تزخر الأجندة التشريعية لمجلس النواب الجديد، بعدد من القوانين “الضرورية والشائكة”، المنتظر حسمها في أسرع وقت، بعد فشل البرلمان الحالي في تمريرها خلال السنوات الخمس الماضية، رغم إقرار بعضها في اللجان أو بشكل مبدئي في الجلسة العامة، لعدم التوافق حولها، سواء رسميًا أو مجتمعيًا.

الإدارة المحلية على أجندة البرلمان الجديد

يعد قانون الإدارة المحلية من أبرز القوانين على أجندة البرلمان الجديد، بعد أن فشل البرلمان الحالي في إقرار القانون على مدار ست دور تشريعية، رغم الموافقة على مشروع القانون من قبل لجنة الإدارة المحلية، وإرساله إلى هيئة مكتب المجلس في دور الانعقاد الثاني، لكن لم يُناقش القانون سوى في دور الانعقاد الخامس، وتحديدًا في ديسمبر من العام الماضي.

وبسبب خلافات رئيس مجلس النواب علي عبدالعال، مع نواب “دعم مصر”، أثناء جلسة مناقشة القانون؛ تعطل إقراره، خاصة بعد توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بإجراء حوار مجتمعي، ليبقى الأمل في خروج القانون إلى النور، في يد أعضاء البرلمان الجديد، وتحديدًا نواب “مستقبل وطن” صاحب الأغلبية.

ويحيط الغموض بمستقبل القانون، خاصة في ظل وجود خلافات حوله، والتشكيك في إمكانية إجراء انتخابات المجالس المحلية خلال الفترة القليلة المقبلة، فضلًا عن مطالبة الأحزاب بالتروّي في إقراره، وتأجيل الانتخابات لحين تجهيز مرشحيهم وتأهليم لخوض الانتخابات.

لكن اللواء محمد صلاح أبو هميلة، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، قال إن قانون الإدارة المحلية سيكون له الأولوية داخل البرلمان الجديد، في ظل الاتجاه الموجود حاليًا داخل الدولة، نحو إقراره في أسرع وقت.

اقرأ أيضًا: البرلمان في 5 سنوات.. غابت الرقابة وانتصر التشريع

وفي تصريحاته لـ”مصر360″، توقع أبو هميلة أن “تفصل مواد انتخابات مجالس الإدارات المحلية عن قانون الإدارة المحلية، لأن الوقت الحالي غير مناسب لإجراء الانتخابات، أو يصدر القانون ويتم تحديد تاريخ تنفيذ لإجراء الانتخابات بعد فترة”، مشيرًا إلى حاجة الدولة إلى بعض الوقت، بعد إجراء انتخابات النواب والشيوخ، وكذلك الأحزاب التي تحتاج لتجهيز كوادرها للدفع بها في انتخابات المحليات.

قنابل موقوتة

تزخر أجندة المجلس الجديد بست قوانين، يمكن وصفها بـ”القنابل الموقوتة”، بسبب الإشكال الحاصل حول بنودها. وفي مقدمة هذه القوانين، قانون الإجراءات الجنائية، الذي أحدث جدلاً في البرلمان الحالي، إذ رفضت الحكومة مشروع القانون الذي قدمه رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية السابق بهاء الدين أبو شقة، وتمسكت بمشروع القانون الذي قدمته ووافقت عليه لجنة الشؤون الدستورية في دور الانعقاد الثالث.

وتكمن أهمية قانون الإجراءات الجنائية في أن إقراره سيسرع إنهاء القضايا بدلاً من استمرارها داخل أروقة المحاكم لعشرات السنين، مع عجز المواطنين عن الحصول على حقوقهم لطول أمد التقاضي، خاصة أن القانون المعمول به حاليًا صادر قبل 83 عامًا، وسط تأكيد على ضرورة عدم الإخلال بحقوق المتهمين.

ويواجه قانون الأحوال الشخصية، نفس الموقف، إذ فشل مجلس النواب الحالي في إقرار مشروعين للقانون تقدم بهما كل من النائب محمد فؤاد والأزهر. وتسبب مشروع القانون المقدم من الأزهر جدلاً كبيرًا لتضمنه موادًا لاقت رفضًا على مستوى المجلس، ومجتمعيًا أيضًا.

البرلمان الجديد
من المتوقع أن قانون الإجراءات الجنائية سيأتي على رأس الأجندة التشريعية للبرلمان الجديد

عدم حسم قانون الأحوال الشخصية، دفع وزارة العدل للإعلان في دور الانعقاد الخامس، عن إعداد مشروع قانون، وتقديمه لمجلس الوزراء تمهيدًا لإقراره وإرساله للنواب، لينتهي عمر البرلمان دون إقرار القانون، وسط أمل في أن يحسم البرلمان الجديد الأزمة، خصوصًا أن القانون المعمول بها حاليًا صدر عام 1985.

ومن ضمن القوانين التي تنتظر الحسم، قانون الإيجار القديم، والذي لم يُتطرق إليه على مدار عمر المجلس الحالي، رغم تقديم النائب عاطف ميخائيل مشروع قانون، ومطالبات أصحاب حوالي ثلاثة ملايين شقة إيجار قديم، بالبت في القانون وإنهاء حالة الخلاف المستمرة على مدار العقود الماضية. لكن الأوضاع تشير إلى أن القانون لن يكون له أولوية في ظل الأزمة المجتمعية التي قد يتسبب فيها.

ويأتي قانون الإيجار غير السكني ضمن القوانين الشائكة على أجندة المجلس الجديد، بعد رفض رئيس مجلس النواب مناقشة مشروع تعديل أحكام قانون تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر للأغراض الشخصية، عقب الخلاف الناشئ وبين ائتلاف الأغلبية بشأن دستورية التعديل، لأنه “لا يساوي بين الأشخاص الطبيعية والاعتبارية” على حد قوله.

كما يأتي قانون العمل ضمن قائمة الأولويات الضرورية في أجندة المجلس الجديد، بعد الفشل في إقراره خلال السنوات الخمس الماضية، رغم عقد جلسات استماع وحوار مجتمعي بحضور كل الاتحادات والنقابات العمالية واتحادات الغرف التجارية والمعنيين بالقانون، وموافقة الحكومة وأصحاب الأعمال على المشروع المقدم، بحسب تصريحات سابقة للنائب محمد وهب الله.

ويعد مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء المصرية، الاستثناء الوحيد في القوانين التي لم يتمكن البرلمان من مناقشتها، فرغم أن الجلسة العامة للمجلس أقرت مشروع القانون في يوليو الماضي، إلا أن رفض الأزهر، وشيخه أحمد الطيب، وطلب الأخير حضور الجلسة العامة لإقرار القانون نهائيًا بعد بيان رفض الأزهر له باعتباره “يحتوي مخالفات دستورية”؛ أجبرت البرلمان على عدم إقرار القانون، رغم إدراجه في جدوله، وسط توقعات أن يظل القانون حبيس الأدراج.

قوانين بحاجة إلى دراسة

أكد الأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن، المستشار عصام هلال عفيفي، أن مؤجلات البرلمان الحالي، سيكون لها الأولوية في قائمة مشاريع قوانين البرلمان الجديد، موضحًا أن آليات العمل في المجلس الجديد هي التي ستحدد موعد إقرارها، لأن أغلبها يحتاج إلى دراسة مستفيضة.

وقال عضو مجلس الشيوخ لـ”مصر 360″، إن مجلس النواب الجديد “يمتلك ميزة نسبية عن البرلمان الحالي، تتمثل في وجود مجلس الشيوخ، ما سيساهم في إثراء التشريع المنظور، وسرعة إقرار القوانين المنتظرة بالصورة التي ترضي الجميع”، لافتًا إلى أن حزبه يضع ضمن أولوياته أيضًا أن يقوم مجلس النواب المقبل بالرقابة على تنفيذ التشريعات، سواء الموجودة أو الصادرة حديثًا.

اقرأ أيضًا: برلمان 2021| بين أغلبية متعاونة ومعارضة أقل تأثيرا

من جانبه، قال نائب رئيس حزب مستقبل وطن، المهندس حسام الخولي، إن الحزب، حتى الآن، لم يناقش الأجندة التشريعية المقبلة المقرر العمل بها في دور الانعقاد الأول للبرلمان المقبل. وأضاف الخولي لـ”مصر360″، أن سيجرى اجتماع بين نواب الحزب أولاً من أجل تحديد خارطة الطريق المقرر العمل بها داخل المجلس، ووضع الأجندة وتحديد الألويات الخاصة بالحزب.

ومن جهة حزب الشعب الجمهوري، فوفقًا لمحمد صلاح أبو هميلة، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، فلا يزال حزبه يعمل على إعداد أجندته التشريعية، إلا أنه أكد أن بعض القوانين المؤجلة من المجلس الحالي، ستكون على رأس أولويات الحزب والمجلس “نظرًا لأهميتها”، قائلاً: “بعض القوانين سيتم النظر فيها وإقرارها في ظل الحاجة الماسة إليها، والبعض الآخر قد يتأخر قليلاً بسبب حاجته إلى دراسة أكبر”.

وعلى ما يبدو سيكون قانون الإجراءات الجنائية في قائمة القوانين التي ستحسم سريعًا، وفقًا لأبو هميلة، الذي قال أيضًا إن قانون الأحوال الشخصية يمكن تأجيله، بسبب حالة “الجدل والشد والجذب” أثناء مناقشته داخل البرلمان، وكذلك لحاجته إلى “وقت أكبر للوصول للصيغة النهائية المضبوطة”، مؤملًا على أن يساهم مجلس الشيوخ بشكل كبير في تجاوز العقبات المقبلة.