يوم الخميس الماضي، تلقت مصر أول شحنة من لقاح كورونا الصيني “سينوفارم”، قادمة من الإمارات هدية لمصر. وفي حين لم يتضح عدد الجرعات التي طلبتها القاهرة، إلا أن وزيرة الصحة هالة زايد، أكدت أن هناك مزيدًا من الشحنات في الأيام المقبلة.

وقالت هالة زايد، إن مصر ستتلقى دفعات اللقاح على التوالي، وستقدم الجرعات للمواطنين مجانًا.

وأكدت الوزيرة أن اللقاح الصيني حصل على موافقة طارئة من منظمة الصحة العالمية، مشيرة إلى توقيع مصر اتفاقًا مع التحالف العالمي للقاحات والتحصين من أجل تأمين جرعات لقاح أخرى.

وتعد مصر التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة، سوقًا كبيرة للقاحات، لذا أعلنت روسيا في سبتمبر الماضي عن صفقة لتزويد مصر بـ25 مليون جرعة من لقاح “سبوتنيك في”.

وحسب تصريحات وزير الإعلام أسامة هيكل، تأتي مصر أولًا في أفريقيا، وثانيًا عربيًا بعد الإمارات، في الحصول على لقاح كورونا. وتأتي مصر في مقدمة الدول الحاصلة على اللقاح الصيني، بعد المشاركة بالتجارب السريرية للقاح، والتي كانت وزيرة الصحة أحد المتطوعين بها.

اقرأ أيضًا: 100 عقار وتطورات غامضة.. كورونا يواصل انتهاك الحياة

الخوف من اللقاح الصيني

“إحنا نفسنا كقطاع صحة مرعوبين”، هكذا قالت “م.ع” الصيدلانية بإحدى قطاعات الصحة الحكومية، كاشفة أن عددًا كبيرًا من زملائها قرروا عدم أخذ اللقاح:

: “ليس لدينا معلومات كافية عنه، ولا عن نتائج أبحاثه أو نتائج التجارب الخاصة به”، هكذا عبروا عن أسباب رفضهم.

وأشارت الصيدلانية إلى إصابة أشخاص من الولايات المتحدة، تلقوا لقاح فايزر وبيونتك، بـشلل بيل، معتبرةً أنها ربما تكون إشارة إلى أعراض جانبية مضاعفة للقاح الصيني.

غير أن هذه الإصابات تأتي ضمن المعدلات الطبيعية التي لا تشكك في سلامة اللقاح، وفقًا لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية وهيئة تنظيم الأدوية البريطانية,

Stop_Coronavirus_COVID-19-604x270.jpg (604×270)

من جهة أخرى، أوضح حسن إبراهيم، وكيل النقابة العامة للصيادلة في مصر سابقًا، عبر منشور على فيسبوك، أن اختيار مصر للقاح الصيني، جاء لأربعة أسباب، هي:

1. اللقاح الصينى يحفظ فى دراجة حرارة من 2 إلى 8 مئوية. وفي مصر يوجد البنية التحتية لحفظ أي كميات في هذه الحرارة. بينما لقاح فايزر يحفظ فى دراجة حرارة 70 تحت الصفر، ولا يوجد في مصر البنية اللازمة لحفظ اللقاح في هذه الدرجة.

2. لقاح الصين أكثر أمنًا لأنه يصنع من جزيئات فيروس ميت، أما لقاح فايزر فيصنع من جزيئات ريبوزوم للفيروس، وهي تكنولوجيا جديدة لا نعرف مدى أمنها الكامل حتى الآن.

3. الصين وافقت إعطائك اللقاح، ومن أول الدول أيضًا. لكن فايزر ستعطي الأولوية لدول أوروبا وأمريكا.

4. لقاح الصين هو اللقاح الذي جُرّب في مصر من عدة شهور، فبالتالي لدى وزارة الصحة المصرية كل المعلومات اللازمة عن نتائج تجربته.

بيرو توقف اللقاح والبحرين تقره

لم تكن مصر والإمارات الوحيدتين اللتين أقرا استخدام اللقاح. ففي البحرين، يمكن للمواطنين والمقيمين الذي تزيد أعمارهم عن 18 عامًا التسجيل عبر الإنترنت للحصول على اللقاح مجانًا مثلما أعلنت وزارة الصحة البحرينية في بيان على حسابها بإنستجرام. لكن لم يحدد البيان الصادر يوم الأحد أي لقاح من اللقاحين، الذين طورتهما شركة سينوفارم، حصل على الموافقة.

يأتي هذا بعدما أعلنت حكومة بيرو السبت الماضي إيقاف التجارب السريرية مؤقتًا على لقاح سينوفارم؛ بسبب أعراض جانبية شديدة وخطرة ظهرت على أحد المتطوعين، فقد عانى أحد المتطوعين من انخفاض في قوة ساقيه من بين أعراض أخرى.

وتعمد وزارة الصحة إلى التحقيق في ما إذا كان الحدث له علاقة باللقاح، أو هناك تفسير آخر. يأتي هذا بعدما كانت شركة سينوفارم على وشك إنهاء المرحلة الأولى من التجارب السريرية على حوالي 12 ألف متطوع في بيرو.

كانت البيانات التي استشهدت وزارة الصحة البحرينية بها هي نفسها التي أعلنتها الإمارات العربية المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر، وأوضح بيان البحرين أن المملكة شاركت في تجارب المرحلة الثالثة حيث شارك 7700 شخص في التجارب السريرية. وسمحت باستخدامه للمختصين في الخطوط الأمامية هذا، بعد أن منحت البحرين في وقت سابق من هذا الشهر تصريح استخدام طارئ للقاح فايزر-بيونتك. 

اقرأ أيضًا : لقاح كورونا.. ترقب عالمي لساعة الخلاص من الفيروس

ما هي سينوفارم المصنعة للقاح؟

وتعد شركة سينوفارم الصينية المصنعة للقاح مجموعة مملوكة للدولة، ولديها لقاحان مرشحان من بين خمسة لقاحات تجريبية صينية تخضع لتجارب المراحل النهائية دوليًا.

جدير بالذكر أن اللقاح لم يختبر في الصين؛ لأن الانتشار المحلي للفيروس منخفض جدًا. كما لا توضح التصريحات العامة للشركة أي من اللقاحين المحتملين يتم التحدث عنه.

وتعتبر سينوفارم من بين شركتي أدوية صينيتين -الأخرى تدعى سينوفاك- رائدتين في مجال صناعة الأدوية، وقد ابتكرا لقاحاتهما عبر الطريقة التقليدية المتمثة في استخدام فيروس غير نشط لتحفيز الاستجابة المناعية. وعلى الرغم من صعوبة تصنيعهما بسرعة أكبر من غيرهما، واحتمالية إحداث استجابة مناعية غير المتوازنة، لكن أحرزت هذه المنهجية نجاحًا عبر التاريخ.

 

vaccine-4946480_1280.jpg (1280×993)

لقاح سينوفارم الأقل فاعلية

 الإمارات العربية المتحدة قالت هذا الأسبوع إن التجارب السريرية للقاح سينوفارم، التي أجريت على 31 ألف متطوع، من 125 جنسية مختلفة، تلقى خلالها المتطوعون، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عامًا جرعتين على مدار 28 يومًا،  أظهرت فاعلية بنسبة 86%. 

وهذا يضع لقاح سينوفارم في المؤخرة، بعدما أظهرت التجارب السريرية أن فاعلية لقاح كل من فايزر-بيونتك وموديرنا 95%، بينما ارتفعت فاعلية لقاح أسترازينيكا من 70% إلى 90%، بعدما أعطيت نصف جرعة اللقاح في البداية، ثم جرعة كاملة بعد أربعة أسابيع.

ويعتمد لقاح سينوفارم على تقنية مجربة باستخدام فيروس ميت لإيصال اللقاح، مثل لقاحات شلل الأطفال، بينما يستخدم المنافسون الغربيون مثل فايزر وشريكتها الألمانية شركة بيونتك تقنية أحدث -غير مؤكد فاعليتها- عن طريق استهداف بروتينات فيروس كورونا باستخدام الحمض النووي الريبي، وقد بدأت المملكة المتحدة بالفعل في تطعيم الناس بلقاح فايزر-بيونتك.

مليون جرعة طارئة بالصين

ومن جانبها، كانت قد أعلنت سينوفارم إعطاء مليون شخص بالصين جرعات طارئة، وأن المرضى ظهرت عليهم أعراض خفيفة، لكن افتقار الشركة للشفافية أثار قلق خبراء الصحة؛ حيث تعرضت لانتقادات لطرحها اللقاح على نطاق واسع، قبل اكتمال التجارب السريرية.

وادعى ليو جينغ تشن -رئيس شركة سينوفارم، في مؤتمر في نوفمبر الماضي إنه من بين 56 ألف شخص تلقى لقاح الشركة لفيروس كورونا، وسافروا خارج البلاد، لم يصب أي منهم بالعدوى، وأنه تم تطعيم نحو 81 من أصل 99 موظفًا في مكتب هواوي بالمكسيك، ولم يصابوا بفيروس كورونا؛ بينما أصيب 10 من الموظفين غير الحاصلين على اللقاح.

مثلما قال إن عشرات الدول طلبت شراء لقاح الشركة، دون ذكر أسماء البلدان، أو توضيح كمية الجرعات التي طلبوها؛ لكنه أكد أن الشركة قادرة على إنتاج أكثر من مليار جرعة في عام 2021.

14950675740_191bd10378_b.jpg (1024×682)

اللقاح ما زال قيد التجربة

جرى الموافقة على لقاح سينوفارم في عدد قليل من البلدان، وتجري الشركة تجارب سريرية في 10 دول، بما في ذلك الأرجنتين والإمارات المتحدة والمغرب. حيث لا تزال لقاحات الشركة في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، في كل من مصر والبحرين وبيرو والأرجنتين.

وتعد الإمارات العربية المتحدة أول دولة خارج الصين توافق على الاستخدام الطارئ للقاح سينوفارم؛ فقد بدأت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح في يوليو الماضي، وتم مد التجربة لتشمل البحرين والأردن ومصر.

حيث قال جمال الكعبي –مدير دائرة خدمة العملاء والاتصال المؤسسي بهيئة صحة أبو ظبي، في تصريحات صحفية أن ما يقرب من 100 ألف متطوع قد تلقى اللقاح حتى الآن.  ومنهم كبار المسئولين في الإمارات، بما في ذلك  الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، الذين تلقوا اللقاحات علنًا كجزء من اختبار اللقاح.

اقرأ أيضًا : لقاح كورونا| المتشككون يزدادون.. هل نحن بحاجة للتطعيم ضد المرض؟

مثلما أعلنت وزارة الصحة الإمارتية، في بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات الرسمية، التحليل المؤقت لتجارب المرحلة الثالثة لشركة سينوفارم، مؤكدة أن التحليل لا يظهر مخاوف جدية تتعلق بالسلامة، لكن دون أن يوضح بالتفصيل ما إذا عانى المشاركون من آثار جانبية.

وتأمل الإمارات التعاون مع سينوفارم لإنتاج ما بين 75 و100 مليون جرعة العام المقبل. 

وتخطط المغرب أيضًا للاعتماد على سينوفارم من أجل تطعيم 80% من البالغين. حيث طلبت نحو 10 ملايين جرعة من لقاحات سينوفارم.

وتمهد موافقة الإمارات الطريق لاستخدام لقاح سينوفارم على نطاق واسع في العالم النامي، بعكس لقاحات فايزر-بيونتك وموديرنا، التي تتطلب تخزينًا في درجات حرارة شديدة البرودة، يمكن تخزين لقاحات سينوفارم في ثلاجات عادية؛ ما يجعل النقل والتوزيع أكثر سهولة خاصة في بعض البلدان النامية التي تفتقر إلى قدرات التخزين البارد.

 

syringe-4966959_1280.jpg (1280×701)

وعود متضاربة

قدمت الصين وعودًا متضاربة لعدد من البلدان النامية والمناطق ذات الأولوية للحصول على لقاحاتها، فيما أطلق عليه بعض المحللين «دبلوماسية اللقاحات» لكنهم لم يحددوا أي تلك البلدان. إلا أنه في أكتوبر، أعلنت الصين انضمامها لمبادرة Covax الدولية التي تهدف لضمان الوصول العالمي العادل.

لا توجد معلومات محدد عن الجرعات المنتجة، لكن وفقًا لعدد من التقارير الإعلامية، قد تنتج سينوفارم نحو 100 مليون جرعة هذا العام، وقد تتسع قدرتها لإنتاج 300 مليون جرعة. فيما قالت السلطات الصحية أنه بحلول نهاية هذا العام سيكون لدى الصين 600 مليون جرعة جاهزة للسوق.

ولم تذكر السلطات أي لقاحات الشركة سيتم طرحها، لكنها وصفتها بأنها لقاحات غير النشطة، وحصرتها في تلك التي طورتها سينوفارم وسينوفاك.