إبداء الملاحظات. وذلك اعتمادًا على المنهج التشاوري والتشاركي عند الإعداد، وإشراك المجتمع المدني بها. ومن المقرر أن تعقد عدة جلسات في القاهرة والمحافظات للتشاور حول الاستراتيجية في الفترة المقبلة.
على أن تقوم الأمانة الفنية للجنة العليا بعرض كافة الملاحظات والمقترحات ذات الصلة، وتشمل المعبر عنها من قبل المجتمع المدني، في جلسات الاستماع التي ستعقد في المرحلة المقبلة على اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان. لتدرس وفق المحددات الوطنية، تمهيدًا لاعتمادها في صورتها النهائية.
والهيئة الاستشارية، التي تساهم في إعداد المسودة الجديدة، مكونة من 25 عضوًا من الشخصيات العامة والخبراء المنتقين في جميع التخصصات المختلفة. وقد تشكلت بقرار رئيس مجلس الوزراء بإنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان.
وتهتم مسودة الاستراتيجة الجديدة بحقوق الإنسان في كافة المجالات، الاقتصادية والاجتماعية وأيضًا السياسية. وتؤكد على أن الاهتمام بحقوق الإنسان ينعكس على الدولة المدنية الحديثة، والتي تنعكس بدورها على التنمية الشاملة للدولة.
خطوات إعداد الاستراتيجية
السفير أحمد إيهاب جمال الدين، الأمين العام للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان ومساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان، قال إن الاستراتيجية تستهدف الارتقاء بحقوق الإنسان في كافة المجالات. وأوضح أن هناك 10 خطوات لإعدادها:
- مخاطبة الوزارات والجهات المعنية. وذلك لموافتها بخططها وبرامجها المستقبلية ذات الصلة بملف حقوق الإنسان، خلال السنوات الخمس المقبلة.
- إدراج حقوق الإنسان بكافة المجالات في وثيقة مصر 2030. وكذلك ربط خطط العمل بين الوثيقة والاستراتيجة سويًا.
- حصر احتياجات الدولة للارتقاء بمجال حقوق الإنسان في مصر.
- الاطلاع على التجارب الدولية المشابهة، والاستفادة منها للوصول لأفضل نتائج.
- دراسة خطط العمل والاستراتيجيات الوطنية، والتي اعتمدت بالفعل. وجاءت ذات صلة بموضوعات حقوق الإنسان، وذلك لتحقيق التكامل بينها وبين الاستراتيجية الوطنية الجديدة لحقوق الإنسان.
- دراسة التوصيات الصادرة لمصر الدولية والإقليمية في مجال حقوق الإنسان. وأيضًا دراسة توصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان، للاستفادة من تلك التوصيات.
- بحث ودراسة كيفية تنفيذ مصر للالتزامات الدستورية. وأيضًا الدولية في مجال حقوق الإنسان.
- الوصول لتعديلات تشريعية، لتعزيز اتساق الإطار التشريعي مع الدستور. وأيضًا الالتزامات الدولية لمصر، في مجال حقوق الإنسان.
- تشكيل هيئة استشارية لإعداد الاستراتيجية الجديدة لحقوق الإنسان. على أن تضم تلك الهيئة 25 من الخبراء المنتقين من المتخصصين في كافة المجالات. وعرض مسودة الاستراتيجية عليهم والاستماع إلى ملاحظاتهم عليها.
- عقد جلسات استماع مع ممثلي المجتمع المدني لتلقي مقترحاتهم حول الاستراتيجية الجديدة، لتضم تلك الجلسات، ممثلين من البرلمان والأحزاب السياسية، وأيضًا الجمعيات الأهلية، وممثلين عن المجلس القومي لحقوق الإنسان.
اقرأ أيضًا: في يومهم العالمي.. الحكومة تستعرض جهودها في حماية حقوق ذوي الإعاقة
أهمية الاستراتيجية
تهدف الاستراتيجية الجديدة، وفقًا لحديث جمال الدين، لإحداث نقلة نوعية في مجال حقوق الإنسان. وتسعى إلى تفعيل قاعدة العمل المتوازي مع كافة المجالات، وربطها بمجال حقوق الإنسان.
إعلاء حقوق الإنسان والاهتمام بها، أمر لا يراه جمال الدين جديدًا بمصر. ويشير إلى أن مصر تدعم المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وأيضًا تعزيز حقوق الإنسان بمفهومها الشامل. وذلك ضمن إطار تخطيط استراتيجى يعبر عن إرادة وطنية جادة، والتزام صادق بتعهدات مصر الدولية، ورؤية مستقبلية شاملة.
وتابع جمال الدين أن جائحة كورونا فرضت الكثير من القيود على العالم. ويضيف أن مصر استطاعت حماية حقوق الإنسان في ظل الجائحة الاستثنائية. ما يؤكد أن مصر ستنجح في إعداد استراتيجية جديدة لمزيد من التقدم في هذا المجال، على حد قوله.
الحريات الدينية
الاستراتيجية الجديدة لا تغفل ملف الحريات الدينية، ومناقشة دور الوزارات المختصة والمؤسسات الدينية. ولا تنفي المبادرات والأنشطة التي تبرز قيم التسامح والحوار، وتتصدى للأفكار المتطرفة.