أظهرت نتائج انتخابات مجلس النواب الجديد حدوث تغييرات في تركيبة برلمان 2021. بعد حصد حزب مستقبل وطن 55% من المقاعد، واكتفاء بعض الأحزاب بكتل رمزية غير مؤثرة، فضلا عن غياب أحزاب أخرى عن المشهد تماما، وسط تساؤلات عن السياسات التشريعية والرقابية التي سيتبعها النواب الجدد.

التشكيل الجديد لمجلس النواب

النتائج النهائية لانتخابات المرحلة الأولى، والحصر العددي المبدئي للمرحلة الثانية، كشف عن حصول حزب مستقبل وطن على نحو 55% من مقاعد المجلس الجديد -المقدرة بـ568 مقعدا- بإجمالي 316 مقعدا، منهم 145 بنظام القائمة من خلال القائمة الوطنية من أجل مصر، و171 بنظام الفردي.

وحل حزب الشعب الجمهوري في المرتبة الثانية في قائمة أحزاب البرلمان بـ50 مقعدا منهم 28 بالقائمة و22 بالفردي، يليه حزب الوفد بحوالي 26 مقعدا منهم 21 بالقائمة و5 بالفردي.

ونجح حزب حماة الوطن في الحصول على 23 مقعدا بالمجلس الجديد، منهم 19 مقعدا بنظام القائمة، و4 بالفردي، يليه حزب مصر الحديثة بـ11 مقدا، وحزب الإصلاح والتنمية بـ9 مقاعد جميعم من خلال القائمة.

وحصدت أحزاب “المصري الديمقراطي والحرية المصري والمؤتمر والنور” على 7 مقاعد، يليهم حزب التجمع بـ6 مقاعد والعدل بمقعدين، وإرادة جيل بمقعد واحد.

وجمع المستقلون 95 مقعدا في المجلس الجديد، منهم 25 بنظام القائمة و70 مقعدا من خلال النظام الفردي، ليحتلوا المركز الثاني خلف “مستقبل وطن”، لكن بعضهم سيعلن انضمامه إلى الحزب صاحب الأغلبية النيابية قبل حلف اليمين، بحسب مصادر حزبية لـ”مصر 360”.

الأرقام السابقة تشير إلى تغييرات كبيرة في المجلس الجديد، على خلاف تركيبة مجلس النواب الحالي، والذي حصد فيه حزب المصريين الأحرار المركز الأول بـ65 مقعدا ليخرج هذه المرة صفر اليدين في الانتخابات الأخيرة، يتبعه مستقبل وطن بـ50 مقعدا، ثم الوفد بـ45 مقعدا، وحماة وطن 17 مقعدا، والشعب الجمهوري 13 مقعدا، والموتمر والنور 12 مقعدا لكل منهم.

اقرأ أيضا:

الجولة الأولى: كيف تجنب مستقبل وطن الخسارة في دوائر الجيزة؟.. وهزائم الوفد لا تتوقف

«برلمان متعاون»

الأرقام والمؤشرات السابقة، تشير إلى أن مجلس النواب المقبل سيكون متعاونا مع الحكومة بشكل أكبر من البرلمان المنتهية ولايته، في المجالين التشريعي والرقابي، بحسب بحث لمركز الإمارات للدراسات.

وذكر المركز أن البرلمان المقبل والمتضمن أغلبيته من الحزب الداعم للدولة، سيؤيد التشريعيات التي ترد إليه من الحكومة، بشكل أكبر من البرلمان الحالي، إذ إن الأخير كانت الانتماءات الحزبية الداعمة للدولة لا تتسم بالتماسك رغم وجودها بقوة.

وتابع المركز: “الأعضاء الداعمون للدولة في البرلمان الجديد سيكونون مُنضوين تحت لواء مستقبل وطن، وهو حزب يبدو أكثر تماسكاً وليس تنظيماً هلامياً غير محدد المعالم. وهذا الحزب رغم حداثته، ترتكز ضمانة بقائه على مؤسسات الدولة ذاتها”.

وبالنسبة للمبادرات التشريعية التي سيتقدم بها أعضاء البرلمان، أوضح المركز أنه كما كان حاصلاً في البرلمان الحالي سيكون تمريرها دون إزعاج مرتبط بالجهة التي تقدمها؛ وأنها ستكون مضمونة العواقب لو قُدِّمت من أعضاء مستقبل وطن، والأحزاب القريبة منه في التوجه كحماة وطن والشعب الجمهوري. 

ولفت إلى أن المبادرات التشريعية من المستقلين والأحزاب الأخرى بمن فيها الأحزاب الفائزة ضمن “القائمة الوطنية من أجل مصر”، كالمصري الديمقراطي الاجتماعي والتجمع والمؤتمر، فستلقى مصاعب شتى في مساعيها لتمرير مقترحاتها التشريعية من قبل الأغلبية البرلمانية أو حتى من قبل إدارة المجلس.

شكل الرقابة في مجلس النواب الجديد

وفي المجال الرقابي -الخاص توجيه الأسئلة وطلبات الإحاطة والاستجوابات وتشكيل لجان تقصي الحقائق- بين المركز أن أعضاء المجلس الجديد سيصنفون على الأرجح وفقاً لمعيارين؛ أولهما متصل بطبيعة أدوات الرقابة البرلمانية، وهنا سيتجه الأعضاء المنتمين لمستقبل وطن والأكثر قرباً منهم لاستخدام آليات رقابية محدودة التأثر، كالأسئلة وطلبات الإحاطة.

ولفت إلى أن الأحزاب الأكثر معارضة للحكومة سيتجهون إلى توجيه الاستجوابات أو طلب تشكيل لجان تقصِّي حقائق لمواجهة أية اتهامات بالفساد الإداري، لافتا إلى أن تلك الطلبات سترفض -على الأرجح- كما كان يحدث في البرلمان الحالي، وستواجه بقيود تفرضها الأغلبية إن نوقشت أو بقيود قد تفرضها إدارة المجلس قبل أن تحسم مصير مناقشاتها من عدمه.

“رقابة خدمية”

وأكد أن الغالبية العظمى من أدوات الرقابة البرلمانية ستتوجه غالبا إلى الشأن الخدمي المتصل بأمور مثل الصحة والتعليم والزراعة الري والضمان الاجتماعي وتوافر السلع والطرق والبنية التحتية..”، منوها بأن غالبية طلبات الرقابة البرلمانية ستوجه بحكم النظام الانتخابي الأغلبي – الذي يُؤثر مصلحة الدوائر على مصلحة الأمة، والخدمات الضيقة على السياسات العامة – لأبناء الدائرة وليس للدولة ككل. 

وتوقع المركز بروز أدوات رقابة كثيرة داخل المجلس تتصل بتعبيد الطرق والجمعيات الزراعية ومكاتب الصحة ومديريات التعليم في المدن والقرى والجهويات، أكثر بكثير من توجيه تلك الطلبات نحو السياسات العامة، مشددا على أن الأعوام الخمسة المقبلة المقبلة ستشهد حالة هدوء في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، 

وذكر أن تلك الحالة ربما تُنتَقَد من آخرين خارج البرلمان بسبب كثافة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأن تلك الكثافة ربما تُحرِّك الأعضاء على اختلاف توجهاتهم لممارسة الضغط المحسوب على الحكومة لتنفيذ إصلاحات تحظى بالدعم الشعبي قدر الإمكان.   

 “لا سيطرة على البرلمان”

عضو مجلس الشيوخ والأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن، عصام هلال عفيفي، أكد أن التركيبة الجديدة لمجلس النواب “مميزة” وستثري الحياة السياسية كونها تركيبة متنوعة ضمت جميع الأطياف السياسية سواء بالنسبة للفردي أو القائمة، مشيرا إلى أنه سيكون هناك تعاونا بين الجميع من أجل مصلحة الوطن والمواطن.

وذكر في تصريحات لـ”مصر 360″، أن الأغلبية الموجودة لحزب مستقبل وطن ليست الأغلبية التي تدعوا إلى الاحتقار أو السيطرة الكاملة على المجلس، منوها بأن التركيز في المجلس الجديد لن يقتصر على إصدار التشريع فقط، ولكن أيضا متابعة تنفيذ التشريعات من خلال آليات الرقابة المقررة للمجلس.

“لا ائتلافات”

وأشار الأمين المساعد لحزب مستقبل وطن، إلى أن الحزب لن يلجأ إلى تكوين ائتلاف على غرار ائتلاف “دعم مصر” كما كان في البرلمان الحالي، في ظل حصده عددا كبيرا من المقاعد، على عكس البرلمان الحالي والذي لم يكن فيه أغلبية أو كتل صلبة داخل المجلس، مؤكدا أنه لا يوجد مبرر حاليا لوجود ائتلاف في البرلمان.

ولفت إلى أن الحزب سيحرص على التواصل والتنسيق مع الهيئات البرلمانية الموجودة داخل المجلس خلال السنوات الخمس المقبلة، وأنه سيستمر في التواصل مع جميع الأحزاب السياسية سواء الممثلة داخل المجلس أو غير الممثلة في إطار سياسته المتبعة لمناقشة كافة القضايا والتوافق حيالها.

الانتخابات لا تفرز الأصلح دائما

وبرأي المفكر السياسي جمال أسعد، لا يمكن القول إن الانتخابات تفرز الأصلح، أو تتم بالصورة الديمقراطية المطلوبة، في ظل وجود وصايات “سياسية ودينية وقبلية واقتصادية.. وغيرها”، ما جعل الحياة الحزبية لا تأخذ مسارها المضبوط. مؤكدا أن البرلمان الحالي ليس إفرازا لحياة سياسية حقيقية.

وأوضح في تصريحات لـ”مصر 360″، أن حزب مستقبل وطن رغم حصوله على الأغلبية في البرلمان لا يملك رؤية سياسية واضحة أو يمتلك كوادر تستطيع طرح برنامجه.

ويقترح أسعد ضرورة إعادة تأهيل الكوادر التي تم انتخابها مؤخرا بما يتناسب مع العمل النيابي ليتمكنوا من أداء دورهم بالشكل المطلوب. 

 

اقرأ أيضا: كيف سقطت أحزاب المعارضة من آخر عربات قطار برلمان 2020؟

مستقبل المعارضة في المجلس الجديد

ومع فقدان نواب تكتل “25 – 30” عدا النائبان ضياء الدين داوود وأحمد الشرقاوي، مقاعدهم داخل المجلس الجديد، بدأ التساؤل حول وجود المعارضة في المجلس، خصوصا مع خوض أحزاب “الإصلاح والتنمية والمصري الديمقراطي والتجمع والعدل” الانتخابات على قائمة مستقبل وطن.

ضياء الدين داوود
ضياء الدين داوود

وقالت مصادر برلمانية لـ”مصر 360″، إنه يجرى الآن التنسيق بين الأحزاب الأربعة لتكوين ائتلاف من نوابه يحمل راية المعارضة في المجلس الجديد، وأنه من المحتمل انضمام أحزاب أخرى ومستقليين إلى الائتلاف، مشيرة إلى أن عددهم سيفوق عدد نواب تكتل “25 – 30″، في ظل حصول الأحزاب الأربعة على مقاعد أكبر في المجلس.

ورأى أسعد أن أحزاب المعارضة الموجودة داخل المجلس لن تستطيع أداء الدور المطلوب منها في ظل خوضها الانتهابات على قائمة أحزاب الموالاة، ولن تشكل فارقا داخل المجلس، منوها بأن هدفها من المشاركة في الانتخابات لم يكن أداء دور سياسي بقدر الحصول على مقاعد بالمجلس لصالح قياداتها.